المعارضة السورية تطلق اليوم خارطة طريق ترسم مسار المرحلة الانتقالية

معدوها يقولون إنها قابلة للاسترشاد بها بعد سقوط النظام

TT

يطلق «المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية» اليوم من مدينة إسطنبول التركية خارطة طريق للمرحلة الانتقالية في سوريا بعنوان «خطة التحول الديمقراطي في سوريا»، بحضور ومشاركة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أحمد عاصي الجربا ورئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا. وهي ثمرة اجتماعات دورية على مدى عام، عقدها نحو 300 خبير وأكاديمي وناشط سوري، في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد والقانون، إضافة إلى مسؤولين حكوميين سابقين وضباط سابقين وقادة من المجالس المحلية والجيش السوري الحر.

وتتضمن الخطة الموقعة من بيت الخبرة السوري، وهو الإطار الذي يجمع معدي الدراسة وينبثق عن «المركز السوري»، برئاسة منسق مجموعة العمل الاقتصادي من أجل سوريا أسامة القاضي، رؤية نهائية وموحدة للفترة الانتقالية في سوريا. ويقول المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية رضوان زيادة لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد الاتهامات التي وجهت مرارا وتكرارا إلى المعارضة السورية لناحية أنه لا رؤية لديها لمرحلة ما بعد سقوط (الرئيس السوري) بشار الأسد، نقدم اليوم رؤية متكاملة للمرة الأولى حول ديمقراطية المستقبل بعد الثورة».

ويشدد زيادة على أن خارطة الطريق المقترحة تعطي أملا للسوريين بعد الكلام الكثير عن صعود «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«جبهة النصرة»، بأن الديمقراطية هي الخيار النهائي لسوريا، من خلال نظام برلماني يحترم كل السوريين، مؤكدا أنها «تعطي أيضا أملا بأن الثورة التي دفعوا ثمنها من دمائهم الغالية تحقق أهدافهم بالوصول إلى دولة الكرامة والمساواة والديمقراطية».

من ناحيته، يشير قائد الجيش الوطني السوري سابقا، اللواء المنشق محمد حاج علي لـ«الشرق الأوسط»، وهو أحد المشاركين في الاجتماعات التي أنتجت هذه الوثيقة، إلى أن طمأنة الشعب السوري رسالة أساسية في هذه الدراسة، كونها تؤكد أن الشعب السوري واحد في سوريا المستقبل، ولا تمييز بين طائفة أو عرق أو دين أو حتى قومية.

وتغطي الخطة الواردة في دراسة مؤلفة من أكثر من 250 صفحة توصيات نهائية لست فرق عمل رئيسة تشكل بيت الخبرة السوري: الإصلاح الدستوري وسيادة القانون، هيكلية النظام السياسي، إصلاح نظام الأحزاب والانتخابات، إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وبناء جيش وطني حديث، الإصلاح الاقتصادي وإعادة الإعمار إضافة إلى العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية في مرحلة ما بعد الصراع في سوريا.

ويختصر حاج علي مضمون الدراسة بالإشارة إلى أنها «ترصد ما ستكون عليه الأوضاع في المجالات كافة في المرحلة الانتقالية»، مؤكدا أن «من شاركوا في إعدادها وصياغتها هم من الشخصيات المشهود لها بخبرتها وبمعرفتها في المجال الذي تعمل فيه».

وينظر معارضون سوريون إلى «خطة التحول الديمقراطي في سوريا»، على أنها ستشكل «أرضية» سياسية مشتركة للمعارضة السورية بشأن القضايا الرئيسة، ويعتبرون أن التوصيات التي ستتضمنها ستبقى صالحة بغض النظر عن الطريقة التي يتم فيها حل النزاع في سوريا.

ويوضح زيادة في هذا السياق أن الدراسة تتضمن توصيات عملية، سواء سقط النظام عبر الحل العسكري أو من خلال المفاوضات وتسوية اتفاق جنيف، مشيرا إلى أن هذه «التوصيات صالحة لكل الجهات، وهي تقدم رؤية لما ستكون عليه المراحل المقبلة خلال عملية التحول الديمقراطي».

وتقدم الدراسة سلسلة من التوصيات «العملية» لمستقبل سوريا السياسي والاجتماعي والاقتصادي والعسكري والأمني، في مقدمها أن «نظام الحكم في سوريا المستقبل سيكون برلمانيا مع ضمان تحقيق التوازن بين السلطات الثلاث في مؤسسات الدولة»، على أن يكون دستور عام 1950 نقطة انطلاق الدستور السوري الحديث. كما يقترح ضمان فصل السلطة القضائية واستقلالها التام عن السلطة التنفيذية، وتحقيق المصالحة الوطنية عن طريق عدالة انتقالية طويلة الأمد، إضافة إلى إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وتطهيرها من المسؤولين الفاسدين، ونزع السلاح من كل الجماعات المسلحة وإعادة دمجهم في المجتمع السوري.

ويقول حاج علي إنه «لا يمكن فرض هذه التوصيات على أحد، لكنها قابلة للاسترشاد بها في مرحلة سقوط النظام السوري»، موضحا «أننا نوفر الوقت والجهد ونقدم رؤية سياسية ودستورية وأمنية واقتصادية، لتكون بيد الحكومة الانتقالية فور تشكيلها». ويشدد على أن بنودها «علمية وعملية، وبإمكان أي حكومة انتقالية من أي جهة كانت أن تأخذ بها باعتبارها موضوعية وواقعية وتنسجم التوصيات الواردة فيها مع تطلعات جميع السوريين».