20 مرشحا من أصل 25 يدعمون المرشح «كيتا».. وانقسام أكبر أحزاب مالي بين المرشحين

«سيسي» يدعو لمناظرة تلفزيونية

TT

مع اقتراب موعد الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية في دولة مالي، يحتدم التنافس بين المرشحين إبراهيما بابكر كيتا ومنافسه سوميلا سيسي، في حين يرى مراقبون أن كيتا في طريقه إلى حسم الشوط الثاني لصالحه وتحقيق «فوز ساحق»، وذلك بعد حصوله على دعم عشرين مرشحا من أصل خمسة وعشرين شاركوا في الشوط الأول، بينما طالب منافسه سيسي بتنظيم مناظرة «وجها لوجه» مع كيتا.

ومنذ بداية لعبة التحالفات السياسية بعد تأكيد اللجوء للشوط الثاني، يوم الأحد 11 أغسطس (آب) الحالي، استطاع كيتا أن يحقق المفاجأة ويحصل على دعم عدد كبير من المرشحين، في الوقت الذي كان منافسه وزير المالية السابق سيسي، الذي حصل في الشوط الأول على 19.4% من الأصوات، يسعى إلى تشكيل جبهة مناهضة له أصبح البعض يسميها «كل شيء ما عدا كيتا».

وحصل الوزير الأول السابق والمرشح إبراهيما بابكر كيتا، صاحب المرتبة الأولى في الشوط الأول بعد حصوله على نسبة 39% من الأصوات، على دعم درامان دامبيلي، الذي جاء في المرتبة الثالثة في الشوط الأول بنسبة 9.5% من الأصوات، ولكن حزب التحالف من أجل الديمقراطية في مالي، أكبر الأحزاب التقليدية في البلاد، رفض قرار مرشحه، ودعا أنصاره إلى التصويت لصالح سيسي.

أما المرشح الحائز على المرتبة الرابعة في الشوط الأول من الانتخابات، الوزير الأول السابق موديبو سيديبي فقد أعلن دعمه للمرشح سيسي، وقال سيديبي: «إن حزبي وأنصاري يدعون إلى التصويت لسيسي، لأننا دخلنا في تحالف معه، وبالتالي من الطبيعي أن يحصل على دعمنا»، وذلك في إشارة إلى انخراطه في الجبهة الموحدة للدفاع عن الديمقراطية والجمهورية التي تأسست يوما واحدا عقب انقلاب 22 مارس (آذار) 2012، الذي أطاح بالرئيس السابق أمادو توماني توري، وتسبب في سقوط الشمال في أيدي الجماعات الإسلامية المسلحة والمتمردين الطوارق.

كما حصل المرشح سيسي على دعم تاليبي درامي، المرشح الذي سحب ملفه من السباق الرئاسي قبل تنظيم الشوط الأول محتجا على سوء التحضير للاقتراع، وهو مهندس اتفاق واغادوغو بين الحكومة الانتقالية المالية والمتمردين الطوارق مطلع يونيو (حزيران) الماضي.

وفي ظل هذه التحالفات السياسية المتسارعة لم يبق أمام المرشحين سوى أربعة أيام لتنظيم حملة انتخابية على عموم التراب المالي، من أجل عقد التحالفات التقليدية التي لا تقل أهمية عن التحالفات السياسية، حيث إن الكتلة الانتخابية الكبرى توجد في محافظة سيكاسو جنوب البلاد، ومحافظة موبتي وسط البلاد، هذا بالإضافة إلى العاصمة باماكو التي أصبحت رقما صعبا بعد الشوط الأول، حيث وصلت فيها نسبة المشاركة إلى نحو 60 في المائة.

وفي هذه الأثناء طالب المرشح ووزير المالية السابق سوميلا سيسي، الإعلام العمومي في مالي بتنظيم مناظرة تلفزيونية وإذاعية بينه وبين كيتا، وذلك قبل حلول موعد الشوط الثاني من الاقتراع الرئاسي، وقال سيسي خلال مؤتمر صحافي في باماكو إنه سبق أن طالب بمثل هذه المناظرة مع الرئيس السابق توماني توري، عندما تنافسا في الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية سنة 2002.

وجدد سيسي تحذيره من حالات تزوير مماثلة لما قال إنه حدث خلال الشوط الأول من الانتخابات الرئاسية في العاصمة باماكو، حيث شكك في مصداقية عدد كبير من مكاتب التصويت، وقال إنه «يجب أن لا تحجب شجرة نسبة المشاركة الاستثنائية، غابة سوء التحضير والتنظيم والتزوير التي شابت الشوط الأول من الانتخابات»، أما المرشح كيتا فقد دعا الماليين إلى منحه «أغلبية واضحة وصريحة» في الشوط الثاني.

وفي ظل احتدام التنافس بين كيتا وسيسي، بدأت الصحافة المالية تتحدث عن تحالفات ودعم يتلقاه المرشحان من خارج مالي، حيث كتبت صحيفة «الفجر» المالية أن رئيس ساحل العاج الحسن واتارا «وجد نفسه في وضعية حرجة بين كيتا وسيسي». وأشارت الصحيفة إلى أن واتارا قرر تقديم دعمه المادي واللوجيستي للمرشحين، من أجل ضمان مكانة عند الرئيس المقبل لمالي، وفق تعبيرها.

وتحدثت نفس الصحيفة عن دعم مطلق من طرف رئيس الغابون علي بونغو أوديمبا، لصالح المرشح كيتا الذي كان صديقا مقربا من والده عمر بونغو. وأشارت الصحيفة إلى أن بونغو زيادة على دعمه المادي الكبير لكيتا، أرسل له طائرة خاصة يتنقل فيها خلال الأيام التي تسبق الشوط الثاني من الانتخابات الرئاسية.

ونقلت صحيفة «الفجر» التي تصدر في باماكو أيضا عن مصادر دبلوماسية حديثها عن دور كبير لعبته الجزائر، الجارة الشمالية لمالي، في الحملة الانتخابية للمرشح كيتا، مشيرة إلى قدرة الجزائر على إيصال حلفائها إلى الحكم في مالي. وتحدثت الصحيفة أيضا عن أموال جزائرية وصلت إلى معسكر كيتا عن طريق الوزير السابق سوميلو ميغا، الذي وصفته الصحيفة برجل الجزائر النافذ، بعد أن استطاع في الآونة الأخيرة أن يربط صلات وثيقة بالسلطات العليا في الجزائر.

على صعيد آخر، شهدت مدينة كيدال، معقل المتمردين الطوارق أقصى شمال شرقي مالي، مظاهرة صباح أمس نظمها العشرات من أنصار الحركة الوطنية لتحرير أزواد ومناهضي وجود الدولة المالية في المدينة، طالبوا خلالها بالإفراج عن سجناء منحدرين من الشمال، موجودين في باماكو، مشيرين إلى أن اتفاق واغادوغو بين الحكومة الانتقالية في باماكو والمسلحين الطوارق تنص على ضرورة الإفراج عن هؤلاء المعتقلين.

يذكر أن اتفاق واغادوغو يتضمن ثلاثة نقاط أساسية، أولها عودة الجيش والإدارة الماليين إلى مدينة كيدال، وهو ما جرى مطلع شهر يوليو (تموز) الماضي، ثم تنظيم الانتخابات الرئاسية في عموم التراب المالي بما في ذلك مدينة كيدال، وهي الانتخابات التي جرى شوطها الأول يوم 28 يوليو الماضي، وينتظر شوطها الثاني يوم الأحد 11 أغسطس الحالي، أما النقطة الأخيرة من الاتفاق فهي شروع الرئيس المالي المقبل بعد شهرين من تنصيبه، في مفاوضات مع العناصر المسلحة في الشمال من أجل المصالحة والتوصل إلى حل نهائي لأزمة أزواد.