خطة أمنية لمطار بيروت وتأكيد أن قطع الطريق إليه «خط أحمر»

دعوات سياسية لتشغيل مطارات بديلة في البقاع والشمال

شرطيان لبنانيان في مكان رسو الباخرة التركية «أورهان بك» التي تحمل معملا لإنتاج الطاقة الكهربائية في معمل الجية الكهربائي (أ.ف.ب)
TT

رسم مسؤولون أمنيون معنيون بأمن مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، أمس، «خطوطا حمراء» أمام محاولات إغلاق طريق المطار، بعد التهديدات المتزايدة بإغلاقها خلال اليومين الماضيين، احتجاجا على اعتقال فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي مشتبها به في خطف الطيارين التركيين في بيروت، في حين تصاعدت حدة المطالبة بتفعيل مطار الرئيس الراحل رينيه معوض في القليعات (شمال لبنان) بحكم «الضرورة» الأمنية والوطنية، إلى جانب الدعوة لإنشاء مطار ثالث في منطقة لبنانية أخرى.

وتصدر أمن مطار بيروت، النقاشات السياسية أمس، بموازاة عقد اجتماع أمني في مكتب قائد جهاز أمن المطار العميد جان طولوزيان ضم وزير الداخلية مروان شربل ورئيس لجنة الأشغال العامة والنقل النائب محمد قباني وعددا من أعضاء اللجنة ورؤساء الوحدات الأمنية العاملة في المطار، تشاوروا خلاله في أوضاع المطار.

وبينما تحفظ وزير الداخلية عن إعلان مقررات الاجتماع والبنود التي ناقشها، مكتفيا بالإعلان عن أن هناك «خطة أمنية ستقر للحفاظ على أمن المطار»، كشف النائب قباني لـ«الشرق الأوسط» عن أن المجتمعين ركزوا على «تطبيق القانون المتعلق بمنع قطع طريق المطار، والتشدد بتطبيق القرارات المتخذة»، مؤكدا أن «كل من يتحدث عن قطع الطريق، ويهدد به، يجب أن يتم توقيفه». وأشار قباني، عضو كتلة المستقبل، إلى أن هذا القرار «يشمل النساء أيضا، لأنه من غير المسموح لأحد، سواء أكان رجلا أم امرأة، بأن يهدد بقطع طريق المطار»، في إشارة إلى تهديد عضو لجنة أهالي المخطوفين اللبنانيين في أعزاز حياة عوالي بقطع طريق المطار.

ويسعى المسؤولون اللبنانيون لمنع تكرار حوادث قطع طريق المطار والخطف في هذه الطريق الواقعة غرب ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله. وقد شهدت هذه الطريق عدة حوادث أمنية، تمثلت بقطع الطريق في أحداث 7 مايو (أيار) 2008، وما تلاها من احتجاجات على انقطاع التيار الكهربائي في الضاحية، وصولا إلى قطع الطريق في أغسطس (آب) 2012، حين نزل عشيرة آل المقداد إلى طريق المطار، احتجاجا على اختطاف أحد أبنائهم في سوريا. كما شهد طريق المطار حادثتي خطف خلال السنوات الأربع الأخيرة، تمثلت الأولى باختطاف الموظف في المطار جوزيف صادر في عام 2009، بينما اختطف طياران تركيان على الطريق نفسه الأسبوع الماضي. وعمل الجيش اللبناني والقوى الأمنية، في كل مرة، على فتح الطريق ومنع غلقه بالقوة، مدعومة بقرار سياسي على أعلى المستويات.

وهددت تلك الأحداث قطاع النقل الجوي في لبنان، نظرا إلى أن مطار بيروت يعتبر المعبر الجوي اللبناني الوحيد إلى العالم، وسط مخاوف من أن يعتبر المجتمع الدولي مطار لبنان «غير آمن». وللحد من هذا التهديد، أعلن مسؤولون لبنانيون عن برنامج وطني لأمن المطار، لم يقر في مجلس الوزراء حتى الآن. وقال النائب قباني إن هذا البرنامج «يحتاج في هذا الوقت إلى تحديث»، لافتا إلى أنه طرح خلال اجتماع المطار أمس «فكرة النظر في القانون المجمد لنرى ما إذا كان هناك إمكانية للاستفادة من بعض بنوده الآن لحفظ أمن المطار وطريقه».

وارتفعت المخاوف الأمنية على طريق المطار الأحد الماضي، بموازاة تهديد أهالي المخطوفين اللبنانيين في سوريا بقطع هذا الطريق احتجاجا على توقيف مشتبه به باختطاف طيارين تركيين على طريق المطار الخميس الماضي. ولم يعلن المجتمعون في المطار أمس عن أي تدابير، فقد توقف وزير الداخلية، بحسب قباني «عند قضية النقص في العناصر الأمنيين لدى وزارة الداخلية»، مجددا طرحه توزع 2000 عنصر لديه كعناصر حماية لسياسيين وقضاة وعسكريين. وبغية حل هذه المعضلة، قال قباني: «إننا طرحنا عليه استعادة وزارة الداخلية للحراس الشخصيين، شرط الأخذ بعين الاعتبار الحاجات الأمنية الفعلية للسياسيين، ووعدناه بمنحه الدعم السياسي الكامل بغية حفظ أمن المطار». وإذ أعرب عن اعتقاده أن المشكلة لا تقع في النقص بالعناصر الأمنيين، قال قباني إن «حفظ أمن المطار وطريقه يحتاج إلى قرار سياسي، وعلى هذا الأساس جددنا التأكيد في الاجتماع أن طريق المطار خط أحمر، يمنع العبث به». ولفت إلى أن التهديد بقطع طريق المطار «يحتاج إلى متابعة جدية من أعلى المستويات، لأن التساهل غير مقبول».

وبالتزامن مع الحراك السياسي لتفعيل الضبط الأمني للمطار وطريقه، ارتفعت وتيرة المطالبة بتشغيل مطار الرئيس الراحل رينيه معوض في القليعات (شمال لبنان)، بهدف تخطي «الضغط الأمني الذي يمارسه جمهور حزب الله على طريق مطار بيروت». وقال النائب قباني: «إننا نطالب بإنشاء الهيئة العامة للطيران المدني فورا»، مشددا على أن تشغيل مطار القليعات «حاجة وطنية وليست أمنية فحسب»، مشيرا إلى أن المطالبة «تشمل إنشاء مطار ثالث في لبنان، في منطقة ما في لبنان، لصعوبة تطوير مطار رياق في البقاع (شرق لبنان) بسبب وقوعه في منطقة جبلية تحول دون تطويره».

بدوره، طالب عضو كتلة «المستقبل» النائب عاطف مجدلاني بـ«وضع حد لمركزية النقل الجوي والبحري، والانتقال إلى اللامركزية عبر إنشاء مطار أو أكثر، وأكثر من مرفأ سياحي خارج بيروت».

ويقع مطار القليعات على بعد 105 كلم من بيروت، و25 كلم شمال مدينة طرابلس، 7 كلم عن الحدود السورية، وبدأت الدولة اللبنانية تطويره وتأهيله كمطار عسكري بموجب معاهدة الدفاع العربي المشترك عام 1967، بعيد حرب يونيو (حزيران) واستفاد اللبنانيون من هذا المطار العسكري لأغراض مدنية خلال الحرب اللبنانية في الثمانينات، بعدما تعذر التواصل بين العاصمة وشمال لبنان. وازدادت أهمية هذا المطار عندما أصبح مسرحا لانتخاب رينيه معوض رئيسا للجمهورية اللبنانية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989، حيث شهد المطار هبوط طائرة «بوينغ 707» مما عزز جدارة هذا المطار في استقباله طائرات ضخمة. وبعد مقتل الرئيس معوض في 22 نوفمبر 1989 قرر مجلس الوزراء تسمية المطار باسمه، وظلت الرحلات الداخلية سارية حتى أواخر عام 1991. وتبلغ مساحة مطار القليعات نحو 5.5 مليون متر مربع، ويرتبط بشبكة طرق دولية ساحلية وداخلية، وهو مجهز برادار (G.G.A) يتيح للطائرات الهبوط حتى في أسوأ الأحوال الجوية. والمطار مجهز بمدرج طوله 3200 متر قابل لتطويره إلى 4000 متر وعرضه 60 مترا ومجهز بطول 3200 متر مواز للمدرج وتتوافر فيه تجهيزات بنائية ومستودعات للوقود وهنغارات للصيانة وقطع غيار وأجهزة اتصال ورادار. وأكدت دراسة وضعتها «المؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان» (إيدال) أن مشروع تطوير مطار القليعات هو من ضمن توجه عام يهدف لتحقيق الإنماء المتوازن في المناطق اللبنانية، وتبلغ تكلفة تأهيله وتشغيله نحو 90 مليون دولار.

وفي البقاع شرق لبنان، يقع مطار رياق العسكري في منطقة الوسط بين زحلة وبعلبك، على مسافة قربة من الحدود الشرقية مع سوريا. ويستخدم المطار لأغراض عسكرية نظرا لضيق مدرجه، كما يقع في محيط قرى شيعية يعتبر حزب الله فيها فاعلا. وفي حين يطالب المسؤولون اللبنانيون بتفعيل مطار القليعات، كانت المطالبة بتطوير مطار رياق خجولة، نظرا لضيق مساحته وضعف إمكانية تطويره بما يؤهله ليكون مطارا دوليا رديفا لمطار بيروت.