مفاوضات السلام تنطلق في القدس اليوم.. والاستيطان يهدد بانهيارها

كيري يحث الطرفين على تحاشي «الاستفزاز».. وأبو مازن يستقبل أول دفعة من المفرج عنهم

استعدادات قرب رام الله أمس لاستقبال الفلسطينيين المفرج عنهم من قبل إسرائيل طبقا لمبادرة السلام (رويترز)
TT

قبل أربع وعشرين ساعة من انطلاق مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين المقرر عقدها في القدس اليوم، أعطت إسرائيل دفعا لتسريع البناء الاستيطاني من خلال موافقتها على بناء 942 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية المحتلة، في خطوة اعتبرها الجانب الفلسطيني تعرض تلك المفاوضات لـ«الانهيار». وبدوره، حث وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، الجانبين على ترك الردود «الاستفزازية»، معتبرا الاستيطان «غير شرعي»، لكنه لا يشكل عقبة أمام السلام. وجاءت هذه التطورات قبل وقت قصير من إطلاق سراح 26 فلسطينيا كدفعة الأولى من أصل 104 وفقا لمبادرة السلام.

وأعلنت بلدية القدس أمس موافقتها على بناء 942 وحدة استيطانية جديدة، بعدما أعطت الحكومة الإسرائيلية الأحد الماضي الضوء الأخضر لبناء 1187 وحدة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة وأحياء استيطانية في القدس الشرقية التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم العتيدة. وصرح نائب رئيس البلدية، يوسف بيبي علالو، الذي ينتمي إلى المعارضة اليسارية، بأنه «قرار رهيب يعد استفزازا للفلسطينيين والأميركيين والعالم بأسره الذين يعارضون جميعا مواصلة الاستيطان»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وبالفعل، استفز القرار الجانب الفلسطيني، وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، ياسر عبد ربه، إن «هذا التوسع الاستيطاني غير مسبوق ويتناقض مع الالتزامات التي قطعتها الولايات المتحدة قبل بدء المفاوضات».

وأكد عبد ربه أن ذلك «يهدد المفاوضات نفسها بالانهيار قبل أن تبدأ. وإذا كانت البداية للعملية التفاوضية بتوسيع الاستيطان في كل الضفة الغربية والقدس الشرقية، فكيف ستكون النهاية؟». وشدد على الحاجة إلى «تدخل أميركي وأوروبي ودولي حازم وعدم معالجة القضية وكأنها قضية عابرة».

وقبل ذلك بساعات، كان وزير الخارجية الأميركي، الذي يزور بوغوتا، أكد أهمية حل مسألة المستوطنات الإسرائيلية سريعا في الأراضي الفلسطينية.

وقال في مؤتمر صحافي مع نظيرته الكولومبية ماريا أنخيلا أولغين، إن الولايات المتحدة «تعتبر جميع المستوطنات غير شرعية»، موضحا أنه أجرى محادثات خلال النهار مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأنه كرر هذا الموقف «بشكل واضح جدا».

ودعا كيري الفلسطينيين إلى «الامتناع عن إصدار رد مضاد» لإعلان إسرائيل بناء وحدات سكنية جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، مؤكدا ضرورة «العودة سريعا إلى طاولة» المفاوضات. وسعى كيري إلى تهدئة التوتر، قائلا إن هذا الإعلان «كان نوعا ما منتظرا»، داعيا الجانبين إلى العمل على تسوية الخلافات بينهما.

وتابع الوزير الأميركي الذي بذل جهودا شاقة لإحياء المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أنه لا يتوقع أن تتحول التطورات الأخيرة إلى «عقبة» في طريق عملية السلام التي استؤنفت.

وأضاف كيري: «ما إن تحل مسائل الأمن والحدود يمكن حل مسألة المستوطنات، لذلك أدعو كل الأطراف إلى الامتناع عن إصدار رد مضاد أو رد استفزازي يمكن أن يأتي من هذا المصدر أو ذاك».

وفي غضون ذلك، كان من المتوقع أن تفرج السلطات الإسرائيلية في وقت لاحق أمس، أو فجر اليوم (الأربعاء) عن 26 فلسطينيا معتقلين منذ قبل اتفاق أوسلو عام 1993. كبادرة حسن نية تجاه الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) قبل ساعات قليلة من انطلاق المفاوضات.

وحسب مصادر فلسطينية مطلعة، فإن أبو مازن حريص على استقبال المفرج عنهم في رام الله، بينما يتوقع أن تنظم حركة حماس احتفالا على مستوى أقل مما جرت عليه العادة، باعتبار أن الصفقة تمت برعاية السلطة، وتأتي في سياق إطار تفاوضي تعارضه الحركة الإسلامية.

وبدأت عملية تجهيز المعتقلين الفلسطينيين، منذ قبل ظهر أمس، إذ نقلوا إلى سجن «أيالون»، في الرملة، قبل أن يخضعوا لفحوصات طبية وإجراءات تشخيص محددة، إضافة إلى لقائهم مسؤولي مصلحة السجون والصليب الأحمر الدولي. وسمح قرار للمحكمة العليا الإسرائيلية، بإتمام عملية الإفراج بعدما ردت بالأمس الاعتراضات التي قدمتها منظمة «ألماغور» لمتضرري «الإرهاب» وعائلات القتلى الإسرائيليين لمنع الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين.

ومن المتوقع أن تعمد إسرائيل إلى تأخير إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين كي يصلوا إلى الضفة وغزة في وقت متأخر من ليل الثلاثاء/الأربعاء، كي «تحرم الفلسطينيين من صورة انتصار»، في وقت يتوقع فيه أن ترسل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية الأسرى في حافلات مغلقة إلى رام الله وغزة، وذلك بعد حملة إعلامية طالبت الحكومة الإسرائيلية بـ«احترام مشاعر أهالي القتلى الإسرائيليين».

ويصل أسرى رام الله وعددهم 11 إلى حاجز بيتونيا ثم ينقلون في حافلات فلسطينية إلى مقر المقاطعة في رام الله، بينما يصل أسرى غزة وعددهم 15 إلى معبر «إيرز»، حيث سيجري استقبالهم هناك من مسؤولين في وزارة الأسرى بالحكومة المقالة ثم إلى بيوتهم.

وتقام اليوم (الأربعاء) احتفالات عامة في المدن الفلسطينية، بعد تعليمات أعطاها عباس إلى المحافظين. وعادة ما تتحول منازل الأسرى إلى ساحات احتفالات عامة وتستمر لعدة أيام.

ويرفع الإفراج عن الأسرى من شعبية أبو مازن، الذي تعهد بالإفراج عنهم جميعا من السجون الإسرائيلية. وتعتبر القضية بالنسبة لكثير من الفلسطينيين، مسألة بالغة الحساسية، وتمس عواطفهم بشكل مباشر.

ومن المفترض أن تطلق إسرائيل سراح دفعة ثانية من أسرى ما قبل أوسلو، نهاية سبتمبر (أيلول) المقبل، لكنها تربط ذلك باستمرار العملية التفاوضية.

وفي سياق متصل، يعتزم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون زيارة إسرائيل والأراضي الفلسطينية غدا (الخميس) عقب بدء جولة محادثات السلام. ومن المقرر أن يجري محادثات مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين خلال زيارته التي تستمر يومين. وأعلن مكتب الرئاسة الإسرائيلية أمس أن الأمين العام للمنظمة الدولية سيعقد لقاء عمل مع الرئيس شيمعون بيريس.