الخرطوم تمدد مهلة تصدير نفط جنوب السودان أسبوعين آخرين

مقتل وجرح المئات في نزاع قبلي بولاية شرق دارفور السودانية

TT

أعلنت حكومة الخرطوم تمديد المهلة التي منحتها لحكومة جنوب السودان بوقف تصدير النفط الجنوبي حتى السادس من سبتمبر (أيلول) المقبل، طبقا لتأكيدات قالت إن جوبا قدمتها، وتتضمن الالتزام بتنفيذ مصفوفة الاتفاقات الموقعة بين البلدين. في حين اعتبرت جوبا أن هناك أجواء إيجابية بين البلدين في الآونة الأخيرة، يمكن أن تقود إلى استمرار تدفق النفط وتسهيل ترسيم الحدود، وأعلنت أنها سترفع من إنتاجها في حال تسلمت إخطارا رسميا من جارتها الشمالية باستمرار عبور النفط إلى موانئ التصدير.

جاء ذلك في وقت قتل فيه أكثر من 100 شخص، وجرح العشرات في نزاع بين قبيلتين رعويتين في ولاية شرق دارفور، بسبب نزاع على الأرض والمراعي، ويسود التوتر حاضرة الولاية (الضعين)، وما زالت المعارك تدور بين أفراد القبيلتين.

وللمرة الثانية في غضون شهر، أعلنت الحكومة السودانية تمديد المهلة التي منحتها لحكومة جنوب السودان لوقف تصدير النفط عبر الأنابيب السودانية، المنتهية في الـ22 من الشهر الحالي.

وقال وزير النفط السوداني عوض أحمد الجاز إن الرئيس عمر البشير ورئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت اتفقا على تمديد مهلة تدفق النفط لأسبوعين آخرين، تنتهي في السادس من سبتمبر المقبل، بعد أن كانت الخرطوم قد حددت يوم 22 من يوليو (تموز) الماضي مهلة أخيرة لجوبا، بعدها يتوقف تصدير النفط، إثر تطور في العلاقة بين الدولتين، وصفها الجاز بـ«الموجبة»، فيما يتعلق بإنفاذ وتطبيق المصفوفة الموقعة بين البلدين في أديس أبابا، سبتمبر الماضي.

وأمهلت الخرطوم جوبا شهرين، توقف بعدها توقف تصدير النفط الجنوبي، إثر اتهامها لها بمواصلة دعم متمردي الحركة الشعبية بالشمال.

وبعيد إقالة الرئيس سلفا كير لحكومة جوبا، وإقالة نائبه رياك مشار، وإحالة الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم للتحقيق، الذين تتهم الخرطوم بعضهم بمساندة الحركة الشعبية بالشمال، ومتمردي الجبهة الثورية الذين يخوضون حربا ضد الخرطوم في ولايات جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور، أمهلت الخرطوم حكومة جوبا الجديدة أسبوعين آخرين كان مقررا أن تنتهي في الـ22 من أغسطس (آب) الحالي، بوساطة من رئيس الآلية الأفريقية رفيعة المستوى ثابو مبيكي.

وأضاف الجاز، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية (سونا)، أن المهلة التي منحتها حكومته لجوبا، تقع ضمن إطار «إبداء حسن النية»، باتجاه إكمال تنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، مشيرا إلى بدء إنشاء خط الحدود «صفر»، الذي تبدأ منه المنطقة الآمنة منزوعة السلاح بعمق 20 كيلومترا داخل حدود كلا الدولتين، التي أقرت في اتفاقية التعاون بين البلدين.

وأكد الجاز على استمرار تدفق النفط بعد نهاية المهلة الجديدة، حال التزام جوبا بتطبيق الاتفاقيات بين البلدين، وأضاف أن الرئيس سلفا كير أكد للرئيس البشير في الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما التزام حكومة بتنفيذ الاتفاقيات كافة.

وكشف الجاز أن وزارته أرسلت منذ أمس، خطابات للشركات العاملة في النفط باستمرار ضخ النفط حتى السادس من سبتمبر المقبل، بعد أن كانت قد أمرتها بوقف ضخ النفط في 22 من أغسطس الحالي.

من جانبه، قال وزير النفط والتعدين والصناعة في حكومة جوبا استيفن ديو داو لـ«الشرق الأوسط» إن حكومته لم تتسلم إخطارا رسميا من الخرطوم حول استمرار تدفق نفط بلاده إلى الموانئ السودانية للتصدير، وأضاف: «ربما في اليومين المقبلين نتسلم الإخطار الرسمي، وبه تكون فترة السماح قد قاربت الشهر.. باعتبار أن تمديدا سابقا كان يفترض أن ينتهي في الـ22 من أغسطس الحالي»، معربا عن أمله في استمرار دائم لتدفق النفط، وليس متقطعا بأسابيع.

وقال إن الأجواء الحالية بين بلاده والسودان إيجابية باعتبار أن اللجنة الأفريقية الخاصة بخلق المنطقة العازلة على حدود الدولتين مستمرة بشكل أفضل، والطرفان راضيان عن أدائها، مستبعدا أن يكون التشكيل الوزاري الجديد في جنوب السودان وراء اتخاذ الخرطوم قرار السماح لنفط بلاده بالاستمرار لأسبوعين آخرين.

وكشف داو عن أن بلاده سترفع من إنتاجها النفطي إلى 180 ألف برميل في اليوم، بعد أن وصل إلى 30 ألفا حتى أمس. وقال داو إن خفض إنتاج النفط كان له أثر سلبي من النواحي الفنية على المنشآت النفطية في السودان، مشيرا إلى أن حكومته تسلمت إيرادات مليوني برميل بعد بيعه في السوق العالمية، وأن الخرطوم تسلمت نصيبها بما يصل إلى 48 مليون دولار، وهي الرسوم المقررة والمتفق عليها بين البلدين في اتفاق النفط الموقع في سبتمبر العام الماضي، ضمن اتفاق التعاون المشترك بين البلدين.

في سياق آخر، لقي أكثر من 100 شخص مصرعهم في نزاع قبلي دامٍ، بولاية شرق دارفور السودانية بين قبيلتي الرزيقات والمعاليا الرعويتين، وتعيش حاضرة الولاية، مدينة الضعين، حالة من التوتر الشديد، منذ أن اندلع النزاع الدامي بين العشيرتين ثاني أيام عيد الفطر الماضي، وما زالت المعارك تدور بين أفراد القبيلتين المدججتين بالسلاح، إثر تفجر نزاع على ملكية أرض منطقة كليكلة بمحلية عديلة، شرق ولاية دارفور، وتزعم كل قبيلة تبعية المنطقة لها.

ولا توجد إحصائيات رسمية عن أعداد القتلى والجرحى في المعارك الدائرة بين القبيلتين المتحاربتين، وعادة ما تقلل كل قبيلة خسائرها في المعارك، وتزيد من أعدادها حين دفع الديات والتعويضات. وتعد القبيلتان المتقاتلتان من القبائل «الحليفة» لحكومة الخرطوم في حربها ضد حركات التمرد الدارفورية، ويتردد على نطاق واسع أن السلاح الذي زودت به الحكومة أفراد القبيلتين والميليشيات المكونة من أفراد القبيلتين، استخدم في تلك المعارك.

وقال رئيس مجلس شورى قبيلة المعاليا الشيخ مردس جمعة لـ«الشرق الأوسط» إن أفراد من قبيلة الرزيقات هاجموا منطقة كليكلة ودارت معركة قتل فيها 22 من أفراد قبيلته وجُرح آخرون، وأرجع سبب المعركة إلى النزاع حول تبعية المنطقة، وإلى استيلاء القبيلة الأخرى على أبقار قبيلته، التي أعيدت بعد وساطات أهلية.

ونفي مردس الاتهامات بالاستعانة بأفراد من حركات دارفور المتمردة من أبناء قبيلته، بقوله: «نحن ساندنا الحكومة واسترددنا منطقة مهاجرية من حركة تحرير السودان بقيادة مناوي، وأعدنا أبناءنا الذين تمردوا دون أي شروط، أو المطالبة بقسمة سلطة أو ثروة».

وقال والي الولاية عبد الحميد موسى كاشا في اتصال مقتضب مع «الشرق الأوسط»، أمس، إن الأوضاع بدأت تتجه نحو الاستقرار، وإنها في سبيلها للحل، ورفض كاشا، الذي ذكر شهود عيان في وقت لاحق أنه في منطقة عديلة معقل المعاليا، رفض الإدلاء بأي تفاصيل عن الأحداث.

من جهته، قال رئيس مجلس شورى الرزيقات محمد عيسى عليو في تصريحات هاتفية لـ«الشرق الأوسط»، إن قبيلته، وهي صاحبة الحق التاريخي في الأرض المتنازع عليها، فوجئت بمطالبة المعاليا بمنطقة كليكلة، وباستيلائهم على 400 من أبقار الرزيقات، على الرغم من الصلح الذي تم بين القبيلتين، والعلاقات التاريخية التي تربطهما، أعاد بعضها معتمد محلية أبو كارنكا.

وأضاف أن هناك فرعا من المعاليا هاجر إلى منطقة كليكلة في وقت متأخر، ومنحتهم قبيلته الأرض، لكن وبعد أن تمت تسمية «نظارة» للمعاليا حاولوا الارتباط بقبيلتهم ونظارتها، وأنهم يرفضون تبعية الأرض التي تخص قبيلتهم لنظارة أخرى.

واتهم عليو قبيلة المعاليا بأنها استعانت بالحركات المسلحة المتمردة في دارفور، في الحرب مع قبيلته، وجدد القول إن الأوضاع ما زالت متوترة في أنحاء واسعة من الولاية.

واتفق المتحدثان باسم القبيلتين على غياب دور رسمي، وأن القوات النظامية لم تتدخل بعد، في حين قال عليوي إن القوات النظامية عادة ما تتريث قبل التورط في النزاعات القبلية في دارفور، وأبدى الطرفان استعدادهما لوساطة شعبية وعشائرية تنهي النزاع وتوقف نزيف الدم بين أفراد القبيلتين.

وشهدت دارفور خلال هذا العام نزاعات قبيلة متعددة بين القبائل العربية والقبائل الدارفورية، وبين القبائل العربية وبعضها، أدى لتشريد أكثر من 300 ألف ولجوئهم لمناطق أخرى، حسب تقارير منظمات الأم المتحدة العاملة في دارفور.