الأنفاق استراتيجية المعارضة الجديدة.. حماس دربتهم على حفرها وحزب الله يتولى كشفها

بعضها يبلغ مئات الأمتار ومزود بالكهرباء ومراوح للتهوية

TT

ما زال العقيد في القوات النظامية السورية مندهشا منذ قاد العمليات العسكرية في شرق دمشق منذ نحو ثلاثة أسابيع، إذ فوجئ الضابط المتواجد في الطابق الثاني، بصوت إطلاق رصاص في مبنى القيادة الذي تسلل إليه مقاتلون عبر نفق أوصلهم إلى الردهة.

ويقول هذا العقيد «لو كنت موجودا في الطابق السفلي، لما كان في إمكاني أن أروي هذه الحادثة»، إذ قتل المقاتلون المعارضون 12 جنديا في الردهة والطابق الأول، قبل أن ينسحبوا تحت كثافة النيران التي واجههم بها جنود الجيش السوري.

وحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية فقد امتد النفق بطول 320 مترا بين حيي القابون في شمال شرقي دمشق وجوبر (شرق)، اللذين يضمان جيوبا لمقاتلي المعارضة، وتحاول القوات النظامية منذ فترة فرض سيطرتها الكاملة عليهما.

ويوضح صحافي تمكن من دخول النفق أن «ارتفاعه يبلغ مترين وعرضه ثلاثة أمتار. وبفضل وجود التيار الكهربائي المسحوب من إمدادات الدولة، كان النفق مضاء باستخدام مصابيح فيما تولت مراوح توفير التهوية».

ويقول رجل أعمال دمشقي إن ما يجري «هو معركة الخلد ضد الدبور».

فقد لجأ مقاتلو المعارضة إلى حفر الأنفاق تحت الأرض لنقل الأسلحة والمقاتلين وتحضير المتفجرات بعيدا عن الأنظار لتجنب تدميرها بالطائرات الحربية والمروحيات ودبابات القوات النظامية.

في حي الخالدية في مدينة حمص، الذي استعادته القوات النظامية مطلع الأسبوع الماضي، يقول المقدم علي أنه تفادى هجوما مماثلا عبر الأنفاق.

ويوضح «عندما دخلنا (إلى الخالدية) انكشف النفق. لو تأخرنا لعشرة أيام كانوا قضوا علينا»، ويضيف «كنا في بناء والمسلحون في البناء الثاني. كانوا يحفرون نفقا سعيا لتفجير البناء الذي نحن فيه. كنا نسمع أصوات آلات صادرة من تحت الأرض (...) كانوا قادمين لتفجير (المكان حيث كنا) كما فجروا المشفى الوطني في القصير»، المنطقة الاستراتيجية الواقعة في ريف حمص.

ففي الثالث من سبتمبر (أيلول) الماضي، تمكن مقاتلو المعارضة من تدمير المستشفى الوطني في القصير الذي كان تحت سيطرة القوات النظامية. وبث الناشطون شريطا مصورا على موقع «يوتيوب»، يظهر مقاتلين معارضين وهم يدخلون نفقا ضيقا بطول نحو 200 متر لوضع المتفجرات.

ويظهر شريط آخر بث في 19 مارس (آذار) مقاتلين يطلقون النار ويرمون قنابل حارقة في أحد أزقة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في جنوب دمشق، بعدما تسللوا عبر نفق ضيق وضعت على أرضيته حصائر زرقاء.

وبحسب خبير عسكري غربي، يتولى حزب الله اللبناني حليف دمشق والذي يشارك إلى جانب القوات النظامية في المعارك، مهمة كشف الأنفاق لا سيما في دمشق وحمص، بعد الخبرة التي اكتسبها في التعامل معها جراء معاركه ضد إسرائيل في جنوب لبنان.

ويقول العسكريون والناشطون إن الأنفاق تحفر أحيانا بوسائل يدوية، وفي غالبية الأحيان باستخدام آلات حفر. ويقول أحد الضباط السوريين إن المقاتلين «يستخدمون آلات صغيرة الحجم مزودة بمحركين، وقادرة على حفر أمتار عدة خلال اليوم».

ويضيف أن المقاتلين يعمدون بعد ذلك «إلى تدعيم الجدران، ولهذا يلجأون إلى أسرى يعدونهم بالإفراج عنهم مقابل دورهم في الحفر».

من جهته، ينفي ناشطون استخدام سجناء في حفر الأنفاق. ويقول مدير مكتب التنسيق في «الهيئة العامة للثورة السورية» أحمد الخطيب لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الإنترنت «شبابنا هم من يعملون، وفي حال قامت مجموعة (مقاتلة) بتشغيل أسير، فهذا لا يعني أن هذه هي الحال لدى الجميع».

يضيف «الأنفاق نفعتنا كثيرا، من خلالها يمكن تخطي القناصة والوصول إلى أي مكان مهما كان بعيدا»، مشيرا إلى أنها تستخدم خصوصا «في مناطق حمص وريف دمشق، والمناطق المتداخلة بين النظام والجيش (السوري) الحر» الذي يشكل مظلة لغالبية المقاتلين.

ويشير إلى أن بعض الأنفاق يصل طولها إلى 700 متر، كما في جبهة بلدة عدرا شمال شرقي دمشق.

ويقول مسؤول أمني سوري إن مقاتلي المعارضة تمرسوا على تقنيات حفر الأنفاق على أيدي عناصر من حركة «حماس» الفلسطينية، والذين كانوا بدورهم تلقوا تدريبات على يد عناصر من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة، الموالية لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، تدربوا في كوريا الشمالية.

وتلقى مقاتلو حماس هذه التدريبات قبل تدهور العلاقة بين دمشق والحركة التي كانت تتخذ من العاصمة السورية مقرا، لكنها اتخذت موقفا مؤيدا للاحتجاجات المناهضة للنظام، التي اندلعت منتصف مارس 2011.

إلا أن أحمد الخطيب يجيب بتهكم لدى سؤاله عن هذا الموضوع «إذا أكلنا السباغيتي بالعيدان الصينية لا نصبح صينيين. كل ما حصل هو عبارة عن تطبيق لمقولة: الحاجة أم الاختراع».