أبو مازن يؤكد التزام السلام عبر المفاوضات.. بعد تهديدات بالمقاطعة

أول دفعة من الأسرى لا تضم مقدسيين وعرب الداخل

والدة أسير فلسطيني تتحدث هاتفيا والابتسامة تعلو وجهها أثناء استعدادات لاستقباله في الضفة الغربية أمس (أ.ف.ب)
TT

حسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، الجدل بشأن احتمال مقاطعة جولة المفاوضات المقررة غدا (الأربعاء)، بتأكيده الالتزام بالسلام عبر المفاوضات.

وقال عباس، في رام الله، أثناء لقائه وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيله، إنه ملتزم «بتحقيق السلام العادل والشامل عبر المفاوضات، وصولا إلى تحقيق آمال وتطلعات شعبنا بإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف»، ومنددا في الوقت نفسه بـ«استمرار النشاطات الاستيطانية غير الشرعية والمدانة».

وكان كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، لمح إلى إمكانية مقاطعة جولة مفاوضات القدس، قائلا إن «الجانب الفلسطيني يدرس فعلا إمكانية عدم المشاركة في المفاوضات»، دون أن يعطي موقفا نهائيا. وذلك ردا على إعلان إسرائيل نحو 1200 وحدة استيطانية جديدة في القدس والضفة الغربية، في خطوة أحرجت كثيرا الرئيس الفلسطيني، ومساعديه.

وعقد عباس اجتماعا أمس مع كبير مفاوضيه لتدارس الموقف، وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن القيادة الفلسطينية كثفت اتصالاتها بجميع الأطراف، بما فيها الإدارة الأميركية، لبلورة موقف من الخطوة الإسرائيلية المفاجئة.

وكانت إسرائيل أقرت بناء 1200 وحدة استيطانية جديدة في القدس والضفة قبل 48 ساعة من انطلاق المفاوضات في القدس. وقال وزير الإسكان الإسرائيلي أوري أريئيل: «إنها البداية فقط»، مما أثار غضب وحفيظة القيادة الفلسطينية التي طالما طالبت بوقف الاستيطان كشرط لاستئناف المفاوضات.

وزادت إسرائيل الطين بلة، بتسريبها أخبارا عن موافقة أميركية وفلسطينية على الاستيطان الجديد، إلا أن الفلسطينيين نفوا ذلك جملة وتفصيلا.

ولم تكترث إسرائيل كما يبدو بالتهديد الفلسطيني بمقاطعة المفاوضات، وتلخص موقفها بالتقليل من أهمية ما يقوله الفلسطينيون، وبتوضيح أن البناء الجديد سيقع في مستوطنات ستظل تحت السيادة.

وقال مارك ريغيف المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي: «إن الخطة السكنية التي تمت المصادقة عليها، في محيط أورشليم (القدس) وفي الكتل الاستيطانية الكبرى، تقع داخل المناطق التي ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية في أي معاهدة سلام مستقبلية».

وقالت محافل سياسية إسرائيلية، وصفت بالكبيرة، إن «الفلسطينيين على علم بهذا، وقبلوا بذلك في الماضي»، وتابعت أن «الأسرة الدولية على علم أيضا بالموقف الإسرائيلي هذا، ولهذا السبب ليس من الواضح لماذا يهدد الجانب الفلسطيني بمقاطعة المفاوضات».

ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن هذه المصادر أن «هناك فرقا بين ما يقوله الفلسطينيون رسميا عبر وسائل الإعلام، وما يقولونه حول طاولة المفاوضات». واعتبرت المصادر مسألة الاستيطان ليست ذات صلة بالمفاوضات، وقالت: «سبق لإسرائيل أن جمدت عمليات البناء في المستوطنات، إلا أن هذا الأمر لم يحد بالجانب الفلسطيني العودة إلى طاولة المفاوضات».

وهاجم مسؤولون إسرائيليون، القيادة الفلسطينية على مواقفها الأخيرة، وعقب وزير الاقتصاد نفتالي بينت، على احتجاج عريقات على البناء الاستيطاني، بقوله: «لا يقرر لنا عريقات إذا كنا سنبني في عاصمتنا أو لا».

وأضاف: «عريقات قال الآن إنه ممنوع علينا البناء في عاصمتنا، لكن السؤال هو ليس لماذا نبني في القدس، وإنما لماذا لا نبني حتى الآن؟». وأردف: «سنواصل النضال من جهتنا (حزب البيت اليهودي) من أجل البناء في أرضنا من دون تقديم المبررات».

ولمحت مصادر إسرائيلية إلى أن البناء الجديد كان في إطار تسوية مع الولايات المتحدة، مقابل إطلاق سراح أسرى. ومن المفترض أن تطلق إسرائيل اليوم في وقت متأخر من الليل، أي قبل انطلاق المفاوضات غدا، سراح 26 أسيرا فلسطينيا من بين 104 أسرى معتقلين من قبل توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، وجرى الاتفاق على إطلاقهم جميعا على دفعات.

وضمت القائمة الرسمية للأسرى المقرر الإفراج عنهم، التي نشرتها إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، 25 أسيرا منذ قبل أوسلو وأسيرا واحدا كان قد أعتقل أوائل انتفاضة الأقصى عام 2001.

وشملت القائمة أسماء 15 أسيرا من قطاع غزة، و11 أسيرا من الضفة الغربية ينتمون لفصائل وطنية وإسلامية مختلفة (فتح والشعبية والديمقراطية والجهاد وحماس)، وجميعهم سيطلق سراحهم إلى بيوتهم وأماكن سكناهم، بينما خلت من أسماء الأسرى القدامى من القدس والداخل.

وقالت وزارة الأسرى والمحررين الفلسطينية في تقرير إحصائي: «إن من بين الأسرى المنوي الإفراج عنهم 17 أسيرا كان صدر بحقهم أحكام بالسجن المؤبد (مدى الحياة)، بينما الباقي، وعددهم تسعة أسرى، كانوا يقضون أحكاما تتراوح ما بين 20 و25 سنة».

وأضافت الوزارة: «من بين الأسرى 19 أسيرا مضى على اعتقالهم 20 سنة وما يزيد، ومن بين هؤلاء أربعة مضى على اعتقالهم 23 سنة، وأربعة أسرى مضى على اعتقالهم 24 سنة، وأسير واحد مضى على اعتقاله 28 سنة، وستة أسرى مضى على اعتقالهم ما بين 19 إلى 20 سنة، وأسير واحد مضى على اعتقاله 12 سنة».

أما أقدم أسير في القائمة، فقد اعتقل عام 1985، وآخرهم عام 2001.

وبالإفراج عن الدفعة الأولى من الأسرى القدامى، يتبقى 78 أسيرا معتقلين منذ ما قبل أوسلو بانتظار أن تشملهم الدفعات الثلاث المقبلة. ويفترض أن تنشر إسرائيل أسماء الدفعة الثانية في أواخر سبتمبر (أيلول)، إذا ظلت المفاوضات مستمرة.