الغنوشي يقترح مجلسا للتنسيق يرافق المسار الانتخابي في تونس

وزير تونسي سابق يعرض وساطة بين المعارضة والحكومة

طفل تونسي يحمل علم بلاده وهو جالس على كتفي والده خلال مظاهرة أمام المجلس التأسيسي في تونس (أ.ف.ب)
TT

دعا راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة التونسية، إلى استحداث مجلس تنسيق يرافق المسار الانتخابي. وقال: إنه سيحظى بسلطة في الاقتراح وسلطة في التقرير حول كل ما يتعلق بضمان انتخابات حرة نزيهة في تونس. وأضاف في تصريح خص به وسائل الإعلام بعد لقائه أمس مصطفى بن جعفر، رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان)، أن مطلب الترويكا هو «المحافظة على المجلس الوطني التأسيسي والمحافظة على الحكومة مع الاستعداد لتوسيعها واستحداث مجلس تنسيق يرافق المسار الانتخابي». وحول تركيبة هذا المجلس الجديد، قال الغنوشي إنه سيتشكل من أهم الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني.

وبشأن ملف الإرهاب، وتعاطي الحكومة مع المجموعات المتشددة، قال الغنوشي بلغة متفائلة إن كل الخلايا الإرهابية ستتساقط قريبا الواحدة تلو الأخرى جراء تقدم أعمال الوحدات الأمنية التونسية في الكشف عن تلك الخلايا والإيقاع بأفرادها بعد أن باتت تهدد أمن تونس واستقرارها.

وفيما يتعلق بالملف السياسي، قال الغنوشي إن المشاورات متواصلة ولن تتوقف في سبيل إيجاد مخرج للأزمة المستفحلة بين الحكومة والمعارضة، وعاود الإشارة إلى تمسك حركة النهضة بالمحافظة على المجلس الوطني التأسيسي والمحافظة على الحكومة مع الاستعداد لتوسيعها.

ومن جهته، كشف عبد الرزاق الكيلاني الوزير السابق في حكومة حمادي الجبالي المستقيلة ونقيب المحامين التونسيين الأسبق، عن مشروع وساطة بين الفرقاء السياسيين، هدفها الرئيس الخروج بتونس من الوضع المتأزم الذي أصبحت تعيش فيه، بعد سلسلة الاغتيالات وفقدان الثقة بين الحكومة والمعارضة.

وقال الكيلاني في تصريح له «الشرق الأوسط»، إن تعطل لغة الحوار في تونس وانسداد الأفق السياسي هو الذي كان وراء مشروع الوساطة الذي يقودها رفقة القاضي والناشط الحقوقي المختار اليحياوي وتوفيق وناس الدبلوماسي التونسي السابق. وأشار الكيلاني إلى مقابلة فريق الوساطة لمعظم مكونات الساحة السياسية من أحزاب ومنظمات مهنية، وعدّ المهمة صعبة للغاية، ولكنها ليست مستحيلة (على حد تعبيره).

وتخوض الحكومة والمعارضة «حرب شرعية» في تونس، وتطالب المعارضة بحل المجلس التأسيسي وإسقاط الحكومة التي تنعتها بالفشل وعدم القدرة على توفير الأمن والاستقرار للتونسيين، ودعت إلى العصيان المدني لتحقيق مطالبها. في حين تتمسك الحكومة، التي يقودها الائتلاف الثلاثي الحاكم بزعامة حركة النهضة، بشرعية صندوق الاقتراع، وتقول إنها أوصلتها إلى سدة الحكم ولن تغادرها إلا عبر نتائج صناديق الاقتراع نفسها.

وبشأن ردود الفعل حول مشروع الوساطة بين الحكومة والمعارضة، وإمكانية اتهام الوسطاء بالانحياز إلى طرف سياسي على حساب الآخر، أضاف الكيلاني في حديثه مع «الشرق الأوسط» أن مؤشرات إيجابية كثيرة قد لاحت في الأفق، وأن أطراف الخلاف قد استحسنت تدخل طرف محايد ومعروف باستقلاليته لحل النزاع.

وقال الكيلاني إن فريق الوساطة التقى أحزابا كثيرة، ولقي منها تجاوبا، ومن بين تلك الأحزاب الائتلاف الثلاثي الحاكم والجبهة الدستورية والحزب الجمهوري وحركة وفاء، بالإضافة إلى الأمين العام لاتحاد الشغالين (المنظمة العمالية) ورئيسة اتحاد الأعراف.

ونفى أن يكون أي طرف من تلك الأطراف السياسية والمهنية قد تمسك بأي موقف من المواقف السلبية، وقال إن معظم من اجتمع معهم قد شجعوا مشروع الوساطة، واعتبروه «حفظ ماء وجه» للجميع، في ظل تنامي غول العنف ومآسي الاغتيال السياسي.

وحول حدود مشروع الوساطة، في ظل تصلب المواقف السياسية وتمسك كل طرف بمطالبه، قال عبد الرزاق الكيلاني إن هذه الوساطة تستند إلى مجموعة من المرتكزات، من بينها التمسك بمؤسسات الدولة وضرورة مواصلة المجلس التأسيسي (البرلمان) لأعماله في أقرب وقت ممكن، والإسراع في إنهاء أعمال المجلس التأسيسي، والتخلي عن الدعوات لحله، لما يخلفه ذلك من فراغ مؤسساتي سيكون وخيما على مستقبل تونس (على حد تعبيره).

وأضاف أن جلسات الحوار التي ستتواصل خلال الأيام المقبلة ستلتزم بهذه الثوابت.

من جهة أخرى، أعلنت مصادر طبية تونسية وفاة عسكري ثان على أثر تعرض دبابة عسكرية للغم مضاد للدبابات، صبح يوم الأحد، في جبال الشعانبي. وكان عسكري قد توفي في عين المكان، في حين أصيب الثاني بجراح خطيرة، وسرعان ما لقي حتفه.

وكان الانفجار قد أدى إلى جرح خمسة جنود آخرين، وبذلك يكون عدد العسكريين الذين قتلوا في التدخل العسكري ضد التنظيمات الجهادية في حدود العشرة جنود في أقل من أسبوع واحد، بعد تعرض ثمانية عسكريين لكمين قاتل بداية الأسبوع الماضي. وتخوض قوات عسكرية تونسية معززة بطائرات «إف 5» والمدفعية الثقيلة مواجهات تتواصل لليوم الخامس على التوالي مع التنظيمات الجهادية في جبال الشعانبي وسط غربي تونس.

في غضون ذلك، تستعد المعارضة لتصعيد مواقفها المطالبة بحل المجلس التأسيسي (البرلمان)، وكل الهيئات التنفيذية الصادرة عنه، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني. وذكرت مصادر من المعارضة لـ«الشرق الأوسط» أن إحياء ذكرى مرور ستة أشهر على اغتيال القيادي اليساري شكري بلعيد، التي توافق اليوم، ستكون مناسبة للضغط على الحكومة وتذكيرها بتمسك المعارضة بمطالبها المتعلقة بحل المجلس وإسقاط الحكومة.

وتخوض المعارضة اعتصاما مفتوحا لليوم الثامن على التوالي في الساحة المقابلة للمجلس التأسيسي.

في مقابل ذلك، دعا مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي (البرلمان) أعضاء المجلس إلى عقد جلسة عامة خلال اليوم نفسه، وهو ما اعتبرته المعارضة تحديا لإرادة النواب المنسحبين (نحو 60 نائبا، جلهم من المعارضة، من بين مجموع 217 نائبا بالمجلس). وهدد النواب المنسحبون بعقد جلسة في «فضاء اعتصام الرحيل» بساحة باردو المقابلة لمقر المجلس التأسيسي.