العراق يصل إلى طريق مسدود مع تصاعد العنف

عنصر من «القاعدة» فر من سجن «أبو غريب» ليقتل شقيقه الشرطي

عراقيون يزيحون حطام محلاتهم التجارية بعد تعرضها لتفجير بسيارة مفخخة في منطقة الكرادة وسط بغداد أول من امس(أ.ب)
TT

كان شهر رمضان هذه السنة الأكثر دموية في بغداد منذ أعوام، بعد موجة التفجيرات المتزامنة التي حصدت أرواح أكثر من 800 شخص، مع تصاعد العنف وعجز الحكومة المشلولة عن القضاء عليه.

ويقول خبراء إن الوضع يمكن أن يشهد مزيدا من التوتر مع الأزمة السياسية التي لا تبدو لها نهاية قريبة، والتي تزيد من تدهور الوضع الأمني في البلاد بعد سنوات قليلة من الحرب الطائفية التي أسفرت عن مقتل الآلاف.

وقال النائب الكردي محمود عثمان: «أعتقد أنه سيكون من الأفضل لو اجتمعت الأحزاب السياسية العراقية، واتفقت مع بعضها، وناقشت الأمور، وحاولت أن تكون مرنة وأن تتوصل إلى قرارات».

وأضاف: «ولكن إذا بقيت الأمور كما هي، أعني عدم لقاء الأحزاب وعدم التوصل إلى قرارات مشتركة، وإلقاء البعض اللوم على البعض الآخر، فبالطبع الأمور ستسوء». وقال عثمان: «من بين هذين الخيارين، فإن الخيار الثاني هو الأكثر ترجيحا».وأضاف قائلا لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا أرى أي مؤشر حقيقي على استعدادهم للقاء.. إنهم يهربون من مسؤولياتهم.. النزاع سياسي في الأصل، وفي الوقت نفسه مذهبي. وهذا ما يؤثر على الوضع الأمني».

وعادة ما يشهد شهر رمضان زيادة في العنف، لأن المسلحين يرون أن لهجماتهم مبررات دينية، بحسب ما يرى محللون. ولكن وعلى الرغم من ذلك، فإن شهر رمضان هذا العام كان دمويا بشكل خاص، حيث حصد 816 روحا على الأقل، طبقا لإحصاءات وكالة الصحافة الفرنسية. واستهدفت الهجمات مجموعة واسعة من المناطق، معظمها في بغداد وشمال العاصمة.

وفي أحدث الهجمات القاتلة، ضربت سلسلة من التفجيرات المتزامنة العاصمة العراقية مساء الثلاثاء، بينما كان سكان العاصمة يستعدون للإفطار بعد يوم من الصيام. وأدت الهجمات إلى مقتل 31 شخصا.

وغالبا ما يشير المسؤولون إلى ما يجري من سفك للدماء في سوريا المجاورة على أنه يزعزع الاستقرار في العراق، ولكن البعض يلقون باللوم على الجمود السياسي الطويل في السماح للمتطرفين الإسلاميين بالانتشار لتنفيذ هجماتهم وتحقيق أهدافهم.

وإضافة إلى التدهور الأمني، فقد أخفقت الحكومة بشكل كبير في توفير الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه النظيفة، كما لم تصدر أي قوانين مهمة منذ انتخابات 2010، على الرغم من أن الحكومة توصف بأنها حكومة وحدة وطنية، وتضم ممثلين من الكتل السياسية الرئيسة في البلاد، إلا أن القادة السياسيين المتخاصمين غالبا ما ينتقدون بعضهم علنا، ويتبادلون التهم بشأن كثير من القضايا.

وعادة ما يُتهم رئيس الوزراء نوري المالكي بتركيز السلطة في يديه، بينما يتهم هو خصومه السياسيين بالتحالف مع قوى خارجية. ولم يتم إطلاق سوى بإدارات رمزية، مثل اجتماع القادة السياسيين، في الأول من يونيو (حزيران)، ولم يتم اتخاذ سوى القليل من الخطوات الملموسة لمعالجة الأزمة السياسية.

ومن غير المتوقع أن تشهد البلاد هدوءا قبل الانتخابات التي من المقرر أن تجري العام المقبل.

وقال المحلل السياسي المقيم في بغداد إحسان الشمري إن «الزعماء السياسيين هم المسؤولون الرئيسيون عن الوضع السيئ، لأنهم هم الذين يسيطرون على الأمن». وأضاف: «كما أنهم مسؤولون عن مشكلات أخرى مثل الفساد والبطالة».

وحذر الشمري من أن أي تحسن في الوضع السياسي والأمني لا يزال «بعيدا جدا»، معربا عن قلقه من ارتفاع مستويات العنف قبل الانتخابات التي من المقرر أن تجري في أبريل (نيسان) 2014. وقال: «أعتقد أن مستوى العنف سيشهد ارتفاعا خلال الأيام أو الأشهر المقبلة، مع اقتراب الانتخابات».

وينظر إلى الانتخابات على أنها الفرصة الكبيرة التالية لحل الجمود السياسي في العراق، لأن التغيرات في هياكل السلطة داخل الأحزاب وفيما بينها يمكن أن تغير في الطريقة التي تتفاعل فيها. إلا أن المحللين يرون أنه وحتى ذلك الوقت فإنه من غير المرجح أن تخف حدة العنف. فقد قتل الأربعاء 17 شخصا على الأقل.

وأفاد مسؤول عسكري عراقي كبير أمس بأن عنصرا من «القاعدة» فر من سجن بغداد في منتصف يوليو (تموز) الماضي، تمكن مع مجموعة مسلحة من قتل شقيقه الشرطي مع عشرة أشخاص آخرين.

وقال اللواء الركن عبد الأمير الزيدي قائد القوات المسلحة في المنطقة الشمالية من البلاد إن مجموعة مسلحة هاجمت مساء الأربعاء في تكريت منزل الشرطي فقتلته قبل أن تفجر منزله، مضيفا أن «سكانا من الحي تجمعوا في المكان إثر حصول الحادث، فانفجرت قربهم سيارة مفخخة أدت إلى مقتل عشرة أشخاص آخرين وإصابة 58 بجروح».