جنبلاط يحرك الركود الحكومي في لبنان ويدعو لقيام حكومة تكنوقراط

قال لـ «الشرق الأوسط» إنه كان على حزب الله التفكير في مرحلة ما بعد سقوط الأسد

TT

ألقى رئيس اللقاء الديمقراطي اللبناني النائب وليد جنبلاط «حجرا في المياه الراكدة» في مساعي تأليف الحكومة اللبنانية بإدلائه بموقفه المنتظر في موضوع تأليف الحكومة اللبنانية وتأكيده أنه يؤيد قيام حكومة تكنوقراط خالية من السياسيين خلافا لما تطالب به قوى «8 آذار» ومكونها الرئيس حزب الله ما أخر تأليف الحكومة أربعة أشهر، حيث دخلت محاولات الرئيس المكلف تشكيلها يوم أمس في شهرها الخامس وسط استمرار التباينات حولها.

وتنبع أهمية موقف جنبلاط من كونه يمتلك كتلة نيابية من ثمانية أعضاء بإمكانها تغليب إحدى وجهتي النظر التي ينضم إليها، بين فريقي «14 آذار» و«8 آذار»، ما يمكنها من الحصول على الغالبية النيابية في البرلمان لتأليف الحكومة واتخاذ القرارات الأساسية.

وفيما وصفت مصادر الرئيس المكلف تأليف الحكومة تمام سلام كلام جنبلاط بأنه مهم جدا ويبنى عليه، بدا أن جنبلاط يتجه أكثر فأكثر نحو وجهة نظر «14 آذار» التي تطالب بحكومة من دون حزب الله لرفضها الدخول معه في حكومة «طالما هو متورط في النزاع السوري».

وقال جنبلاط في تصريحه لـ«الشرق الأوسط» إنه يحاول من خلال مواقفه الأخيرة دق ناقوس الخطر لأن الوضع القائم لم يعد مقبولا، ولم يعد بالإمكان التغاضي عن معاناة المواطنين جراء الفراغ الكبير. وأضاف: «هناك أمور لا بد منها لتأمين أمور الناس وشؤون المواطن التي لا يبدو أن أيا من المتخاصمين يأبه بها كثيرا».

وأشاد جنبلاط بالمواقف الإيجابية الأخيرة لرئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري «بغض النظر عن بعض الجزئيات والاتهامات». وقال: «أعتقد أن ما قدمه إيجابي جدا بعيدا عن نظريات المؤامرة». وأضاف: «أن استعداد الحريري للحوار حول جميع القضايا الخلافية أمر جيد جدا، ويحتاج إلى ملاقاته في مكان ما». وأضاف: «أعرف أن القرار ليس في لبنان، بل في مكان ما في إيران، لكن هذا لا يمنع أن نحاول تأليف حكومة تهتم بشؤون الناس، وتسعى لتحسين أوضاع الكهرباء المتردية وترتيب أمور الإدارة الرسمية والعمل من أجل الحفاظ على ثروة لبنان النفطية، وأيضا تأمين موارد إضافية لتغطية تكاليف سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت خلافا للمنطق، لأن إقرارها من دون موارد سيزيد ألفي مليار ليرة على الدين العام ويتهدد استقرار الليرة اللبنانية».

وأكد جنبلاط أنه للخروج من هذه الأزمة فإنه مع قيام حكومة تكنوقراط، رافضا ردا على سؤال أن يكون هذا الأمر موجها ضد أحد، فحسن نصر الله قالها بنفسه: «دعونا نتقاتل في سوريا»، حسنا دعونا نتقاتل في سوريا ونتحاور في لبنان من أجل مصلحة الناس ومصلحة البلاد.

وانتقد جنبلاط تورط حزب الله في سوريا من دون أن يسميه مباشرة، معتبرا أنه كان على البعض التفكير في إمكانية سقوط نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد. وأضاف: «هذا النظام ساقط بالفعل، مهما طال الأمر، والتطورات الأخيرة تدل على أن الشعب السوري العظيم سوف ينتصر في نهاية المطاف على الرغم من التخاذل والتآمر الدوليين»، معتبرا أن التطورات الأخيرة في سوريا، وتحديدا في ريف اللاذقية ممتازة ورأى أن العد العكسي لسقوط النظام قد بدأ بالفعل والمسألة، مسألة وقت لا أكثر، ولهذا علينا التفكير بمرحلة ما بعد الأسد، وفي كيفية حماية لبنان من هذا السقوط.

وكان جنبلاط قال في حوار مع «وكالة أنباء الشرق الأوسط» المصرية إنه «إذا استمر الفراغ وتعسر تأليف الحكومة، فإنه يدرس كل الخيارات بما فيها قيام حكومة أمر واقع». وعن استعداده للقبول بحكومة أمر واقع، قال: «قد أميل لهذا التوجه ولا أريد أن أغامر وأن أغير مواقفي. كنت من أول القائلين بضرورة حكومة وحدة وطنية سماها (رئيس الوزراء المكلف) تمام سلام حكومة مصالحة وطنية». وأكد أن «سلام الضمانة إذا لاحظ وجود خطر وجودي على حزب الله وأنا أثق في وطنية تمام سلام». وسئل عن إمكان تكرار ما حصل قي 7 مايو (أيار) 2008، عندما اجتاح حزب الله وحلفاؤه بيروت وهاجموا معقل جنبلاط في الجبل، فأجاب أن ما حدث في 7 مايو أضر بحزب الله بشكل هائل، وهذا ليس في صالح الحزب، فلنتعقل ونخرج من الدوامة ونهتم بمشكلات المواطن أولا.

من جهته, قال الخبير الدستوري والوزير السابق إدمون رزق لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا مهلة قانونية للرئيس المكلف من أجل تشكيل حكومته»، مذكرا بأنه «خلال اتفاق الطائف طرح شخصيا فكرة تحديد مهلة للتكليف، لكن عارضها الرئيس صائب سلام شخصيا، بذريعة أنه يمكن لرئيس الجمهورية أن يعرقل مهام رئيس الحكومة المكلف، إذا لم يعجبه أو يتوافق معه».

وأوضح أن «المهلة بقيت مفتوحة لكن حدودها المصلحة العامة والشعور بالمسؤولية»، معربا عن اعتقاده بأن «المسألة لا تتعلق بنصوص قانونية بل بتحمل مسؤولية». وشدد رزق على أن الرئيس اللبناني ميشال سليمان ورئيس الحكومة المكلف تمام سلام يتحملان مسؤولية مباشرة في هذا السياق باعتبارهما المرجع الدستوري الوحيد لتأليف الحكومة، وعليهما ألا يستنفدا المصلحة العامة.

وذكر رزق أن تسمية الرئيس المكلف تمام سلام جاءت حصيلة المشاورات النيابية، بالتالي فإن مجلس النواب هو من كلفه، ويمكن لهذا المجلس من الناحية النظرية أن يسحب التكليف منه، من خلال توقيع عريضة تحظى بموافقة أكثرية المجلس النيابي، لكنه شدد في الوقت عينه أن الإمكانية هذه نظرية أكثر مما هي عملية، على غرار القول بإمكانية عزل رئيس الجمهورية أو رئيس البرلمان.