توقعات في الكويت بإعادة العمل بنظام الصوتين لاستيعاب المقاطعين

محللون سياسيون: المجلس الحالي جسر عبور للمصالحة وعمره قصير

إحدى جلسات البرلمان الكويتي (إ.ب.أ)
TT

من المتوقع أن يناقش مجلس الأمة الكويتي مشروع قانون بتعديل آلية التصويت في الانتخابات التشريعية لمجلس الأمة، بعد أن طفى على السطح اقتراح العودة مجددا لقانون تقسيم الكويت إلى 25 دائرة انتخابية، ومنح كل ناخب صوتين.

وينظر مراقبون سياسيون هناك، إلى هذا المقترح على أنه مدخل لتسوية الأزمات السياسية واستيعاب مزيد من المعارضين ودفعهم للعودة مجددا لقبة البرلمان. وحتى الآن فإن الحديث عن تغيير آلية التصويت مجرد اقتراح يتم تداوله بين القوى السياسية داخل وخارج المجلس، لكن ما يعطي للمقترح زخما أن الحكومة تفكر جديا في إيجاد حلول تستوعب المعارضة وتوسع من دائرة المشاركة السياسية في البلاد، وتقليل عدد المقاطعين والمعارضين. وتم تشكيل مجلس الأمة الحالي بعد انتخابات برلمانية في 27 يوليو (تموز) الماضي، وأفضى المجلس لإفراز قوى متنوعة داخل المجلس، وإضعاف التكتلات المعارضة للحكومة، مع صعود التكنوقراط والشباب من القبائل والتجار.

ورغم مقاطعة القوى الرئيسية للانتخابات احتجاجا على قانون الصوت، وانفراد السلطة السياسية بالتشريع في غياب مجلس الأمة، فإن الانتخابات ذاتها أفرزت انقساما في صفوف المعارضين، وكان أبرز المشاركين في الانتخابات من المعارضين لآلية التصويت الواحد، رئيس المجلس الحالي مرزوق الغانم الذي قاطع المجلس السابق القائم على نظام الصوت الواحد، ولكنه عدل عن موقفه بعد حكم المحكمة الدستورية المؤيد لمرسوم الضرورة الذي أصدره أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.

الجيل الشاب من أبناء القبائل استفادوا إلى حد كبير من نظام الصوت الواحد، أسوة بالقوى الأخرى. لكن المجلس الجديد يفتقر للقوى الرئيسية المهيمنة داخله، فلا يوجد ثمة تكتل يمكنه فرض سياسات أو تقديم مشاريع تعيق عمل الحكومة، أو تسبب لها إحراجا. ويقول ناصر العبدلي، رئيس الجمعية الكويتية لتنمية الديمقراطية، لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن المجلس الحالي - رغم الهدوء الذي يشهده - فإنه يمر بمخاض شديد، متوقعا أن يتمكن المجلس فقط من العبور نحو المصالحة السياسية قبل أن ينتهي دوره.

العبدلي لاحظ أن نصف القوى السياسية التي قاطعت الانتخابات السابقة على أساس الصوت الواحد ديسمبر (كانون الأول) / 2012 عادت للمشاركة في المجلس الحالي، لكن القوى والأسماء الرئيسية في المعارضة ما زالت مقاطعة. ويضيف: «هناك فكرة بدأت تأخذ صداها بإعادة العمل بآلية التصويت على نظام الدوائر الـ25 ومنح الناخب صوتين» وهو ما كان معمولا به في عام 1981. وقال العبدلي: «ما يدفع لصعود هذا المقترح أن النظام السياسي ما زال يشعر بعزلة، مع تنامي عدد من الشرائح التي تشعر بالتهميش»، وأضاف: «النظام في الكويت لا يتحمل وجود مثل هذه العزلة، فهو تاريخيا قائم على التسوية». ويرى العبدلي أن المجلس الحالي من المتوقع له أن يشرف على سن تشريعات خاصة فيما يتعلق بآلية التصويت لاستيعاب القوى المقاطعة، ويصبح المجلس مجرد مرحلة انتقالية تمكن الوصول لمجلس تشارك فيه قوى أكثر اتساعا. وقال إن الحدود التي رسمها أمير البلاد تقضي بأن تكون اللعبة السياسية «تحت سقف الدستور وليس خروجا عنه»، «وسيكون المجلس الحالي مرحلة انتقالية يمهد لمجلس جديد يرسم حدود التنافس والصراع من جديد بشكل لا يخرج عن إطاره الدستوري».

المحلل السياسي الدكتور عايد المناع، قال لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن الحديث عن إعادة العمل بآلية التصويت السابقة على نظام الصوتين ضمن تقسيم الكويت لـ25 دائرة يجري الحديث عنه حاليا وإن كان «مجرد اجتهادات لم يجر تقديم شيء محدد بخصوصه». المناع، لا يرى أن المجلس الحالي سيمضي قدما لإكمال فترته القانونية، فهناك نحو 50 طعنا تنتظره أمام المحكمة الدستورية، وهو يرى أنه حتى محاولة إعادة رسم الدوائر تستهدف «تقليص الدعم للمعارضة» فالأخيرة قاطعت لما كانت تعتبره «انفرادا في العملية الانتخابية، حيث اللجوء للمادة 71 بتعديل آلية التصويت من أربعة إلى واحد، وهو ما يعني انفراد جهة واحدة بالتشريع دون الشريك الآخر الذي ترسمه المادة الدستورية وهو مجلس الأمة».

المناع قال إنه إذا تمت العودة إلى قانون الدوائر الـ25 مع إجراء تعديلات ضرورية لإضافة المناطق الجديد دون أن يكون لذلك هدف تعزيز جهة معينة، فإن ذلك «سيسحب أعدادا كبيرة من المحسوبين على المعارضة مما يضطرها للانخراط في العملية السياسية». ولاحظ المناع أن أولى الإشارات التي توجهت بها الحكومة نحو المقاطعين كان دعم ترشيح النائب مرزوق الغانم لرئاسة المجلس، وهو الذي كان مقاطعا مع مجموعة التحالف الوطني لانتخابات برلمان ديسمبر 2012 التي قامت على أساس الصوت الواحد. وهو لا يستبعد أن تقدم الحكومة مزيدا من «الترضيات» نحو المعارضة، من بينها إعادة العمل بنظام الصوتين ضمن 25 دائرة انتخابية. وأضاف: «يترتب على هذه الخطوة إذا أقرها المجلس الحالي، أن يقوم الأخير بحل نفسه أو أن يصدر مرسوم بحله وتجرى انتخابات جديدة على أساس القانون الجديد، على أمل أن يكون ذلك نهاية المطاف لهذه الأزمة المتتالية».

وقد شهدت الحياة السياسية الكويتية اضطرابات متتالية منذ حكم المحكمة الدستورية، وفي سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الكويت، ببطلان انتخابات مجلس الأمة في يونيو (حزيران) 2012، وهو المجلس الذي كانت تهيمن عليه المعارضة، وإعادة المجلس السابق. حيث حكمت المحكمة ببطلان مرسوم الدعوة إلى انتخابات مجلس الأمة 2012 لبطلان حل مجلس الأمة 2009 وباستعادة المجلس المنحل سلطته الدستورية وكأن الحل لم يكن. وشهد العام الماضي (2012) إجراء انتخابات تشريعية مرتين وسط أزمة وانقسام سياسي في الشارع، حيث أجريت انتخابات برلمانية هي الخامسة عشر في تاريخ الكويت، في فبراير (شباط) 2012. وأجريت انتخابات أخرى في مطلع ديسمبر 2012، وهي أول انتخابات برلمانية في الكويت تجري بنظام الصوت الواحد لكل ناخب بعد أن تم إصدار مرسوم ضرورة بتعديل قانون الانتخاب وتقليص عدد الأصوات من أربع أصوات لكل ناخب إلى صوت واحد. وكان عمر مجلس الصوت الواحد، الذي خلا من المعارضة قصيرا فقد أطاح به قرار المحكمة الدستورية في 16 يونيو 2013، حيث قضت هذه المحكمة التي تعد أحكامها نهائية ببطلان انتخابات مجلس الأمة وتحصين قانون الصوت الواحد. وخلال عام من الأزمات السياسية، صعدت المعارضة لهجتها ولجأت لتنظيم اعتصامات وتظاهرات في الشارع. وتركز مطالب المعارضة بإعادة العمل بنظام الأصوات الأربعة، والتي تمنحها تفوقا نسبيا داخل قبة المجلس. مع أن كثيرا من أقطاب المعارضة يرون أن موقفهم ينطلق من حيث المبدأ برفض انفراد السلطة بالتشريع. وطبقا للمادة 71 من الدستور، يحق للأمير إصدار التشريعات في غياب البرلمان في حالة الضرورة واتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير. لكن القوى المعارضة المشكلة من التيارات الإسلامية والليبرالية رأت أن التعديل لم يكن ضروريا ولم تكن هناك حالة ضرورة أو أمر طارئ، وهو يمكن الحكومة من إضعاف سيطرتهم على البرلمان.