الأزمة السياسية في مصر تلقي بظلالها على مصادمات طائفية في صعيد البلاد

قوى مدنية حذرت من «استخدامها» في الصراع الحالي

TT

ألقت الأزمة السياسية في مصر بظلالها على مصادمات طائفية في صعيد البلاد، سقط خلالها عشرات الجرحى، وسط مخاوف قوى مدنية من استغلال القوى الإسلامية المتشددة الإطاحة بأول رئيس إسلامي منتخب في تغذية العنف الطائفي، الذي تعاني منه البلاد أصلا منذ ثلاثة عقود.

وتواصلت في قرية بني أحمد الشرقية في محافظة المنيا (جنوب القاهرة) اشتباكات طائفية على مدار ثلاثة أيام على خلفية شجار بين شخصين أحدهما مسلم والآخر مسيحي، بسبب أغنية تشيد بالجيش وقائده العام عبد الفتاح السيسي.

وعزل الجيش الرئيس السابق محمد مرسي الذي ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين في 3 يوليو (تموز) الماضي، عقب مظاهرات غير مسبوقة طالبت بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة. ورفضت قوى إسلامية تقبل الأمر الواقع، وقالت إنها ستتصدى له.. ما تسبب في اشتباكات بين مؤيدي مرسي ومعارضيه على مدار أكثر من شهر سقط خلالها قتلى وجرحى.

وقال شهود عيان إن «الشخص المسيحي قام بالتعدي على المسلم بالضرب وفر هاربا، مما أثار حفيظة أهالي القرية من المسلمين واشتعال الاشتباكات التي استخدمت فيها الأعيرة النارية». وأضاف شهود العيان أنه عقب الاشتباكات انتشرت شائعة حول مقتل 18 من المسلمين وإشعال النار في مسجد، مما دفع مسلمي القرى المجاورة للتوجه إلى القرية والاعتداء على منازل المسيحيين، ورشق كنيسة تقع في مدخل القرية بالحجارة.

وفرضت السلطات طوقا أمنية حول كنائس المنطقة، لكنها لا تزال عاجزة عن السيطرة على الاشتباكات التي تتجدد من وقت لآخر. وتتركز نسبة كبيرة من الأقلية المسيحية في مصر بمحافظات الصعيد.

واتهم النائب السابق إيهاب رمزي، عضو اللجنة القانونية بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في تصريحات صحافية، أنصار الرئيس المعزول «بالاعتداء على المسيحيين والكنائس في محافظة المنيا كعقاب لهم على مشاركتهم في ثورة 30 يونيو (حزيران)»، التي أنهت سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على الحكم.

وتنفى جماعة الإخوان المسلمين هذه الاتهامات وتؤكد أن تحركها المناهض لما تصفه بـ«الانقلاب العسكري» هو تحرك سلمي. ودائما ما أدانت الجماعة المصادمات الطائفية التي حدثت خلال العقود الماضية.

ومن جهته قال المرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي إن «فتنة المنيا تثبت أن هناك من يحاول العبث بوحدة هذا البلد المحمي بعناية الله ويقظة أبنائه»، مطالبا في تغريدة نشرت على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أمس بـ«إجراء تحقيق فوري في اشتباكات المنيا، وبعدالة ناجزة تطمئن الشعب لدولة القانون».

من جانبه، أدان عمرو موسى زعيم حزب المؤتمر الاعتداءات التي تحدث على الكنائس والمنازل والمواطنين الأقباط في صعيد مصر، قائلا إنها «محاولة افتعال صراع طائفي لن ينجح في شق الصف الوطني».

وقدم موسى، وهو قيادي بارز في جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة لمرسي، التحية إلى الأقباط قائلا عبر تغريدة له على «توتير»: «تحية إلى أقباط مصر الذين يظلون جزءا من النسيج الوطني متحملين معنا جميعا الكثير في سبيل مصر دون استقواء بالخارج أو استجداء للتدخل الخارجي».

وناشد حزب التحالف الشعبي الاشتراكي أهالي المنيا «تفويت الفرصة» على من اعتبرهم «يريدون إحراق مصر من جماعات تجار الدين»، محذرا من مخاطر تحويل الصراع السياسي إلى صراع طائفي.

وشارك البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، في اجتماع الجيش مع قوى سياسية توافقت على عزل مرسي وتعيين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد، بعد أن توترت علاقة الرئيس المعزول بالقيادة الكنسية في البلاد بشدة خلال عام من حكمه.

ومنذ عزل مرسي تزايدت الهجمات الإرهابية التي يشنها من يعتقد أنهم إسلاميون متشددون على مقار أمنية في سيناء، وكذلك استهداف مسيحيين. وقتل مسلحون مجهولون قس كنيسة المساعيد بمحافظة شمال سيناء في يوليو الماضي.

وحذرت قوى مدنية على رأسها التيار الشعبي والحزب المصري الديمقراطي من استغلال ملف «الفتنة الطائفية» في المعركة السياسية التي تشهدها البلاد حاليا، خصوصا بعد أن وجه أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة رسالة قبل مطلع الأسبوع الحالي حث فيها القوى الإسلامية على التخلي عن الخيار الديمقراطي.

وانتقد الظواهري في رسالته البابا تواضروس الثاني، معتبرا أن المسيحيين لعبوا دورا في إسقاط مرسي.. وهو خطاب لجأ إليه أيضا قيادات من جماعة الإخوان المسلمين، أبرزهم نائب مرشد الإخوان خيرت الشاطر، والقيادي في الجماعة محمد البلتاجي، حيث تحدثوا عن أن أغلبية المتظاهرين ضد مرسي من المسيحيين.