وفد الكونغرس يدعو الأطراف المصرية لتجنب العنف بعد مؤشرات عن انسداد فرص التوافق

المستشار الإعلامي للرئيس: الضغوط الأجنبية تجاوزت الأعراف الدولية

وزير الدفاع المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي خلال استقباله السيناتورين جون ماكين وليندسي غراهام، بمقر الوزارة في القاهرة، أمس (أ.ف.ب)
TT

أكد وفد رفيع من الكونغرس الأميركي، أمس، أنه يجب على «جماعة الإخوان المسلمين ألا يسلكوا طريق العنف»، بينما حث الحكومة المصرية المؤقتة على إخلاء سبيل «الموقوفين السياسيين»، وذلك من أجل دفع عملية التوافق سعيا للعودة سريعا إلى مسار الديمقراطية. وذلك بينما باتت القاهرة ساحة لإشارات سياسية متضاربة، في وقت يسعى فيه وسطاء غربيون وعرب لتحقيق اتفاق ينهي الأزمة السياسية التي هيمنت على المشهد المصري منذ أن عزل قادة الجيش الرئيس السابق محمد مرسي مطلع يوليو (تموز) الماضي.

وبينما واصلت القيادة السياسية الجديدة في البلاد لقاءاتها بمبعوثين غربيين وعرب، في ظل أنباء عن لقاءات مرتقبة بين هؤلاء المبعوثين وقيادات «الإخوان» المحبوسين احتياطيا، قال أحمد المسلماني، المستشار الإعلامي للرئيس المؤقت، إن «الضغوط الأجنبية تجاوزت الأعراف الدولية.. ومصر قادرة على حماية الثورة والدولة».

ووصل إلى القاهرة، أمس، السيناتور جون ماكين عضو لجنتي القوات المسلحة والعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، والسيناتور ليندسي غراهام رئيس الفريق الجمهوري باللجنة الفرعية للعمليات الخارجية بلجنة الاعتمادات بالمجلس، اللذين التقيا أمس الدكتور محمد البرادعي نائب الرئيس المصري، والدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء.

وقال العقيد أحمد محمد علي، المتحدث الرسمي باسم الجيش، أمس، إن الفريق أول عبد الفتاح السيسي، نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع، التقى ماكين وغراهام والوفد المرافق لهما الذي يزور مصر حاليا، مشيرا إلى أن اللقاء تناول المستجدات في المشهد السياسي المصري، والجهود المبذولة لإنهاء حالة الاستقطاب السياسي ونبذ العنف، والمضي قدما في تنفيذ خارطة المستقبل للمرحلة الانتقالية بمشاركة كافة الأطياف السياسية دون تمييز أو إقصاء.

وعقد ماكين وغراهام مؤتمرا صحافيا مساء أمس، حثا خلاله طرفي الأزمة السياسية في البلاد على بدء حوار وطني وتجنب العنف، وقالا إن قطع المساعدات العسكرية عن مصر ردا على عزل الجيش للرئيس السابق محمد مرسي سيبعث بإشارة خاطئة في وقت خاطئ.

وقال جون ماكين، عضو لجنة الدفاع والقوات المسلحة بالكونغرس، إن الديمقراطية هي السبيل الوحيد من أجل تحقيق الاستقرار الدائم والنمو الاقتصادي المستدام وعودة الاستثمارات والسياحة في مصر. وأضاف أن الديمقراطية تعني أكثر من مجرد انتخابات، وأنها الحكم بشكل ديمقراطي وعبر عملية سياسية شاملة يشارك فيها كافة المصريين بحرية طالما يقومون بذلك بشكل غير عنيف ويحترمون حقوق الإنسان والحريات الأساسية وأحكام القانون والدستور.

وشدد ماكين على أهمية أن تنبذ كافة الأطراف المعنية في مصر العنف، والتعامل بعضهم مع بعض باحترام، وناشد السلطات إطلاق سراح السجناء السياسيين وإقامة حوار وطني شامل يضم كافة الأطراف بما في ذلك الإخوان المسلمون. وحث ماكين الحكومة المؤقتة والقوات المسلحة على الحفاظ على حقوق وحريات كافة المواطنين المصريين وحقهم في التظاهر السلمي، والتأكد من مشاركة كافة أطياف الشعب المصري في تعديل الدستور ووضع جدول زمني واضح لعملية نقل السلطة لحكومة منتخبة، والسماح للجماعات المصرية، ذات المصداقية، والدولية بمراقبة الانتخابات المقبلة.

وقال ماكين، إن الأحداث التي ستشهدها مصر خلال الأسابيع القليلة المقبلة «حرجة للغاية»، ولها تأثير «حاسم» على مستقبل هذا البلد ومنطقة الشرق الأوسط برمتها، مشيرا إلى أن مصر تعد قلب وروح العالم العربي وهي كانت دوما قائدا للمنطقة، معربا عن ثقة بلاده بأن مصر ما زالت تستطيع أن تكون مثالا للديمقراطية الشاملة التي يمكن أن تلهم المنطقة والعالم، وأكد أن بلاده ستواصل مساندة مصر في كل خطوة.

وطالب السيناتور ليندسي غراهام جماعة الإخوان وأنصارها بعدم الاستمرار في الاعتصام بالشوارع والميادين والعودة إلى ميدان العمل السياسي، معربا عن أمله أن تعود مصر للعمل من جديد بشكل طبيعي، وإلا فستدخل في إطار «الدولة الفاشلة». وقال لشبكة «سي إن إن»، قبيل وصوله مع ماكين للقاهرة، إنه ينبغي للقيادة العسكرية المصرية التحرك بقوة نحو تسليم السلطة في البلاد للمدنيين والمنظمات المدنية، مضيفا أن القيادة العسكرية ينبغي لها ألا تستمر في إدارة البلاد وأنه لا بد من إجراء انتخابات ديمقراطية، مشيرا إلى أن هذه هي الرسالة التي جاء هو وماكين حاملين إياها إلى مصر.

وقال غراهام منتقدا الوضع الحالي: «من في السلطة ليسوا منتخبين، والمنتخبون في السجون.. الوضع الحالي غير مقبول» وشهدت القاهرة منذ الأسبوع الماضي حضورا مكثفا لدبلوماسيين عرب وغربيين، يواصلون جهودهم لتحقيق تسوية سياسية بين جماعة الإخوان المسلمين والسلطات الجديدة في مصر، لكن التصريحات التي صدرت عن الطرفين أمس تشير إلى أن تحقيق التوافق لا يزال هدفا بعيد المنال.

وأبدى طرفا الأزمة (القيادة السياسية المؤقتة مدعومة من الجيش، وجماعة الإخوان) تمسكا بموقفه، وقال جهاد الحداد، المتحدث الرسمي باسم الجماعة، إن «موقف جماعته واضح وهو التمسك بالشرعية الدستورية»، وهو ما يعني تمسك الجماعة بعودة الرئيس مرسي إلى منصبه.

وأثارت تصريحات قيادات «الإخوان» غضب القوى السياسية التي اعتبرت أن القيادة السياسية الجديدة عاجزة عن اتخاذ قرار لحسم الموقف على الأرض أمنيا، كما أبدت استياء من لقاءات خيرت الشاطر، نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين، بمبعوثين دوليين في محبسه.

وكان الشاطر، الموقوف على خلفية اتهامات بالتحريض على القتل، قد التقى وفدا ضم نائب وزير الخارجية الأميركي ويليام بيرنز ووزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية، ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد، وبرناردينو ليون مبعوث الاتحاد الأوروبي لجنوب المتوسط. ورجحت مصادر سياسية أن يلتقي عضوا الكونغرس، ماكين وغراهام، الشاطر في محبسه أيضا، ولم يتسن التأكد من صحة الأنباء من مصدر رسمي أو من السفارة الأميركية في القاهرة.

ويعتصم أنصار لمرسي في ميداني رابعة العدوية (شرق القاهرة) ونهضة مصر (غرب) منذ 28 يونيو (حزيران) الماضي. وقالت السلطات المصرية في وقت سابق إن الاعتصامين يمثلان خطرا على الأمن القومي للبلاد، وسط شكوك عميقة في شأن تسليح المعتصمين لمواجهة أي محاولة لفض الاعتصامين.

وطالب الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع نائب رئيس الوزراء، المصريين بالتظاهر في الميادين في 26 يوليو الماضي لمنحه تفويضا لمواجهة ما سماه الإرهاب والعنف المحتمل. واعتبرت الحكومة المؤقتة الملايين التي تظاهرت حينها قبولا بفض الاعتصامين، وفوضت وزارة الداخلية للتعامل مع المعتصمين.

وتتضمن خارطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية وقيادات دينية، إجراء تعديلات على الدستور الجديد، وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في غضون تسعة أشهر. ولا تعترف جماعة الإخوان بالقيادة السياسية الجديدة وما صدر عنها.

وقال مراقبون إنه من غير المفهوم أن تصدر تصريحات متشددة من قبل رئاسة الجمهورية بشأن الوساطة الدولية في الوقت الذي يسمح فيه للوسطاء بلقاء قادة «الإخوان» في السجون.

من جانبه، رفض مصطفى حجازي، مستشار الرئيس للشؤون الاستراتيجية، وصف الجهود التي تقوم بها حاليا بعض الأطراف الدولية والعربية في المشهد السياسي بأنها جهود وساطة، مؤكدا أنها ليست جهود «إدارة مفاوضات».

وبينما بدت الإشارات السياسية مرتبكة على الصعيد الرسمي، بحسب مراقبين، لم تكن الإشارات الصادرة عن القوى الإسلامية المناهضة لتحرك الجيش ارتباكا، وبينما دفعت تلك القوى بأنصارها مجددا إلى الشارع لحصار عدد من مؤسسات الدولة، على رأسها دار القضاء العالي بقلب القاهرة ومقر المحكمة الدستورية العليا (جنوب)، قال التحالف المؤيد لمرسي إنه «يرحب بمبادرات التهدئة».

وأعرب «التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب» المؤيد لمرسي عن تقديره لدعوات التهدئة والمبادرات التي يتم طرحها بالداخل والخارج لحل الأزمة الراهنة في مصر، لكنه شدد على أن هذه الإجراءات لا بد أن تستعيد «الشرعية الدستورية، وعلى رأسها عودة الرئيس المنتخب».

وقال التحالف في بيان له أمس: «يقدر (التحالف الوطني لدعم الشرعية) دعوات الحوار وتهدئة الأجواء التي تطرح من الداخل والخارج، ويؤكد أن إجراءات التهدئة لا بد أن تستعيد الشرعية الدستورية أولا، وعلى رأسها عودة الرئيس المنتخب إلى منصبه، وكذلك عودة الدستور ومجلس الشورى (المنحل) وهو الكفيل بالتهدئة الكاملة، ثم يتم التحاور حول كل القضايا بلا سقف».

وفي غضون ذلك، ذكر متحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أن السكرتير العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أجرى اتصالا بوزير الخارجية المصري، نبيل فهمي، أمس، تناول خلاله الأوضاع في البلاد. وأعرب بأن عن ثقته بأن مصر ستتعامل مع تطورات الأمور بها بحكمة وكياسة وستراعي أمن وسلامة مواطنيها، فضلا عن احترامها لحقوق الإنسان والسعي إلى تبني عملية سياسية شاملة تضم كافة الأطراف الداخلية المعنية.

وأضاف المتحدث أن الوزير «فهمي» قام بشرح تطورات الأوضاع الداخلية في مصر بصراحة ووضوح، حيث أكد تمسك الحكومة بخريطة الطريق، وإشراك كافة القوى في العملية السياسية، فضلا عن احترامها للقانون، مؤكدا حرص الحكومة على السعي الجاد لإيجاد حلول تصون المواطن المصري، وإعطاء الأولوية دائما للحوار، وبما يأخذ بعين الاعتبار سلامة الوطن وأمنه القومي الذي يجب أن يكون محل أولوية لدى جميع الأطراف.

كما التقى فهمي، أمس، وفدا برلمانيا بريطانيا مكونا من ستة نواب يمثلون برلمانات بريطانيا واسكوتلندا وآيرلندا الشمالية. وذكر المتحدث باسم الخارجية أن اللقاء شهد نقاشا مطولا حول العلاقات الثنائية بين مصر وبريطانيا والوضع في قطاع غزة وتطورات الأزمة السورية وتطورات المشهد الداخلي المصري.

وأضاف المتحدث أن «فهمي» أكد خلال اللقاء التزام الحكومة تنفيذ خريطة الطريق، وأن هناك رئيسا مدنيا وحكومة كفاءات وطنية مدنية تتولى السلطة وإدارة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، وذلك لحين تنفيذ خريطة الطريق ووصولا لإجراء الانتخابات الرئاسية. وشدد على حرص الحكومة على تحقيق المصالحة الوطنية وإشراك كافة القوى السياسية دون إقصاء طالما التزم الجميع مبدأ السلمية ونبذ العنف وكافة أشكال التحريض.

وذكر المتحدث أن فهمي تناول أيضا الأوضاع في قطاع غزة، حيث أكد «معارضة مصر لظاهرة التهريب عبر الأنفاق صيانة للأمن القومي المصري، مع الالتزام بتوفير كافة أشكال الدعم الكامل للشعب الفلسطيني وإيجاد الآليات اللازمة لتوفير احتياجاته الأساسية». وذكر المتحدث أن «الوفد البرلماني البريطاني أكد خلال اللقاء وقوفه إلى جانب إرادة واختيارات الشعب المصري».