معارضون: نقص الذخائر يمنع المعارضة من التقدم في ريف اللاذقية

60 قتيلا في معارك دير الزور * مصير الراهب الإيطالي في سوريا مجهول.. وناشطون ينفون أنباء عن إعدامه

سورية تحمل ربطة خبز حصلت عليها من مخبز تديره جماعة سورية معارضة في الرقة (أ.ف.ب)
TT

نفى رئيس هيئة الأركان في الجيش الحر اللواء سليم إدريس الأنباء التي تحدثت عن صدور أوامر من قبل القيادة العسكرية للجيش الحر بالانسحاب من جبهة الساحل، لكن معارضين سوريين استمروا في توجيه الانتقادات إلى هيئة الأركان بسبب ما اعتبروه أخطاء حصلت في إدارة معركة ريف اللاذقية مكنت القوى المتشددة من تصدر المعركة، فيما تحدثت معلومات عن مقتل 60 شخصا في اشتباكات تدور لليوم الثالث بين مقاتلي دولة العراق والشام الإسلامية والقوات النظامية التي خسرت مواقع عدة في المدينة.

وتشهد مدينة الرقة، في شمال سوريا، مظاهرات مستمرة منذ أيام، ضد مقاتلين إسلاميين متشددين، للمطالبة بإطلاق سراح مئات المحتجزين، بينهم الراهب الإيطالي اليسوعي باولو دالوليو، الذي فقد الاتصال به نهاية شهر يوليو (تموز) الماضي بعد عودته إلى سوريا وتوجهه للقاء أحد قادة ما يسمى بـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام».

وتداولت صفحات المعارضة أمس أنباء عن إعدام دالوليو، من دون ذكر مصدر هذه المعلومات. لكن عضو المجلس المحلي لمحافظة الرقة إبراهيم مسلم نفى لـ«الشرق الأوسط» صحة هذه الأنباء، مشيرا إلى أن «إحدى الناشطات خارج سوريا هي من كتبت الخبر على صفحتها على (فيس بوك) ومن ثم تناقلته بعض صفحات المعارضة». وقال المعارض الكردي إنه «من الصحيح أن عناصر الدولة هم من الإرهابيين لكنهم يحبون المال ويبرمون الصفقات للإفراج عن المعتقلين لديهم مقابل المال».

وتخرج مظاهرات بشكل يومي في المدينة منذ نحو أسبوعين للمطالبة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، بالإفراج عن مئات المعتقلين والمختطفين والمختفين في معتقلات وسجون «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، وعلى رأسهم «داعية السلام وصديق المعارضة السورية الأب باولو دالوليو»، بحسب المرصد. وتعد الرقة المعقل الأساسي لهذا التنظيم المتشدد المرتبط بتنظيم القاعدة.

ولا يزال مصير الراهب اليسوعي مجهولا منذ اختفائه، في 29 يوليو، وذلك بعد ذهابه إلى مقر تنظيم «الدولة الإسلامية» الواقع في مبنى محافظة الرقة لمقابلة أمير في التنظيم. وقال ناشطون إن دالوليو أبلغ مقربين منه قبل توجهه للقاء الأخير أنه في حال لم يعد بعد ثلاثة أيام، فذلك يعني أن مكروها ما أصابه. ويحظى دالوليو باحترام عدد كبير ولم تتضح تفاصيل المهمة التي جاء الراهب الإيطالي بشأنها إلى سوريا، بعد أن كان النظام السوري قد طرده منها، قبل أكثر من عام، إثر زيارة قام بها إلى مدينة القصير بحمص، معلنا مناصرته لمطالب الشعب السوري ومبديا رفضه لأي تدخل أجنبي. لكن أحد الذين رافقوه من ناشطي المعارضة قال إن «مواله» كان من رأسه و«يسعى إلى تفادي الأسوأ»، مشيرا إلى أنه كان ينوي طرح مجموعة من الأسئلة على أمير «الدولة الإسلامية» بالرقة، تتمحور حول أهدافهم من المشاركة بقتال النظام والعلاقة التي تربطهم بتنظيمات أخرى وطموحاتهم المستقبلية.

وكتب الناشط السوري محمد الحاج صالح، وهو رافق الأب باولو خلال وجوده في الرقة، على صفحته على «فيس بوك»: «سأكسر الصمت وأقول إن الأب باولو خلال الأيام الثلاثة التي عشناها معه وعاشها معنا، كان صائما صيام رمضان.. لا ماء ولا أكل ولا شيء». وتابع: «الأب باولو إنسان بكل معنى الكلمة.. شجاع وبسيط. وأعتقد جازما أنه صادق وموثوق والأهم أنه يهوى السوريين إلى حد العشق، ويحب الثورة حتى لتخالها جنته التي سيهديها له المسيح»، موضحا أن «له رؤية لا يمكن لأي مسلم معتدل وموضوعي إلا أن يحترمها أشد الاحترام».

ويذكر الناشط السوري، الموجود في الرقة، أنه في «المحاولة الثانية وقبل الأخيرة للأب باولو في مقابلة أمير (الدولة الإسلامية في العراق والشام) في مقرها في الرقة، جلس الأب باولو مع مجموعة الحراس على البوابة للانتظار وتجاذبوا الحديث». ونقل عنه قوله إنهم «كانوا لطيفين ومحترمين ومن دون أقنعة وكلهم رقاويين (من الرقة)»، وأجاب على سؤال أحد المقنعين المسلحين غير السوريين عما إذا كان يحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويحترمه، قائلا: «يا بني، عندما أحببت الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكتبت عنه كنت أنت لا تزال صغيرا أو لم تولد». وتابع مخاطبته قائلا: «اقرأ كتبي واطلع على صفحتي وعلى نشاطاتي في الثورة السورية تجد أنني أحب الرسول وأحب الإسلام وسعيت وأسعى إلى التفاهم بين المسيحية والإسلام، لكن أنت يا بني أي رسالة توصل عن الإسلام وأنت مقنع ومسلح وصوتك عال ومنتهر؟! يا بني كل الذي أوصلته لي هو الخوف منك وأنا بهذه الحالة ودائما أسلم أمري لله ولقدري»، مما أثار غضب المسلح ودفع الحراس من أبناء الرقة للتخفيف عن الأب باولو.

من جهة أخرى، سمعت شن معارضون سوريون وناشطون في اللاذقية، هجوما على رئيس قيادة الأركان في الجيش السوري الحر اللواء سليم إدريس، غداة زيارته الميدان في ريف اللاذقية، متهمين إياه بالتقصير لناحية إمدادهم بالسلاح، ما يؤخر تقدمهم في المنطقة بعدما سيطروا على 11 قرية في «معركة تحرير الساحل».

وتركزت انتقادات المعارضين على دعم رئاسة الأركان لعضو القيادة وقائد المجلس العسكري في الساحل العقيد مصطفى هاشم الذي اتهموه بحجب السلاح عنهم، فضلا عن اتخاذ بعض أعضاء القيادة قرارا بتأجيل معركة الساحل «حفاظا على السلم الأهلي»، وهو اللغط الذي بدده إدريس بزيارته إلى المنطقة أول من أمس، إذ ساهم حضوره «برفع الروح المعنوية للمقاتلين، بعدما وعدهم بإمدادهم بالسلاح والذخيرة في القريب العاجل»، كما يقول ناشطون لـ«الشرق الأوسط».

ويعتقد المعارضون أن أطرافا في قيادة الأركان تمنع مشاركة كتائب الحر في المعركة، عبر إحجامها عن مدهم بالذخيرة، وهو ما أكده الناشط عمر جبلاوي لـ«الشرق الأوسط». وقال جبلاوي الذي رافق إدريس في زيارته إن «السلاح في المنطقة كان نادرا، إذ لم يحصل المقاتلون بعيد انطلاق المعركة إلا على 16 ألف طلقة كانت موجودة لدى العقيد هاشم»، لافتا إلى أن الأخير «طلب ذخيرة من قيادة الأركان، لكنها لم ترسلها له». وإلى ذلك، قتل نحو 60 عنصرا من القوات النظامية والمتشددين في ثلاثة أيام من المعارك في مدينة دير الزور في شرق سوريا حيث يحقق المقاتلون تقدما على الأرض، كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وقال المرصد إن 33 عنصرا على الأقل من «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وجبهة النصرة، و25 عنصرا من القوات النظامية قتلوا.