أول انتقاد سياسي للمرجعية الشيعية في العراق.. ومطالبات بالتحقيق

مقرب منها: لولاها لما تبوأ السياسيون الحاليون مواقعهم

رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يتفقد مواقع عسكرية في ضواحي بغداد أمس (أ.ف.ب)
TT

لأول مرة منذ سقوط النظام العراقي السابق وتنامي دور المرجعية الشيعية العليا في الحياة السياسية في البلاد، فضلا عن أدوارها الوعظية والشرعية الأخرى لأتباعها بعد عقود من التقييد السياسي، حظيت بانتقاد نادر وفي غضون أسبوع من قبل نائبين في البرلمان العراقي ينتميان إلى كتلتين مختلفتين.

ففي تصريح له قال عزة الشابندر، عضو البرلمان عن ائتلاف دولة القانون الذي يصنف على أنه كبير مفاوضي رئيس الوزراء نوري المالكي، إن «المرجعية الدينية تحاول انتزاع موقع الولاية عن الدولة من خلال استقطاب مشاعر الناس». وفي السياق نفسه وفي تصريح تلفزيوني مضى عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني فرهاد الأتروشي بعيدا في انتقاد المرجعية الشيعية عندما قال إن «المرجعية هي شيعية دينية، ولا يليق بها أن تتدخل في تفاصيل الشؤون السياسية للدولة، وعليها أن تحتفظ بالخطوط العامة، وهذا أمر غير مقبول ونحن لسنا دولة دينية»، مضيفا أن «المرجعية تأمر ومجلس النواب ينفذ. نحن دولة مدنية ومجلس النواب هو من يقرر، هنالك أحزاب سياسية لا تقبل بهذا الشيء، سواء المتعلق برواتب التقاعد أو بأمور ومواضيع أخرى».

وطبقا لما يراه المراقبون المتابعون لدور المرجعية الشيعية العليا في العراق فإن التصريحات من هذا النوع إنما هي نوع من جس نبض الشارع حيال الموقف من المرجعية، خصوصا أن الطبقة السياسية بدأت تشعر بالحرج أمام الناس، لا سيما بعد الانتكاسات الأمنية الأخيرة.

وفي وقت يتوقع أن يتصاعد فيه الموقف السياسي والشعبي المناهض لهذه التصريحات، وهو ما يمكن أن يمثل إحراجا جديدا لائتلاف دولة القانون بالذات، فقد وجه زعيم هذا الائتلاف رئيس الوزراء نوري المالكي، بمنع الشابندر من الإدلاء بتصريحات باسم الائتلاف. وقال المالكي في بيان صدر عن المكتب الإعلامي للائتلاف إن «ما قاله الشابندر لا يمثل التحالف الوطني ولا دولة القانون ولا حزب الدعوة الإسلامية ولا رئيس الوزراء، إنما يمثل رأيه الشخصي».

وأعرب المالكي عن «استنكاره لما تحدث به الشابندر من إساءة إلى مقام المرجعية الدينية». وأضاف المالكي أن «نهج وسياسة دولة القانون مبنيان على الاحترام والالتزام بالمرجعية الدينية ودورها الأساس في القضايا الأساسية»، مشددا أنه على «الشابندر الالتزام بذلك النهج». ووجه المالكي «بمنع النائب الشابندر التصريح باسم ائتلاف دولة القانون».

من جهته أكد أستاذ الحوزة العلمية في النجف والمقرب من المرجعية الدينية العليا حيدر الغرابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المرجعية الدينية هي الناطق الرسمي والشرعي باسم الناس، وقد اتجه إليها السياسيون كلهم دون استثناء في البداية عندما أعطت الوجوب الشرعي للعملية السياسية، ولكنهم ما إن أخذوا مواقعهم الحالية التي لم يكن بمقدار أكبرهم الوصول إليها لولا دعم المرجعية إما ينكروا ذلك أو يوغلوا في الفساد». وأضاف الغرابي أن «التصريحات التي يدلي بها بعض هؤلاء السياسيين وممارسات غيرهم من السياسيين الفاسدين تدل على أنهم لا يريدون رقابة حقيقية عليهم لأنهم يريدون تقاسم الكعكة من دون أن تكون سلطة أعلى منهم». وأشار إلى أن «المرجعية الدينية بإمكانها بكلمة واحدة أن تسقط هؤلاء السياسيين وعمليتهم السياسية التي أنتجت دستورا فاشلا، ولعل أهم ما سيسقط مع الدستور الفيدرالية التي يتمتع بها الأتروشي اليوم والتي جعلته يأخذ أكثر من حقه»، مؤكدا أنه «في الوقت الذي صعد فيه الشابندر بأصوات المالكي فإن الأتروشي ليس من حقه الكلام عن المرجعية؛ لأنه لا ينتمي إليها، وأن حديثا من هذا النوع يعني عزفا على وتر الطائفية والقومية معا». وأوضح أن «كل من يريد الإساءة إلى المرجعية لا يستطيع لأسباب هامة هي أنها لم تقل يوما بحكم شيعي في العراق حتى تطلب أن تكون لها الولاية، كما أنها كانت وما زالت صمام أمان الاحتراب الطائفي ودعمت الجميع من كل الطوائف والمذاهب، وهي اليوم ومنذ أربع سنوات لا تستقبل أي مسؤول في العملية السياسية الحالية، وفي مقدمة من ترفض استقبالهم هم السياسيون الشيعة»، مضيفا: «ثم إن المرجعية ليس لها طموح في شيء دنيوي، حيث إن السيد السيستاني وهو المرجع الأعلى يسكن دارا مستأجرة، كما أن الشيخ بشير النجفي يسكن دار تجاوز، بينما يحار السياسيون أين يضعون أموالهم وفي أي القصور يسكنون داخل العراق وخارجه».

وفي هذا السياق طالب النائب المستقل في البرلمان العراقي عبد المهدي الحكيم، وهو من المقربين من المرجعية، ائتلاف دولة القانون والتحالف الكردستاني بتوضيح موقفيهما «من هذين التصريحين المسيئين للشعب العراقي قبل المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف».