مصادر دبلوماسية في باريس: واشنطن تريد الدعوة لـ«جنيف 2» في النصف الثاني من سبتمبر

قالت لـ «الشرق الأوسط» إنه سينعقد في نيويورك وإن الإبراهيمي غير مقتنع بحصوله

TT

أبلغت مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع في باريس «الشرق الأوسط» أن وزارة الخارجية الأميركية تخطط للدعوة لمؤتمر «جنيف 2» في النصف الثاني من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. وأفادت هذه المصادر أن الولايات المتحدة تقترح أن يلتئم المؤتمر المذكور في نيويورك قبيل اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة وليس في المدينة السويسرية التي استضافت المؤتمر الأول. وتبرز الأسباب «العملية» كأحد أهم العوامل التي تدفع واشنطن إلى اقتراح مقر الأمم المتحدة في نيويورك لاستضافة المؤتمر وأوضحها وجود كثير من المسؤولين الدوليين هناك بسبب أعمال الجمعية العامة.

وحتى الآن، لم يصدر عن موسكو أي خبر من شأنه تأكيد أو نفي هذا التطور الذي تقول عنه المصادر الدبلوماسية إنه «ليس مؤكدا وليس نهائيا» بسبب التجارب السابقة والتأجيلات المتلاحقة التي أصابت مشروع المؤتمر، غير أن وزير الخارجية سيرغي لافروف طالب أمس بعدم المماطلة في عقد المؤتمر. وقال في أعقاب لقاء رباعي جمع بين وزيري الخارجية والدفاع في كل من روسيا وإيطاليا بالعاصمة روما، إن «كل ما يحدث في الحرب الأهلية بسوريا يجعل من عقد مثل هذا المؤتمر أمرا أكثر إلحاحا». وتابع لافروف أن الحكومة السورية أبدت موافقتها غير المشروطة لإرسال وفد إلى جنيف وينتظر الآن خطوة مماثلة من المعارضة السورية.

وجدير بالذكر أن الموعد الأول الذي اقترحه وزيرا خارجية الولايات المتحدة وروسيا كان نهاية مايو (أيار) الماضي ثم كرت بعده سبحة المواعيد التي لم يثبت أي منها بسبب استمرار الخلافات على جدول الأعمال وعلى الإطار العام للمؤتمر وتشكيل الحكومة الانتقالية ومصير الرئيس السوري بشار الأسد فضلا عن انقسامات المعارضة الممثلة بالائتلاف الوطني والأجنحة العسكرية.

وحتى اليوم، ترفض المعارضة التي لم تشكل بعد وفدها إلى المؤتمر، قبول الجلوس إلى طاولة المفاوضات قبل إعادة التوازن العسكري الميداني مع قوات النظام المدعومة إيرانيا ومن حزب الله ومن مقاتلين جاءوا من إيران والعراق ومناطق أخرى. ويحظى الائتلاف الوطني المعارض بدعم عدد من أطراف المجموعة الضيقة من أصدقاء الشعب السوري من البلدان الغربية والخليجية التي تتخوف من وصول مبعوثي الأسد إلى المؤتمر من موقع قوة.

بيد أن الأوساط الدبلوماسية نقلت عن المبعوث العربي الدولي الأخضر الإبراهيمي «تشاؤمه» إزاء إمكانية الدعوة للمؤتمر الشهر القادم و«عدم اقتناعه» باحتمال حصوله. ويرى الإبراهيمي أن «تشدد» رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد عاصي الجربا والتشجيع الذي يلقاه خصوصا من بعض الدول الخليجية المؤثرة «يعيق» تحقيق المؤتمر. ولذا، فإن الإبراهيمي يدعو هذه الأطراف للضغط على الجربا لإظهار مزيد من «المرونة» في التعاطي مع موضوع المؤتمر خصوصا أن المعارضة المسلحة حققت في الفترة الأخيرة عددا النجاحات الميدانية في شمال سوريا وجنوبها وغربها التي أعادت بعض التوازن إلى عمليات الكر والفر بين قوات النظام والفصائل المسلحة المقاتلة.

ويرى خبراء عسكريون في باريس أن التغير الميداني الذي تريده المعارضة السورية ليس مرتبطا فقط بنوعية السلاح الذي تستخدمه ولكن خصوصا بقدرتها على التحرك ميدانيا وفق خطط متفق عليها الأمر الذي من شأنه إرباك قوات النظام وإنهاكها. وتشكو عواصم غربية من أن الاقتراحات التي قدمتها واستعدادها لتدريب المقاتلين السوريين على استخدام الأسلحة الجديدة التي تتسلمها من مصادر مختلفة «لا تلاقي التجاوب المنتظر». وعلمت «الشرق الأوسط» أن إحدى الدورات التي فتحت أخيرا والتي كان لها أن تستقبل أربعين شخصا لم يتقدم لها سوى شخصين الأمر الذي أدى إلى إلغائها.

ويبدو التفاؤل الأميركي منظورا إليه من العاصمة الفرنسية «مبالغ فيه» إن لم يكن «في غير محله» نظرا للعوائق الكبرى التي ما زالت تعيق الدعوة للمؤتمر والتي يحتاج التفاهم بشأنها إلى الكثير من المشاورات. وتعي الأطراف السورية نظاما ومعارضة أن تطور الأحداث في بلدان الربيع العربي، في مصر وتونس وليبيا، «كسفت» الملف السوري الذي تراجع الاهتمام به إلى المقام الثاني. ومما تراه باريس أن الكلام الصادر عن الرئيس السوري في الأيام الأخيرة «لا ينبئ أبدا بإمكانية قبوله الذهاب إلى (جنيف 2) بحسب الفهم الغربي لما يفترض أن يحصل فيه أي قيام سلطة انتقالية تؤول إليها الصلاحيات الحكومية بما فيها الإشراف على القوات المسلحة وأجهزة الأمن والمخابرات». وتتساءل هذه الأوساط عن كيفية التوفيق بين تأكيدات الأسد حول «حتمية الانتصار» على «المجموعات الإرهابية» التي يقاتلها والحسم العسكري للصراع وبين قبوله التخلي «الطوعي» عن السلطة لهيئة جديدة مشتركة تتشكل بالتوافق من المعارضة ومن بعض رجالات النظام الحالي بحيث يكون هو خارج الصورة؟