الأزهر يبدأ مشاوراته لحل الأزمة السياسية اليوم.. و«الإخوان» يبدون استعدادهم للحوار

اشتباكات بين أهالي ومسيرات لأنصار مرسي * واشنطن تدعو للحد من «الاعتقالات السياسية»

مصريون مؤيدون للرئيس المصري المعزول محمد مرسي خلال مواجهات مع أهالي وأصحاب محلات وسط القاهرة أمس (إ.ب)
TT

يبدأ الأزهر الشريف اليوم (الأربعاء) مشاوراته مع عدد من القوى الوطنية في مصر بمقر المشيخة بالقاهرة، لبحث الوصول إلى حل للأزمة السياسية التي تشهدها البلاد بعد عزل الجيش للرئيس السابق محمد مرسي في 3 يوليو (تموز) الماضي. وقد أبدت جماعة الإخوان المسلمين استعدادها للمشاركة، وقال الدكتور جهاد الحداد المتحدث باسمها «إنهم مستعدون ما دامت تجري على أساس صحيح».

ويأتي ذلك في وقت واصل فيه أنصار مرسي تظاهراتهم أمس للمطالبة بعودته إلى الحكم ورفض ما اعتبروه «انقلابا عسكريا»، وشهدت مسيرات مؤيدي مرسي أعمال عنف واشتباكات مع سكان بعض الأحياء وسط القاهرة. بينما دعت الولايات المتحدة الحكومة المصرية المؤقتة إلى وضع حد لكل «الاعتقالات السياسية»، من دون أن تشير صراحة إلى حالة الرئيس المعزول محمد مرسي.

وأعلن الأزهر الأسبوع الماضي أنه سيدعو لاجتماع لمناقشة الأزمة السياسية في البلاد، بعد فشل جهود الوساطة الدولية. وتعد دعوة الأزهر للمحادثات هي الجهود المعلنة الوحيدة لإنهاء الأزمة سلميا.

وقال مصدر مسؤول في الأزهر، إن «الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، سيعقد اجتماعا مع عدد من القوى الوطنية والتي قامت بطرح مبادرات خاصة بتسوية الوضع الراهن في مصر، من أجل الوصول إلى صيغة اتفاق بين جميع الأطراف للخروج من الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد حاليا».

وأضاف المصدر لـ«الشرق الأوسط» أنه «تم عقد اجتماع مغلق أمس بمشيخة الأزهر ضم مستشاري شيخ الأزهر وبحضور الدكتور الطيب استمر لمدة 5 ساعات، وذلك للاتصال بالجهات المختلفة، وكذلك دراسة جميع المبادرات التي طرحت أخيرا وإعداد صيغة توافقية تعرض خلال اجتماع (اليوم الأربعاء)»، مشيرا إلى أنه «تم توجيه الدعوة لجماعة الإخوان المسلمين لحضور الاجتماع».

لكن المصدر لم يحدد ما إذا كانت الجماعة قبلت الدعوة للمصالحة من عدمها، بقوله: «الاتصالات مستمرة مع (الإخوان) للتأكيد على حضور الاجتماع»، مؤكدا أن «مستشاري شيخ الأزهر أكدوا على وجود تفاهم كبير من قبل الجماعة لقبول مبادرة الأزهر وشيخه الدكتور أحمد الطيب لحل الأزمة السياسية في البلاد»، لافتا إلى أن قيادات الدعوة السلفية سوف تحضر اللقاء وفي مقدمتهم الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، والشيخ محمد حسان.

وقال المصدر، إن «شيخ الأزهر حضر أمس فجأة من مسقط رأسه بقرية القرنة بمحافظة الأقصر جنوب مصر، بعد أن ظل فيها منذ عزل مرسي، حينما أعلن أنه سوف يعتكف إذا استمر الوضع المتدهور في البلاد بين الفرقاء السياسيين».

من جانبه، قال الدكتور جهاد الحداد المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين إنهم مستعدون للمشاركة في محادثات بشأن الأزمة السياسية في البلاد يتوسط فيها الأزهر ما دامت تجري على أساس صحيح. ونقلت وكالة «رويترز» عن الحداد قوله «نعم.. إذا التزموا بالأحكام التي نطلبها»، موضحا أن «ذلك يجب أن يكون على أساس إعادة الشرعية الدستورية»، وأوضح أن الأزهر لم يتقدم بعد بمبادرته لـ«الإخوان».

وأضاف الحداد أن «الإخوان المسلمين سيعارضون أي مبادرة يطرحها شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب، لأنه أيد عزل الجيش للرئيس الإسلامي محمد مرسي». وتابع: «كانت هناك اتصالات مع مسؤولين آخرين في الأزهر».

وفي غضون ذلك، دعت الولايات المتحدة مساء الاثنين الحكومة المصرية المؤقتة إلى وضع حد لكل «الاعتقالات السياسية»، من دون أن تشير صراحة إلى حالة الرئيس المعزول محمد مرسي. وقالت مساعدة المتحدثة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف إن «موقفنا لم يتبدل. نستمر في الدعوة إلى إنهاء كل التوقيفات والاعتقالات ذات الدوافع السياسية، ونشدد على أنها لا تساعد مصر في تجاوز هذه الأزمة»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. كانت المتحدثة ترد على سؤال حول قرار اتخذه القضاء المصري الاثنين بتمديد حبس مرسي 15 يوما على ذمة التحقيق.

وكانت الدبلوماسية الأميركية دعت من قبل إلى إنهاء توقيف مسؤولي النظام السابق، ولكن من دون أن تسمي الرئيس المصري المعزول. ورأت هارف أن استمرار اعتقال الأشخاص في السجون واحدة من المشكلات التي يجب أن تحلها مصر بنفسها؛ إذا كانت تريد تجاوز الاضطرابات السياسية التي شهدتها في الأسابيع الستة الماضية. وقالت هارف «الشعب المصري هو من يقرر ما هو شكل حكومته القادمة. قلنا وكررنا أن القرار لا يعود إلينا». وقالت الناطقة باسم الخارجية الأميركية إن «هناك حاجة إلى عملية شاملة وديمقراطية»، مؤكدة على الحاجة إلى أن يحترم القادة المصريون حق الناس في التجمع السلمي. وأضافت «لا ننحاز إلى أحد.. ولن نقرر ما يجب أن يكون عليه مستقبل حكومة مصر».

وقالت هارف إن الولايات المتحدة تشعر «بقلق بالغ» من «احتمال (اندلاع) عنف في مصر بين مؤيدي مرسي ومناهضيه»، داعية إلى حوار بين كل الأطراف يقود إلى «ديمقراطية دائمة.

في السياق ذاته، واصلت جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها تظاهراتهم بالعاصمة القاهرة وعدد من المحافظات من أجل عودة مرسي، في ظل تراجع الأنباء عن نية السلطات الأمنية فض اعتصامهم، المستمر منذ 47 يوميا.

وعزل قادة الجيش مرسي عقب مظاهرات حاشدة في 30 يونيو (حزيران) الماضي. ويعتصم أنصاره في ميداني رابعة العدوية (شرق القاهرة) ونهضة مصر (غرب) للمطالبة بعودته للحكم مرة أخرى. وقالت مصادر أمنية إنه «تم تأجيل تنفيذ خطة فض الاعتصامين من أجل إعطاء فرصة للحلول السلمية».

ونظم المئات من أنصار مرسي مظاهرات أمس استهدفت عدة وزارات من أجل شل العمل بها، منها الداخلية والتربية والتعليم والقوى العاملة والزراعة والكهرباء العدل والتعليم العالي والأوقاف.

ووقعت اشتباكات بالحجارة بين أنصار مرسي وعدد من أهالي المنطقة المجاورة لوزارة الداخلية بوسط القاهرة، قبل أن تطلق الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، إلى أن تراجع أنصار مرسي رافعين صوره.

ووقعت اشتباكات أخرى بين عاملين في ديوان وزارة الأوقاف بوسط العاصمة القاهرة وبعض الأئمة المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، الذين تجمع العشرات منهم داخل مقر الوزارة، فيما استعانت الوزارة بقوات من الأمن المركزي لحماية مداخل الوزارة حيث ازدادت أعداد الأئمة أمام ديوان عام الوزارة مما تسبب في تعطيل المرور.

وتحركت مسيرة أخرى لأنصار مرسي من ميدان رابعة العدوية إلى قصر الاتحادية الرئاسي احتجاجا على حركة المحافظين التي تم الإعلان عنها أمس. وحاول المتظاهرون الوصول إلى القصر الرئاسي للاعتصام أمامه، إلا أن قوات الأمن المركزي أغلقت الطرق المؤدية للقصر أمامهم، وقد ردد المتظاهرون هتافات مناهضة للقوات المسلحة.

وعلى صعيد متصل، تظاهر أنصار الرئيس المعزول في محطتي سعد زغلول والشهداء بالخط الأول لمترو الأنفاق بالقاهرة رافعين صور مرسي للمطالبة بعودته إلى منصبه.

وفي الإسكندرية انطلقت أمس مسيرة نسائية لأنصار جماعة الإخوان المسلمين من منطقة المنشية على كورنيش الإسكندرية في طريقها إلى ساحة مسجد القائد إبراهيم للمطالبة بعودة مرسي إلى منصبه، ومناهضة خارطة الطريق التي أعلنتها القوات المسلحة بتوافق مع عدد من القوى السياسية ومؤسسات الدولة.