المتشددون يهاجمون حكومة روحاني.. والرئيس يرد: البلاد تريد الاعتدال

نواب ينتقدون وزراء باعتبارهم حرضوا على «الفتنة» في 2009

جانب من جلسة مجلس الشورى لدى عرض تشكيلة الحكومة الايرانية المقترحة أمس (أ. ف.ب)
TT

دافع الرئيس الإيراني حسن روحاني عن تشكيلة حكومته المقترحة المكونة من 18 وزيرا، أمام هجمات المتشددين في البرلمان، أمس، الذين اتهموه بترشيح شخصيات أصدقاء للغرب للحقائب الوزارية في حكومته، أو من المحرضين في احتجاجات 2009, ورد روحاني على النواب المنتقدين قائلا إنه اختار الوزراء بناء على معايير الكفاءة, قائلا إن البلاد تعبت من التطرف.

وقد درس عدد من الوزراء المقترحين في جامعات في كاليفورنيا وواشنطن ولندن، بينما درس روحاني نفسه في اسكوتلاندا.

وقال البرلماني المتشدد آية الله حكيمي: «لماذا يا روحاني تريد إحياء التحريض؟», وأدان «وجود قادة للمؤامرة»، في إشارة إلى حركة الاحتجاج في 2009، و«تقدم أعمار» الوزراء في الحكومة التي يقترحها روحاني.

بينما قال حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة «كيهان» والمقرب من المرشد الأعلى آية الله خامنئي إن بعض الوزراء المرشحين يستحقون أن يكونوا في السجن. وانتقد المحافظون المتشددون خلال الأيام الأخيرة كثيرا من الوزراء، لا سيما وزراء التربية والعلوم والجامعات والإسكان والنفط لدورهم في المظاهرات التي تلت إعادة انتخاب الرئيس السابق محمود نجاد المطعون فيها سنة 2009.

وكان الأربعة فعلا أعضاء في حملة المرشح الإصلاحي حسين موسوي الذي ندد بعمليات تزوير مكثفة، ودعا أنصاره إلى الخروج إلى الشوارع، وهو على غرار المرشح الإصلاحي الآخر مهدي كروبي قيد الإقامة الجبرية منذ فبراير (شباط) 2011.

وقال روحاني في خطاب أمام النواب أمس غن أولويته تتمثل في تسوية الأزمة الاقتصادية والبرنامج النووي، من أجل رفع العقوبات الغربية التي تضر باقتصاد البلاد.

وقد انخفضت الموارد النفطية إلى النصف منذ سنة، في حين تمنع العقوبات المصرفية إيران من إعادة عائدات بيع النفط إلى البلاد، مما أدى إلى انهيار قيمة العملة الإيرانية وتضخم بنحو 40 في المائة.

وقال روحاني: «نعلم جميعا أن بلادنا في وضع اجتماعي واقتصادي صعب، وأن الضغوط الدولية فاقمت تلك المشكلات».

وأضاف روحاني أن العقوبات تهدف إلى «الحد من قنوات تبادل البلاد مع الخارج أو إغلاقها»، منددا «بالطريقة التي تستعملها الدول الغربية التي لا تعبأ بالاحتياجات الأساسية للمجتمع»، وتضغط على إيران لتخضع بشأن برنامجها النووي المثير للجدل.

وتابع أن «في مجال الدبلوماسية ستحاول الحكومة تسوية هذا التحدي الدولي، وفي الوقت نفسه الدفاع عن إرادة الأمة» في الدفاع عن حقوقها النووية.

وأعرب روحاني في كلمته، خلال حضوره اجتماع مجلس الشورى الإسلامي، للدفاع عن وزرائه المرشحين للتشكيلة الحكومية الجديدة، عن أمله بتحديد مصير الحكومة الـ11 قبل الأربعاء، مبديا ثقته في أن الأخلاق الدينية السامية والإنصاف سيسودان جميع مراحل عملية التصويت على الثقة للوزراء.

وتحدث روحاني عن الأسباب التي دعته للمشاركة في الانتخابات الرئاسية، وقال إنني، وفي ضوء معرفتي بظروف البلاد الحساسة، وبعد إجراء كثير من المشاورات والدراسات، قررت الدخول إلى ساحة المنافسة الانتخابية، وسعيت منذ البداية لإطلاع الشعب بصورة صحيحة وشفافة على تحليلاتي إزاء هذه الظروف الحساسة والتوجهات التي أتصورها لتحسين الأمور. وأضاف الرئيس روحاني، أن الشعب أثبت بصوته أنه مؤيد لهذه التحليلات والتوجهات.

وأشار الرئيس روحاني إلى أن البلاد تعيش اليوم ظروفا اقتصادية واجتماعية حساسة، وأن الضغوط الدولية قد زادت المشكلات، وقال إن هذه الضغوط قد ركزت في الأساس على هذه المسألة، وهي فرض القيود على مسارات اتصال البلاد مع الخارج أو إغلاقها.

وأضاف أن البحث حول هذه المسألة، وهي هل الأسلوب المتخذ من قبل الدول الغربية يعتبر طريقا لحل مشكلة دولية أم لا، وهل ينبغي فرض مختلف الضغوط على الحاجات الأساسية للشعب (الإيراني) لحل قضية ما، في حين أن لها في العصر الحاضر أساليب حلول مختلفة عقلانية ومقبولة.

وأشار إلى أنه في موضوع الاقتصاد الداخلي كان بالإمكان للدولارات النفطية أن توفر فرصة استثنائية لإيجاد إمكانيات جديدة في البلاد، وتوفير المزيد من فرص العمل، وقال إنه على الرغم من ذلك فإن مساعي الحكومة لتوفير الحاجات الاجتماعية خلال الأعوام الماضية، أدت إلى حدوث قفزة في الميزانية، وأن تواجه الحكومة زيادة في التزاماتها، وأن تواجه الواردات عبر العائدات النفطية نموا يستلزم استمرار وامتلاك عائدات نفطية كبيرة.

وتابع الرئيس الإيراني أن الحكومة، وفيما يتعلق بقضايا ومشكلات البلاد، ستتابع مسارين موازيين؛ أحدهما للآخر؛ فـ«من جانب سنسعى في المجال الدبلوماسي للتغلب على التحدي الدولي القائم في إطار سياسة الشعب الداعية للاستقلال، وأن نتمكن من إيقاف المسار الراهن غير الجيد، وأن نعتبر من جانب آخر محدودية المصادر بمثابة فرصة لزيادة الأنشطة، أي أنه ينبغي علينا أولا زيادة المصادر الاقتصادية، وأن نعمل ثانيا على تطويرها.

وأكد الرئيس روحاني في كلمته أن الأولوية الأخرى للحكومة هي خفض نسبة التضخم من خلال السيطرة على تسارعه، وأضاف أن خفض التضخم من شانه أن يزيد نمو الاستثمارات، ويساعد في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، حيث إن نتائجها الإيجابية ملحوظة.

وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية للحكومة، أكد أن الحكومة تؤمن في السياسة الخارجية بالاعتدال الذي يعني التوازن بين الحقائق والأهداف، وشدد على أنه لا مكان للإفراط والتفريط في نهج الاعتدال، وأضاف أن نهج الحكومة في السياسة الخارجية هو التحرك الواقعي والذكي والتعاطي البناء بهدف الارتقاء بمكانة إيران وأمنها وتطورها، وتحقيق مصالحها الوطنية وتنميتها الشاملة.

واعتبر روحاني إزالة التوتر والحيلولة دون حدوث التوتر وإيجاد التعاطي المتبادل، محورا آخر للسياسة الخارجية للحكومة، وأضاف أن التعاطي البنّاء يكون على أساس الاحترام المتبادل ومن موقف التكافؤ.

وأكد أن مجال السياسة الخارجية ليس مجال النزاعات الحزبية، وأضاف أن مثل هذا المجال الخطير يتطلب الانضباط في الكلام والممارسة وتصميم وتقديم مواقف منسجمة ومدروسة وشاملة وتنفيذا دقيقا، ذلك لأن السياسة الخارجية هي مجال اتخاذ القرار الذي يتحقق بالدقة في العمل.

وتابع قائلا إن أدنى حالة من عدم الدقة في السياسة الخارجية ستخل بأمن البلاد، وتؤدي إلى حدوث أضرار لا يمكن تعويضها.

وفيما يتعلق بأهدافه في المجال الثقافي والفني، قال إن صون الثقافة والهوية الدينية والوطنية وتعزيز الاقتدار الثقافي ورفع مستوى الثقافة العامة وتعزيز المؤسسات المهنية والتنظيمات الثقافية والارتقاء بالمنزلة الاجتماعية للكوادر الثقافية، وازدهار اقتصاد الثقافة والفن وتوسيع الاتصالات العالمية في مجال الثقافة والفن، وكذلك الاستفادة من إمكانيات تكنولوجيا الاتصالات لتعزيز الأهداف الثقافية للدولة، تعتبر من البرامج الثقافية لحكومة «التدبير والأمل».

وقال الرئيس روحاني: «لقد شعرت بأن المجتمع قد ضاق ذرعا من الإفراط والتفريط، وأن الاعتدال نهج يرحب به الشعب، والآن حيث نجحت في الانتخابات، أرى أننا يمكننا تلبية مجموعة مطالب الشعب بصورة مناسبة، في إطار جدولة زمنية معقولة وفي ظل تعاون جميع القوى».

ولفت إلى المساعي التي بذلتها فرق العمل المؤلفة من نخب البلاد، لاختيار التشكيلة الحكومية، وقال إنه بما أنني اعتزمت الاستفادة من أفكار النخب في البلاد لاختيار الحكومة، فقد شكلت أربعة فرق عمل في مجالات الاقتصاد والسياسة الأمنية والسياسة الخارجية والاجتماعية والثقافية، حيث عمل 20 فريق عمل فرعيا منبثقا عن فرق العمل الأصلية، التي ضمت أكثر من ستة آلاف شخص عملوا بصورة مكثفة لصياغة البرامج وتقديم لائحة الحكومة المقترحة.

واعتبر روحاني الحكومة المقترحة حصيلة للعقل الجمعي لكثير من نخب البلاد، وقال إنه لم يكن هنالك أي تخصيص للحصص للأجنحة والأحزاب والتنظيمات، عند اختيار الوزراء المرشحين.

وقال إنه تم الاشتراط مع جميع الوزراء بأن أفكارهم وآراءهم وتوجهاتهم الماضية محترمة، إلا أن اختيارهم جاء فقط في ضوء الخبرة والتخصص والعلم والالتزام والكفاءة التي يمتلكونها.

وأوضح روحاني أن الأساس في اختيار الحكومة هو الكفاءة والاعتدال وعدم الأخذ بنظر الاعتبار التوجهات الحزبية والفئوية، وأكد أن الوزراء المرشحين اختيروا على أساس 28 معيارا، وأضاف أنه تم اختيار الوزراء المرشحين وفقا لهذه المعايير التي لا مجال لذكرها لضيق الوقت.

ومن ثم قام الرئيس روحاني بتقديم وزرائه المرشحين لتشكيلة الحكومة الجديدة، حيث استعرض كفاءاتهم ومؤهلاتهم لتولي الوزارات المعنية.

والوزراء المرشحون هم:

عباس آخوندي (الطرق وبناء المدن والإسكان)، حسين دهقان (الدفاع وإسناد القوات المسلحة)، جعفر ميلي منفرد (العلوم والتعليم العالي)، محمود حجتي (الجهاد الزراعي)، محمود واعظي (الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات)، حميد جيت جيان (الطاقة)، علي جنتي (الثقافة والإرشاد الإسلامي)، مسعود سلطاني فر (الرياضة والشباب)، عبد الرضا رحماني فضلي (الداخلية)، بيجن زنكنة (النفط)، محمد رضا نعمت زادة (الصناعة والمناجم والتجارة)، محمد جواد ظريف (الخارجية)، علي ربيعي (العمل والشؤون الاجتماعية)، علي طيب نيا (الاقتصاد والشؤون المالية)، مصطفى بورمحمدي (العدل)، محمود علوي (الأمن)، حسن هاشمي (الصحة والعلاج والتعليم الطبي)، محمد علي نجفي (التربية والتعليم).

وتولى روحاني منصبه في الثالث من أغسطس (آب) بعد تحقيق فوز ساحق في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 14 يونيو (حزيران) على منافسين أكثر محافظة. وروحاني رجل دين معتدل نسبيا.

وكثير من مرشحيه لتولي مناصب وزارية هم تكنوقراط عملوا خلال عهد الرئيس الوسطي الأسبق أكبر هاشمي رفسنجاني، والرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي.

وعلى الرغم من الاعتراف على نطاق واسع بكفاءة وخبرة بيجن زنغنه المرشح لشغل منصب وزير النفط، الذي اختاره روحاني، فإن المحافظين يقولون إنه شديد القرب من زعماء المعارضة الإصلاحيين، الذين احتجوا على ما اعتبروه تلاعبا في الأصوات بالانتخابات الرئاسية التي أجريت عام 2009.

وزار زنغنه ومحمد علي نجفي، وهو تكنوقراط اختير وزيرا للتعليم آية الله علي خامنئي، بعد انتخابات 2009، للتحدث باسم زعيمي المعارضة اللذين فُرضت عليهما الإقامة الجبرية في المنزل.

ويشير المحافظون للاحتجاجات التي استمرت شهورا بعد انتخابات الرئاسة باعتبارها فتنة، وتم التخلص من الإصلاحيين من المناصب القيادية في الدولة بصورة كبيرة منذ ذلك الحين.

وقالت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية إن روح الله حسينيان وهو محافظ أصولي في البرلمان توقع يوم السبت أن يوافق البرلمان على 80 في المائة من ترشيحات روحاني.

لكنه قال إن البرلمان سيمنع من أدلوا بتصريحات في البرلمان، ولم ينأوا بأنفسهم عن الفتنة.