روحاني يؤكد أن العقوبات لن تفلح في تغيير نهج بلده.. ويقدم حكومة تكنوقراط

واشنطن تبدي رغبتها في العمل مع طهران إذا أظهرت «جدية»

الرئيس الإيراني حسن روحاني يلقي خطابا أمام البرلمان بحضور وفود أجنبية في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

تولى الرئيس الإيراني حسن روحاني الرئاسة رسميا أمس، داعيا إلى «احترام متبادل» في العلاقات الدولية، ومعتبرا الحوار هو الحل الأمثل للخلافات القائمة بدلا من العقوبات المفروضة على بلاده. وقدم روحاني حكومته المؤلفة من تكنوقراط ذوي خبرة، على أن تضع في رأس سلم أولوياتها السعي إلى إنهاض اقتصاد أنهكته عقوبات اقتصادية وإقامة علاقات جيدة مع الغرب حول الملف النووي.

وقد قدم روحاني لائحة بأسماء وزراء حكومته أمام مجلس الشورى بعيد قسم اليمين، مع أن الدستور يتيح له فترة أسبوعين لإنجاز هذه الخطوة. وأعضاء الحكومة الجديدة الذين يفترض أن يمنحهم مجلس الشورى الثقة خلال عشرة أيام، هم تكنوقراط ذوو خبرة خدموا مع الرئيسين السابقين أكبر هاشمي رفسنجاني والإصلاحي محمد خاتمي.

ومن أبرز الوزراء المقترحين في الحكومة، السفير السابق لإيران لدى الأمم المتحدة بين عامي 2002 و2007 محمد جواد ظريف الذي خصه روحاني بوزارة الخارجية. وقد اضطلعت هذه الشخصية المعتدلة بدور نشط في المفاوضات النووية. والمعروف عنه أنه نسج علاقات مع مسؤولين سياسيين أميركيين عندما كان في منصبه بنيويورك. وقد أنهى دروسه في الولايات المتحدة، حيث حصل على دكتوراه في السياسة والقانون الدولي من جامعة دنفر.

واستعاد بيجن زنغنه، وزير النفط السابق أثناء رئاسة خاتمي، هذه الوزارة في الحكومة الجديدة. وقد أقام علاقات جيدة مع الأعضاء الآخرين في منظمة البلدان المصدرة للنفط. وخدم أيضا في حكومة رفسنجاني وزيرا للطاقة.

وتضم لائحة الحكومة أيضا علي جنتي، نجل آية الله المحافظ أحمد جنتي رئيس مجلس صيانة الدستور المسؤول عن التحقق من تطابق القوانين مع الدستور والشريعة. وخلافا لوالده، يعرف باعتداله وقربه من رفسنجاني. وهو مرشح لمنصب وزير للثقافة.

وعين محمد علي نجفي ومحمد رضا نعمت زادة اللذان خدما في حكومتي رفسنجاني وخاتمي، على التوالي في وزارتي التربية والصناعة والمناجم والتجارة.

ولا تضم الحكومة في المقابل أي امرأة، بينما عين سلف روحاني، محمود أحمدي نجاد للمرة الأولى وزيرة (الصحة) قبل أن يستغني عن خدماتها.

ومنذ فوزه بفارق كبير على منافسيه المحافظين في انتخابات يونيو (حزيران)، علق الكثيرون داخل إيران وخارجها آمالهم في إيجاد حل دبلوماسي لأزمة البرنامج النووي الإيراني على روحاني - رجل الدين المعتدل والمسؤول السابق عن هذا الملف.

أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني الأحد مخاطبا الدول الغربية أن الحل الوحيد مع إيران هو الحوار وليس العقوبات، وذلك في خطاب ألقاه أمام مجلس الشورى بعد أدائه اليمين الدستورية.

وقال روحاني في خطابه متوجها إلى الدول الغربية التي فرضت منذ عام عقوبات اقتصادية غير مسبوقة تخنق اقتصاد البلاد: «لا يمكن إرغام الشعب الإيراني على التنازل (عن حقوقه النووية) بالعقوبات والتهديدات بالحرب، إن الطريقة الوحيدة للتعامل مع إيران هي الحوار على قدم المساواة وفي إطار الاحترام المتبادل لخفض مستوى العداء». وأضاف: «إذا أردتم ردا مناسبا، فلا تستخدموا لغة العقوبات، بل الاحترام».

وفي إشارة إلى المفاوضات حول الملف النووي، قال إن «الشفافية مفتاح الثقة، لكنها لا يمكن أن تكون من جانب واحد ودون آلية عملية في العلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف». وأضاف أن «ما يحدد طريقنا هو الانفراج والثقة المتبادلة والبناءة، أعلنها بوضوح أننا لم نبحث أبدا عن الحرب مع العالم».

وحاول أيضا طمأنة دول المنطقة، مؤكدا أن «الجمهورية الإسلامية تبحث عن السلام والاستقرار في المنطقة»، موضحا: «إن إيران تعارض تغيير الأنظمة السياسية أو الحدود بالقوة أو بالتدخلات الأجنبية». وتابع: «أعلن أن الجمهورية الإسلامية تبحث عن السلام والاستقرار في المنطقة، أن إيران ساحة استقرار في منطقتنا المضطربة، أننا لا نسعى إلى تغيير الحدود والحكومات. أن الأنظمة السياسية في كل بلد مرتبطة بإرادة شعبها».

ويبدو أن واشنطن منفتحة على التواصل مع طهران بحكومتها الجديدة. وفي بيان صادر عن البيت الأبيض أمس، قال الناطق باسم الرئاسة الأميركية إن الولايات المتحدة ستكون «شريكا ذي إرادة حسنة» في الملف النووي الإيراني في حال التزمت الحكومة الإيرانية الجديدة «بشكل جوهري وجاد باحترام واجباتها الدولية».

وجاء في البيان: «إن تنصيب الرئيس روحاني يشكل فرصة لإيران من أجل التحرك سريعا لطمأنة المخاوف الكبيرة لدى الأسرة الدولية بشأن برنامجها النووي». وأضاف البيت الأبيض: «إن اختارت هذه الحكومة الجديدة الالتزام بشكل جوهري وجاد باحترام واجباتها الدولية وإيجاد حل سلمي لهذه المشكلة، فإن الولايات المتحدة ستكون شريكا ذي إرادة حسنة». وهنأت الرئاسة الشعب الإيراني «لإسماعه صوته»، مشيرة إلى أن «الرئيس روحاني أقر بأن انتخابه يشكل نداء من الإيرانيين من أجل التغيير». وأضافت: «نأمل أن تأخذ الحكومة الجديدة بإرادة الناخبين باتخاذها الخيارات التي ستحسن حياة الإيرانيين».