لبنان: تكرار حوادث الخطف المتبادل بين بلدة سنية وأخرى شيعية في البقاع

عشيرة آل المقداد تهدد بالتصعيد وأهالي عرسال يتبرأون من الفاعلين

TT

لم يستطع بيان أهالي عرسال البقاعية، الحدودية مع سوريا، وضع حدّ للخطف المتبادل في منطقة بعلبك (شرق لبنان)، رغم إعلان البلدة وضع نفسها بتصرف الأجهزة الأمنية. وضاعف استمرار احتجاز أحد أفراد عشيرة آل المقداد، المتحدرة من بلدة مقنة المجاورة، لدى مجموعات مسلحة اختطفته قبل أربعة أيام في عرسال، الوضع الأمني تعقيدا، مع وصول عدد المختطفين من أهالي عرسال لدى عشيرة آل المقداد إلى 15 وفق تقارير إعلامية.

وكان من المفترض أن ينهي الإفراج عن المعتقل من آل المقداد، ويدعى يوسف المقداد (اختطف في عرسال الأربعاء الفائت)، حالة من التوتر لفّت منطقة البقاع، خصوصا بعد ردّ آل المقداد بخطف شابين من عرسال، كانا يستقلان حافلة نقل ركاب في طريقهما إلى البلدة. لكن فشل كل الوساطات بالإفراج عن المحتجزين لدى الطرفين أدى إلى تعثّر المفاوضات. وصعدت عشيرة آل المقداد من تحركها ومنحت أهالي عرسال مهلة لإعادة ابنهم المخطوف، قبل أن يعلنوا بلدتهم (مقنة) بلدة غير آمنة. وذكر موقع «النشرة الإلكتروني» أن عدد المخطوفين من عرسال لدى آل المقداد في مقنة، بلغ 15 شخصا، بينهم شرطي.

وكان المخطوف من آل المقداد قد فُقد الاتصال به، وعثر على سيارته من نوع بيك أب في جرود البلدة، فيما التقطت ذبذبات هاتفه الخلوي داخل الأراضي السورية، لكن آل المقداد واثقون من أن ابنهم لا يزال موجودا في عرسال.

وبعد انتشار الخطف المتبادل، اجتمع أهالي عرسال في مقر البلدية، وأصدروا بيانا حددوا فيه المسؤولين من أبناء بلدتهم عن خطف أشخاص من القرى الشيعية المحيطة بهم، والتي تؤدي غالبا إلى خطف متبادل، مثلما حصل مع عشيرة آل جعفر قبل شهرين، وآل أمهز، ومواطن أرمني. ووضع أهالي عرسال أنفسهم بتصرف الأجهزة الأمنية للحد من عمليات الخطف والقتل.

وقال رئيس بلدية عرسال علي الحجيري لـ«الشرق الأوسط» إن البيان «يهدف إلى منع الزعران والشبيحة من استغلال اسم الثورة السورية لقتل وخطف الناس». وأكد «أننا مع الثورة السورية، ومن أبرز داعميها، لكننا مؤيدون بالحق، ولا نسمح لأنفسنا بأن نجاري الزعران»، لافتا إلى «أننا لا نقبل بأن يتغطّى أحد باسم الثورة ويقتل ويخطف الناس. هذه تصرفات لا نقبل بها، ولن نسمح بها، وعلى هذا الأساس كانت المبادرة لوضع الجميع أمام مسؤولياته».

وحازت المبادرة على دعم ديني وسياسي من الطائفة السنية في بعلبك، كما من طوائف أخرى. ورأى مفتي بعلبك – الهرمل الشيخ بكر الرفاعي، أن بيان أهالي عرسال «هو أهم ما تنتجه المنطقة خلال السنوات الماضية، لوضح حد للتفلت الأمني، ووضع الجميع أمام مسؤولياته». وشدّد الرفاعي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، على أن البيان «يؤكد أنه لا يمكن لبعض الأشخاص أن يأخذوا البلدة بأكملها رهينة لهم، كما يؤكد أن لا غطاء على من يفتعل المشاكل ويساهم في توتير علاقة أهالي البلدة مع محيطها، ويعرض السلم الأهلي للخطر».

وأكد المفتي الرفاعي أن هذه الخطوة «ستساهم في تخفيف التوتر، وعدم تغطية أي من المخالفين للقانون، كما سيساعد في قضية كشف الجرائم السابقة، على قاعدة أنه لا يمكن رهن البلدة لمجموعة من الأفراد».

وعُرفت عرسال، وهي قرية سنية يسكنها نحو 35 ألف نسمة، وتقع في محيط شيعي، منذ مطلع العام الجاري، بصدامات مع الجيش اللبناني، على خلفية مقتل ضابط وعسكريين في ثلاث حوادث وقعت في البلدة وجرودها، كما تورط البعض من أبناء عرسال في اختطاف لبنانيين من آل جعفر وأمهز، ونقلهم إلى الداخل السوري في مناطق تسيطر عليها المعارضة. كما تُعرف بإيوائها أفرادا من المعارضة السورية وعدد كبير من النازحين السوريين، ما دفع القوات النظامية السورية إلى قصفها مرارا بالطائرات.