وضع مرسي «حجر عثرة» في طريق حل يدعمه دبلوماسيون غربيون وعرب

الزرقا لـ «الشرق الأوسط» : «الإخوان» وضعوا قواعد سياسية جديدة تجعل التعامل الأمني معهم باهظ التكلفة

مؤيدون للرئيس المعزول محمد مرسي يعلقون صورا وشعارات على بوابة مكتب النائب العام بوسط القاهرة خلال مظاهراتهم أمس (رويترز)
TT

قالت مصادر مطلعة على سير المفاوضات التي تجري حاليا بين طرفي الأزمة الرئيسين في مصر (الجيش وجماعة الإخوان المسلمين) إن الحل السياسي الذي تدفع عدة دول عربية وغربية لتحقيقه عالق في تجاوز عقبة وضع الرئيس المعزول محمد مرسي.

وبات مأمولا أن تنجح جهود الوساطة التي تقوم بها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي والإمارات وقطر، خصوصا بعد أن مدد نائب وزير الخارجية الأميركي وليم بيرنز، ووزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، زيارتهم للقاهرة ليوم آخر مجددا.

قال بسام الزرقا نائب رئيس حزب النور السلفي، إن «وضع مرسي هو (التحدي الأبرز) أمام الوصول لاتفاق يعمل على إنجازه دبلوماسيون غربيون وعرب»، مؤكدا أن جماعة الإخوان المسلمين نجحت في «إرباك القيادة السياسية المؤقتة»، ووضعت قواعد جديدة لـ«اللعبة السياسية» من شأنها أن تجعل قرار التعامل الأمني معها «باهظ التكلفة».

وعزل قادة الجيش مرسي عقب مظاهرات غير مسبوقة مطلع الشهر الماضي، طالبت بسحب الثقة منه. ووضع الجيش خارطة مستقبل سياسي، وعين رئيس المحكمة الدستورية كرئيس جديد للبلاد، لكن جماعة الإخوان أبدت تصلبا أمام قبول الأمر الواقع الجديد.

وتلقي الولايات المتحدة الأميركية بثقلها لدعم إطار للحل بإرسال السيناتور جون ماكين والسيناتور ليندسي جراهام عضوي لجنة الدفاع والقوات المسلحة بالكونغرس الأميركي، في زيارة للقاهرة بدأت أمس وتستمر يومين. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية إن الزيارة تأتي بناء على طلب من الرئيس الأميركي باراك أوباما لإجراء مباحثات مكثفة مع المسؤولين المصريين والأطراف المعنية بالتطورات على الساحة الداخلية.

وقال الزرقا، الذي عمل في وقت سابق مستشارا للرئيس مرسي، لـ«الشرق الأوسط» إنه «كان هناك سيناريوهات حول ردود فعل (الإخوان) الممكنة، لكن ما بات مؤكدا الآن أن (الإخوان) بدلوا قواعد اللعبة وفاجئوا الجميع مما أربك المشهد».

وأضاف: «هذا التغير في قواعد اللعبة هو السبب في أن الدبلوماسيين الغربيين والعرب يقابلون الآن قيادات (الإخوان) المحبوسين».

وكان خيرت الشاطر نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، الموقوف على خلفية اتهامات بالتحريض على القتل، قد التقى وفدا ضم نائب وزير الخارجية الأميركي وليم بيرنز ووزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، وبرناردينو ليون مبعوث الاتحاد الأوروبي لجنوب المتوسط.

ونفت وزارة الداخلية المصرية عقد اللقاء، لكن المستشار الإعلامي للرئيس المؤقت عدلي منصور، أحمد المسلماني، أكد عقد اللقاء، قائلا إنه استمر لمدة ساعة، كاشفا عن لقاء آخر يجري الترتيب له بين بيرنز وسعد الكتاتني رئيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية للجماعة، المحتجز أيضا على خلفية اتهامات بالتحريض على القتل. بينما قال القيادي الإخواني محمد البلتاجي في تصريحات صحافية أمس إن الشاطر: «رفض مقابلة الوفد ورفض أن يستمع إلى أي أحد من أعضاء الوفد، وأخبرهم فقط أن عليهم التوجه للقاء الرئيس الشرعي مرسي».

وعلى صعيد ذي صلة، قال المسلماني أمس إنه لا توجد أي خطوة واحدة لتغيير «خارطة الطريق» التي يدعمها الجيش، والمعلنة منذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي. وفي المقابل، قال القيادي الإخواني البارز عصام العريان، نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، في صفحته على موقع «فيس بوك» إن «استكمال المسار الديمقراطي من حيث انتهينا، بعودة الدستور والرئيس بصلاحياته الدستورية ومجلس الشورى، ونذهب إلى انتخابات لمجلس النواب سريعا لتظهر ارادة الشعبية في اقتراع حر، وتنتقل إليه سلطة التشريع كاملة، وتشكل اغلبية حكومة برلمانية تتولى السلطة التنفيذية وفق الدستور، ثم انتخابات لمجلس الشورى».

وفيما يبدو إصرار طرفي الأزمة في مصر على ثبات موقفيهما، كشف الزرقا لـ«الشرق الأوسط» أن «القيادة السياسية الجديدة باتت تعلم أن جماعة الإخوان المسلمين إن لم تصل لحل تراه عادلا سوف تقطع الطريق إلى نهايته.. ما يجعل أي تعامل أمني لفض اعتصامي (الإخوان) باهظ التكلفة.. وهذه التكلفة جزء منها عاجل، وآخر آجل، وليس في مصر فقط بل خارجها أيضا».

ويعتصم أنصار لمرسي في ميداني رابعة العدوية (شرق القاهرة) ونهضة مصر (غرب) منذ 28 يونيو (حزيران) الماضي. وقالت السلطات المصرية في وقت سابق إن الاعتصامين يمثلان خطرا على الأمن القومي للبلاد، وسط شكوك عميقة بشأن تسليح المعتصمين لمواجهة أي محاولة لفض الاعتصامين.

وطالب الفريق أول عبد الفتاح السيسي المصريين بالتظاهر في الميادين في 26 يوليو (تموز) الماضي لمنحه تفويضا لمواجهة ما سماه الإرهاب والعنف المحتمل. واعتبرت الحكومة المؤقتة الملايين التي تظاهرت حينها قبولا بفض الاعتصامين وفوضت وزارة الداخلية بالتعامل مع المعتصمين.

وأكد الزرقا أن وضع الرئيس مرسي هو العقبة الأساسية أمام إمكانيات الحل، قائلا: «هناك إطار للحل تعمل الأطراف على بلورته، وهناك أفكار لتجاوز المشكلات العالقة باستثناء وضعية الرئيس مرسي».

ويحتجز الجيش مرسي في مكان غير معلوم منذ 3 يوليو (تموز) الماضي. والتقت كاثرين آشتون مسؤولة السياسية الخارجية في الاتحاد الأوروبي بمرسي في مكان احتجازه، وقالت إنه يتلقى رعاية جيدة، لكنها لم تنقل على لسانه أي تصريحات. وكان مرسي قد أكد في آخر ظهور له تمسكه بشرعيته.

وأضاف الزرقا: «المشكلة أن قطار السياسة كان يسير على قضيب الشرعية.. وخرجت جماهير حاشدة ضد هذه الشرعية فخرج القطار عن القضيب.. والأزمة كيف نعيده إليه وماذا نفعل في حادث الخروج ذاته».

وتحدثت مصادر سياسية مطلعة عن أن دولتي قطر والإمارات تسعى لبلورة حل قريب من «النموذج اليمني» في مصر، في إشارة للتوافق السياسي الذي أنهى حكم الرئيس على عبد الله صالح. وتقترح المبادرة أن يتقدم مرسي باستقالته من منصبه في تسجيل مصور يبثه التلفزيون الرسمي، كما حدث مع الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، ونقل سلطته إلى رئيس حكومة توافقي، مع ضمان عدم الملاحقة القانونية لقيادات الجماعة. وقال الزرقا إن استقالة مرسي وتفويض سلطاته لرئيس وزراء توافقي فكرة ضمن أفكار أخرى يتم بحثها حاليا. وألقت السلطات المصرية القبض على قيادات بارزة في جماعة الإخوان على رأسهم المرشد السابق مهدي عاكف ونائبي المرشد الشاطر ورشاد البيومي، بالإضافة لرئيس البرلمان السابق الكتاتني في اتهامات بالتحريض على القتل والتي تصل العقوبة فيها إلى الإعدام. كما أحالت السلطات القضائية مرشد الجماعة محمد بديع ونائبيه إلى محكمة الجنايات بالتهم نفسها.