استهداف مسجد يؤجج العنف الطائفي في سريلانكا

الشرطة تعزز حضورها في ضاحية بكولومبو.. وممثلو الأقلية المسلمة قلقون على سلامتهم

انتشار كثيف للشرطة أمس أمام المسجد الذي جرى استهدافه في كولومبو (أ.ف.ب)
TT

عاد العنف الطائفي إلى سريلانكا مجددا ناشرا الرعب في نفوس كثيرين من الأقلية المسلمة التي تشكل أقل من 10 في المائة من عدد السكان. وعبر ممثلو الأقلية المسلمة عن مخاوفهم أمس غداة هجوم شنه بوذيون متشددون على مسجد في العاصمة كولومبو، مما أسفر عن 12 جريحا.

وفور وقوع الهجوم نشرت الشرطة المئات من عناصرها ومن وحدات القوات الخاصة، وفرضت حظر تجوال في أحد أحياء كولومبو، قبل أن ترفعه لاحقا. وبعد رفع حظر التجوال أعلن ناطق باسم الشرطة أمس أن هذه القوات ستبقى في حالة تأهب في منطقة غراندباس.

وبدوره، قال فطين فاروق، رئيس جمعية علماء كل سيلان، الهيئة التي تضم رجال الدين المسلمين في سريلانكا «فوجئنا لأننا كنا نعتقد أن الأمور ستهدأ. بهذا الهجوم نشعر بالقلق مجددا، ونرى أن ذلك (العداء للمسلمين) يميل إلى الاستمرار». وأشار فاروق إلى أن هجوم السبت وقع بعد خمسة أشهر من حملة معادية للمسلمين بلغت ذروتها بإحراق محلين تجاريين يملكهما مسلمون خارج العاصمة.

وأفرجت الشرطة عن ثلاثة رهبان بوذيين و14 شخصا آخرين في إطار التحقيقات في الهجمات التي وقعت في مارس (آذار)، بينما لم يواجه الضحايا أي اتهامات. وقال فاروق «كنا نعتقد أن الأمور بدأت تهدأ منذ ذلك الحين. الحكومة بذلت جهودا كبيرة لتهدئة الوضع لكن هذا الحادث وقع فجأة وهذا يثير قلق المسلمين».

كما عبر مجلس مسلمي سريلانكا، الذي يضم جمعيات مسلمة للمجتمع المدني، عن قلقه، وقال إن الهجوم وقع على الرغم من تأكيد سلطات البلاد الإبقاء على مسجد جديد في المنطقة على الرغم من احتجاجات معبد قريب للبوذيين. وقال رئيس المجلس إنه تم «نشر الشرطة لحماية المسجد، لكن الحراس لم يتمكنوا من تطبيق القانون والمحافظة على النظام. المسلمون قلقون جدا على سلامتهم».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أمني قوله إن البوذيين اعترضوا على المسجد الجديد الذي أقيم في مكان كان موقع عبادة لهم، وقد هدم لإفساح المجال أمام أعمال بناء جديدة. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم كشف هويته أن القائمين على المعبد البوذي اعترضوا على نقل موقع المسجد و«بدأت الاضطرابات مساء السبت عند بدء الصلوات في المسجد».

وقال شهود عيان إن أجراس المعبد البوذي قرعت قبل أن يهاجم عشرات الرجال المسجد وباشروا برشقه بالحجارة وضرب المصلين. وأضاف هؤلاء الشهود وهم من سكان المنطقة أن منازل عدة في المنطقة أصيبت بأضرار. وذكرت بوشبا سويسا، وهي ناطقة باسم مستشفى كولومبو الوطني، أمس، أن من بين الجرحى عنصرين من الشرطة كانا يحرسان المسجد، ورجلين مسلمين. وبقي بعض المصابين حتى يوم أمس يتلقون العلاج في المستشفى.

وقال وزراء مسلمون في حكومة الرئيس ماهيندا راجاباكسي، في بيان مشترك، إن «الإجراءات الفاترة وغير الفعالة التي اتخذتها السلطات في أحداث سابقة شجعت على ما يبدو بعض الجماعات المتطرفة التي تبدو مصرة على إحداث فوضى في البلاد».

وقالت السفارة الأميركية في كولومبو إن الحادث يثير قلقا شديدا في ضوء عدد الهجمات التي استهدفت في الفترة الأخيرة المسلمين في سريلانكا. وقال رئيس مجلس مسلمي سريلانكا إن أكثر من 20 مسجدا هوجمت منذ العام الماضي.

وفي مارس (آذار) الماضي، أعلن رجال دين مسلمون شطب عبارة «حلال» من المواد الغذائية بعد حملة مقاطعة أطلقها متشددون بوذيون. يذكر أن البوذيين يشكلون سبعين في المائة من شعب سريلانكا الذي يضم 20 مليون نسمة. ويعد المسلمون (أقل من 10 في المائة) ثاني أكبر أقلية دينية في البلاد بعد الهندوس (13 في المائة)، والبقية مسيحيون. وشهدت الجزيرة نزاعا دمويا بين 1972 و2009 بين السكان التاميل ومعظمهم من الهندوس، والأغلبية السنهالية البوذية. وأسفر هذا النزاع عن سقوط مائة ألف قتيل على الأقل.