أنباء عن قصف مواقع متطرفين في درنة وسط صمت ليبي رسمي

الناطق باسم وزارة الدفاع لـ «الشرق الأوسط» : لن نقبل بقوات أميركية على أراضينا

TT

فيما تلقت «الشرق الأوسط» معلومات عن حدوث هجوم مفاجئ على مواقع يشتبه بأنها تابعة لجماعات محسوبة على تنظيم القاعدة في مدينة درنة شرق ليبيا، نفى عادل البرعصي الناطق باسم وزارة الدفاع الليبية لـ«الشرق الأوسط» أن تكون السلطات ممثلة في المؤتمر الوطني العام (البرلمان) أو الحكومة الانتقالية التي يترأسها الدكتور علي زيدان، قد منحت موافقتها للسلطات الأميركية من أجل السماح لها بشن هجمات على مواقع مفترضة للمتطرفين في شرق البلاد أو إنزال قوات على الأراضي الليبية لنفس الغرض. وقال سكان محليون في مدينة درنة إن هجوما لم يعرف مصدره وقع أمس بشكل مفاجئ ضد مواقع إمداد تابعة لتنظيمات متطرفة في المدينة الساحلية التي تطل على البحر المتوسط واشتهرت مؤخرا بأنها مركز تجنيد للمقاتلين الذين شاركوا في حروب في العراق وأفغانستان وسوريا.

وتحدث شهود عيان عن روايات متضاربة لقصف صاروخي تم من جهة البحر، ولفتوا إلى أن قوات ليبية تحركت إلى عين المكان فوجئت بوجود آليات محروقة ومدمرة بالكامل، فيما وردت معلومات متناقضة بأن الهجوم تم بطائرة تابعة للجيش الليبي استهدفت موقع تدريب لعناصر غير ليبية؛ ما أدى إلى مصرع أكثر من عشرين شخصا على الأقل. وتناقلت عدة صفحات ليبية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» هذه الأنباء، بينما لم يصدر أي تأكيد أو نفي رسمي من السلطات الليبية في العاصمة طرابلس. لكن عادل البرعصي الناطق باسم وزارة الدفاع الليبي نفى بشكل علني احتمال موافقة السلطات الليبية على السماح للولايات المتحدة بشن هجمات بواسطة طائرات من دون طيار (الدرون) على مواقع محتملة لجماعات جهادية أو متطرفة في المنطقة الشرقية بليبيا. وقال البرعصي في تصريحات خاصة عبر الهاتف من العاصمة طرابلس إن «أي هجوم على أي دولة ثانية لا يتم إلا طبقا لموافقة مجلس الأمن الدولي، أما ما عدا ذلك وقيام دولة كالولايات المتحدة الأميركية وخبرتها الكبيرة جدا في التعامل مع الإرهاب وجيوش العالم الثالث بكل تأكيد لا تتخذ مثل هذه الخطوات جزافا». وتابع: «أؤكد لكم أن الحكومة الليبية لم تعط أي تصريحات أو موافقات بهذا الخصوص أو لنزول أي قوات أجنبية على أراضيها مهما كانت الأسباب».

وأضاف: «سنسعى كقوات للجيش الليبي إلى التعامل مع أي جهة مهما كانت متطرفة أو متشددة، وهذا لا يعني أننا لا نستعين بخبرات من الدول العربية والصديقة كاستشاريين أمنيين فقط، لكن إنزال قوات أجنبية على أراضينا فهذا أمر لن نقبله». وحول وصول طلب أميركي في هذا الخصوص، قال البرعصي «الحقيقة أنا شخصيا ومن موقعي من وزارة الدفاع لم يصلني أي شيء، لكن سأتصل لاحقا بالسيد وزير الدفاع خلال ساعات سأرى إن كان هناك أي طلب». ووصف الناطق باسم وزارة الدفاع الوضع الأمني في ليبيا بأنه شبه مستقر، لافتا إلى أنه تم نشر قوات للجيش في العاصمة طرابلس وما حولها تفاديا لحدوث أي مشاكل ولحماية المدينة. ونفى أن يكون هذا التحرك مستندا إلى معلومات عن احتمال وقوع عمليات إرهابية وقال: «لا لم تكن هناك معلومات، فقط كانت لدينا خشية من محاولة البعض استغلال عطلة العيد».

من جهته، أعلن وزير الدفاع الليبي الجديد عبد الله الثني أنه سيكون لبلاده خلال 6 أشهر جيش قادر على حمايتها، مشيرا إلى أنه سيتم حل كافة التشكيلات المسلحة ولن يتم الاعتراف مطلقا إلا بعناصر الجيش الليبي. وتزامنت هذه التصريحات مع مطالبة اللواء عبد السلام العبيدي رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، الشعب بدعم الجيش، حيث قال في كلمة له بمناسبة الذكرى الـ«73» لتأسيس الجيش «إننا في معركة إعادة بناء الجيش نحتاج إلى دعم الشعب الذي لا يكون بمطالبة بناء الجيش والشرطة فقط بل بدعم حقيقي»، معتبرا أن هذا الدعم يتمثل في أن تقوم القبائل والأسر والمناطق الليبية في عدم إيواء أو التغطية على الفارين من السجون واللصوص. ودعا هؤلاء إلى الكشف عن أماكن تخزين السلاح، ومنع أبنائهم من استعماله ومن الالتحاق بالتشكيلات العسكرية الخارجة عن القانون وحثهم على الالتحاق بالجيش والشرطة والحفاظ على المؤسسات القائمة. كما نصح العبيدي الفارين من السجون والقائمين بأعمال إجرامية من اغتيالات وقتل ونهب بتسليم أنفسهم إلى العدالة، لافتا إلى أن الشعب الليبي قادر على الصفح عنهم وإدماجهم في عملية بناء الدولة.

إلى ذلك، وفيما بدا أنه استعداد مبكر لاحتمال حدوث مشاكل أمنية، دعت وزارة الصحة الليبية العناصر الطبية بقسم الطوارئ بمستشفى طرابلس المركزي، إلى ضرورة الالتحاق بأماكن عملهم، وذلك نظرا لما «تقتضيه مصلحة المواطن وتقديم الخدمات الطارئة له». وهددت الوزارة في إعلان نشرته أمس وكالة الأنباء المحلية بأن كل من يتخلف عن الالتحاق في الموعد المحدد سوف يتحمل المسؤولية القانونية المترتبة عن ذلك. وقالت وكالة الأنباء المحلية إن قسم الحوادث بمستشفى شارع الزاوية المركزي بطرابلس كان مغلقا أمس لليوم الرابع على التوالي نتيجة احتجاج الأطباء ومساعديهم على سلوك بعض الأشخاص وتدخلهم الفظ أثناء تأدية الأطباء لعملهم. من جهة اخرى ، قال مسؤول ليبي لـ«الشرق الأوسط» إن التحقيقات المبدئية التي أجرتها أجهزة الأمن المحلية أكدت أنه لا علاقة لأنصار نظام العقيد الراحل معمر القذافي بالتفجير الذي استهدف محطة الكهرباء الرئيسية في مدينة سرت الساحلية مسقط رأس القذافي. وأوضح المصدر هاتفيا من سرت أنه لم يتم اعتقال أحد لكنه أكد في المقابل أنه تم التعرف على الذين قاموا بالتفجير والبحث ما يزال جاريا عنهم لأنهم غادروا المدينة إلى جهة ما، على حد قوله. وكانت محطة توزيع الكهرباء الرئيسية رقم 18 بمدينة سرت قد تعرضت إلى عملية تفجير بواسطة قنبلة محلية الصنع ما أدى إلى تدميرها وتخريبها. واتهمت السلطات الليبية مجموعة وصفتها بأنها خارجة عن القانون بتفجير المحطة بهدف زعزعة الأمن والاستقرار بالمدينة، فيما قال محمد عريشية عضو المؤتمر الوطني العام (البرلمان) عن سرت لـ«الشرق الأوسط» إن الوضع بشكل عام يعتبر طبيعيا ومستقرا في المدينة، مضيفا: «تحصل بين الحين والآخر بعض الأعمال التخريبية في محطات الكهرباء لكن تم إصلاحها بشكل تام».