الولايات المتحدة وبريطانيا تجليان موظفي سفارتيهما في صنعاء

السلطات اليمنية تعلن قائمة بأسماء 25 مطلوبا * مصرع 4 من «القاعدة» في غارة بـ«الدرون»

مدرعة يمنية أمام السفارة البريطانية في العاصمة صنعاء أمس (رويترز)
TT

أعلنت السلطات اليمنية عن قائمة تضم أسماء 25 مطلوبا بتهم الإرهاب ورصدت مكافأة لمن يدلي بمعلومات عنهم، في الوقت الذي مددت فيه بعض الدول الغربية إغلاق سفاراتها في صنعاء وإجلاء أميركا وبريطانيا لعدد من دبلوماسييها جوا أمس، وذلك تحسبا لأعمال إرهابية، في حين قتل 4 من عناصر تنظيم القاعدة في غارة جوية بـ«الدرون» في شرق البلاد في الوقت الذي قتل فيه عميد في الجيش وطياران وخمسة جنود في إسقاط طائرة بمأرب.

وفي ضوء تداعيات المخاوف من عمليات إرهابية، قامت الولايات المتحدة الأميركية أمس بنقل عدد من موظفيها في العاملين في سفارتها بصنعاء، حيث قامت طائرات تتبع سلاح الجو الأميركي بنقل الموظفين وعائلاتهم إلى إحدى القواعد العسكرية الأميركية في ألمانيا، كما أفاد متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، كما قامت بريطانيا بإجلاء كافة موظفيها بسفارتها، وذلك خشية التهديدات الإرهابية، وكان البلدان قد دعوا رعاياهما إلى مغادرة اليمن فورا بسبب التهديدات الأمنية.

وبعد أن أعلنت المملكة المتحدة إغلاق سفارتها في العاصمة صنعاء، أكد ناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية لـ«الشرق الأوسط» أمس أنه «بسبب مخاوف أمنية متصاعدة، سحبنا جميع موظفينا من السفارة البريطانية في صنعاء وستبقى السفارة مغلقة إلى حين إمكانية عودة الموظفين». وكان من اللافت عدم تحديد فترة زمنية لإعادة فتح السفارة. واكتفى ناطق باسم وزارة الخارجية بالقول، إن «همنا الأول أمن وحماية موظفينا في اليمن والوضع الأمني استوجب سحب الموظفين وسنواصل مراقبة الوضع فيها». وبسبب الطابع الأمني والاستخباراتي لما يحدث في اليمن، امتنعت مصادر دبلوماسية أميركية وبريطانية عن توضيح نوعية المعلومات الواردة حول التطورات في اليمن. واكتفى مسؤول في وزارة الخارجية البريطانية بالقول: «الإجراءات التي اتخذناها تتماشى مع مستوى التهديد المرتفع في اليمن». وأضاف أن هناك تواصلا بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة باستمرار لتقييم «أي تهديد» محتمل.

يذكر أن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي كان قد زار واشنطن، حيث التقى كبار المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم الخميس الماضي. وجاء في بيان مشترك لهادي وأوباما أنهما «أعادا تأكيد التزامهما لجهود قوية ومتواصلة لمكافحة الإرهاب ولشراكة أمنية، كما اتفقا على التعاون الوثيق». وبحث الرئيسان «جهودا واسعة لمواجهة التهديد من البلدين الذي يشكله تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية واعترفا بالتضحيات الهائلة التي يقدمها الجيش اليمني والقوات الأمنية في المعركة ضد الإرهاب».

من ناحية ثانية، أعلنت السلطات اليمنية عن قائمة بـ25 مطلوبا بتهم الإرهاب، وقال مصدر في اللجنة الأمنية العليا باليمن، إن معلومات توفرت لديها تتعلق بتخطيط مجاميع إرهابية تتبع تنظيم القاعدة بالتخطيط لتنفيذ هجمات إرهابية «على منشآت ومقار عامة وخصوصا في عدد من المحافظات»، وإن هذا يأتي في إطار «الجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية لملاحقة ومطاردة وتتبع العناصر الإرهابية والقبض عليها». وأعلنت اللجنة عن مكافأة مالية وقدرها 5 ملايين ريال يمني، أي ما يعادل 25 ألف دولار أميركي لمن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض على الأشخاص المطلوبين الذين عممت أسماؤهم.

وأكد المصدر أن هذه «العناصر تعد من أخطر العناصر التي شاركت في الكثير من العمليات الإرهابية والاغتيالات التي استهدفت منتسبي القوات المسلحة والأمن والمواطنين الأبرياء وإقلاق السكينة العامة بمختلف المحافظات»، ودعا المصدر المواطنين إلى الإبلاغ عن العناصر المشبوهة، مؤكدا أنه «سيتم متابعة وضبط كل من يرتبط بتلك العناصر الإرهابية والمتطرفة وتقديمهم للقضاء لينالوا جزاءهم العادل»، وحددت اللجنة عددا من أرقام الهواتف للاتصال بها من أجل الإبلاغ عن تلك العناصر.

وكانت وسائل إعلام أميركية قد ذكرت أن هذه الإجراءات الأمنية المشددة والتحذيرات جاءت بعد اعتراض أجهزة المخابرات الأميركية لمراسلات بين الرجل الأول في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، وزعيم التنظيم في اليمن، ناصر الوحيشي، تتعلق بالتخطيط لعمليات إرهابية وشيكة. وكانت صحيفة «نيويورك تايمز» قد ذكرت أن إغلاق السفارات جاء نتيجة رصد اتصالات إلكترونية بين أيمن الظواهري الذي خلف أسامة بن لادن في زعامة القاعدة وناصر الوحيشي زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب المتمركز في اليمن، مما دفع واشنطن إلى اتخاذ قرار بإغلاق نحو عشرين سفارة وقنصلية أميركية في الشرق الأوسط وأفريقيا. وبحسب «نيويورك تايمز» فإن الظواهري أمر الوحيشي بتنفيذ اعتداء الأحد الماضي. غير أن شبكة «سي إن إن» التلفزيونية نقلت أن الظواهري طلب من الوحيشي «تنفيذ شيء ما»، الأمر الذي أثار مخاوف لدى المسؤولين في واشنطن واليمن من وقوع هجوم آني. وعلى الأثر تم إغلاق 25 سفارة وقنصلية أميركية في الشرق الأوسط الأحد. وعن طبيعة إجراء الاتصالات بين الظواهري والوحيشي، أجاب الخبير الأمني الأميركي بيتر بيرغن مستشار «سي إن إن» لمكافحة الإرهاب، ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» بأنه لا يعتقد أن الاتصالات بين قيادات «القاعدة» جرت عبر الهاتف أو البريد الإلكتروني المباشر، بل عن طريق مصدر ثالث، مثلما كان يفعل أسامة بن لادن في اتصالاته مع العالم الخارجي قبل مقتله في أبوت آباد الباكستانية عام 2011. وأضاف بيرغن في رسالته أن الظواهري على الأرجح يتواصل بنفس الطريقة التي كان يتواصل بها أسامة بن لادن عن طريق رسول يأخذ «فلاش يو إس بي» إلى جهاز كومبيوتر ثم يرسل الرسالة. وعلى الطرف الآخر، سيتم وضع الرسالة على «فلاش يو إس بي» ثم يتم نقلها إلى المستلم وهو طرف مقرب من ناصر الوحيشي في اليمن». وكانت السلطات اليمنية قامت بتشديد الإجراءات الأمنية حول البعثات الدبلوماسية وبالأخص الغربية وأيضا بعض المقار الحكومية المهمة، وذلك في ضوء التهديدات بأعمال إرهابية محتملة قد ينفذها تنظيم القاعدة في اليمن وبعض الدول.

وقالت المصادر الأميركية أول من أمس إنه إلى جانب رصد رسائل بين الظواهري وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب في الآونة الأخيرة كانت هناك معلومات أخرى أسهمت في إطلاق التحذير الأمني. وقال مسؤول أميركي طلب عدم ذكر اسمه إن التحذير استند: «إلى مجموعة واسعة من البلاغات. ما من عامل حاسم هو الذي رسم صورة الخطر. وذكر مسؤولون أميركيون أنه لا توجد معلومات بعد بشأن أهداف معينة أو موقع هجوم محتمل، لكن الخطر الذي تواجهه المصالح الغربية لم ينحسر. وقال داتش رابرزبرجر كبير الديمقراطيين في لجنة المخابرات بمجلس النواب الأميركي إن الخطر اليوم لا يزال بنفس قوته عندما أصدرت وزارة الخارجية تحذيرا عالميا من السفر. وقال لقناة «سي إن إن»: «إنه تهديد خطير للغاية. اطلعت على المعلومات. إنه تهديد صادر من أعلى المستويات في القاعدة ويتركز خاصة في شبه الجزيرة العربية واليمن ومناطق كهذه».

ونقلت قناة «إيه بي سي نيوز» أول من أمس، عن مسؤول أميركي كبير قوله، إن السلطة تبحث بدأب، عن سيارات ملغومة تريد (القاعدة) استخدامها لنسف السفارة الأميركية في اليمن وربما سفارات أخرى. وفي السياق ذاته، قتل 4 من عناصر تنظيم «القاعدة» في غارة جوية، يعتقد أن طائرة أميركية من دون طيار هي من نفذتها على تجمع لعناصر التنظيم في منطقة «آل شبوان» بمحافظة مأرب، وهي الغارة الثالثة من نوعها التي تقع في اليمن وتستهدف عناصر «القاعدة» خلال الأسبوعين الأخيرين، بعد غارتين مماثلتين أوقعتا أكثر من ثمانية قتلى في محافظة حضرموت بجنوب أخيرا.