حرائق وحرب شوارع في العاصمة والمحافظات تصيب حياة المصريين بالشلل

استعادوا أجواء حريق القاهرة الغامض في الخمسينات

رجال الأمن ومتطوعون يحملون مصابا إخوانيا خلال فض اعتصام النهضة أمس
TT

استعاد المصريون أمس بقوة مشهد حريق القاهرة في 26 يناير (كانون الثاني) عام 1952، والذي يعد أبشع حادث تعرضت له العاصمة المصرية في القرن الماضي، ومن أكثر الصفحات غموضا في سجل التاريخ المصري الحديث. لكن تحليلات لعدد كبير من المؤرخين والباحثين وشهادات لسياسيين ممن عاصروا تلك الفترة تشير بأصابع الاتهام إلى جماعة الإخوان المسلمين، بالتواطؤ مع الاحتلال البريطاني لمصر آنذاك.

فمنذ صباح أمس، وبعد مرور 61 عاما على حريق القاهرة، ومع بدء الشرطة بمساعدة قوات الجيش في عملية فض اعتصامي مؤيدي جماعة الإخوان المسلمين والرئيس المعزول محمد مرسي في ميداني رابعة العدوية بضاحية مدينة نصر والنهضة بالجيزة بدأت نذر وشواهد تكرار سيناريو حريق القاهرة تتداعى على الأرض. حيت قام مؤيدو الإخوان بقطع الطرق الرئيسة في العاصمة ومعظم المدن الكبرى بالمحافظات وأقاموا حواجز من الحجارة والطوب عليها، وإشعال إطارات السيارات لتعطيل المرور، كما تعرض عدد من المحال التجارية في القاهرة والجيزة لعمليات سرقة، بعد احتماء عناصر من جماعة الإخوان بها وإطلاق الرصاص، كما اقتحموا عددا من محطات المترو بالقاهرة وشهدت المحطات اشتباكات بينهم وبين المواطنين، مما أدي إلى إيقاف المترو تماما. وأوقفت وزارة الداخلية بالتنسيق مع وزارة النقل حركة القطارات في البلاد في إطار الخطة الأمنية لمواجهة أنصار الإخوان. وأعلنت أقسام الشرطة حالة الطوارئ القصوى، تحسبا لأي محاولة لاقتحام أنصار الإخوان لتلك الأقسام، خاصة بعدما تمكنوا من اقتحام عدة أقسام في القاهرة والمحافظات وإحراق بعضها بقنابل المولوتوف (الزجاجات الحارقة)، والاستيلاء على الأسلحة والذخيرة الموجودة بها، وتهريب المحبوسين، كما تم حرق عدد من الكنائس بالسويس ومحافظات الصعيد.وشهدت الكثير من الشوارع والميادين بالقاهرة والمحافظات حرب شوارع بين أنصار الإخوان وقوات الشرطة، وأغلقت معظم المحال التجارية والبنوك أبوابها، خوفا من تصاعد أعمال العنف، واضطرت المؤسسات والإدارات الحكومية لمغادرة موظفيها مبكرا عن المواعيد الرسمية. كما لم يستطع الكثير من الموظفين والعمال الوصول إلى أعمالهم بسب الشلل المروري الذي أصاب مداخل ومخارج القاهرة والجيزة. وأعاد انتشار الدراجات البخارية التي يقودها ملثمون من مؤيدي الإخوان عقارب الساعة للوراء، حيث زمن حريق القاهرة، وكما روى شهود العيان آنذاك فإن مجموعات من راكبي الموتوسيكلات (الدراجات البخارية) التابعين للتنظيم الخاص لجماعة الإخوان المسلمين انتشرت في منتصف نهار 26 يناير 1952، في وسط مدينة القاهرة. وأكد شهود العيان أن كل موتوسيكل كان يحمل ثلاثة أشخاص، الأول يقود الموتوسيكل، والثاني يحمل قنابل المولوتوف والمتفجرات، والثالث، كان يقوم بتنفيذ العمليات التفجيرية.

وبحسب الإحصائيات والبيانات الرسمية، أدى مشهد حريق القاهرة إلى: حرق نحو 117 مكتبا خدميا وعماليا، معظمها يملكها ليبراليون وأقباط، كما حرق 13 فندقا كبيرا، و40 دار سينما. و73 مقهى وصالات عرض، و92 حانة و16 ناديا اجتماعيا. وقد ذكر اللواء محمد نجيب في مذكراته أن عدد القتلى كان 46 مصريا و9 أجانب. يذكر أنه لم يكن يوجد في مصر عام 1952، تنظيم مسلح أو دموي سوى تنظيم جماعة الإخوان المسلمين. ويذكر أيضا أنه في غضون جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية بين مرشح الإخوان محمد مرسي والفريق أحمد شفيق هددت جماعة الإخوان بحرق مصر إن لم يتم إعلان فوز محمد مرسي، كما بادر الإخوان من جانبهم بإعلان فوز مرسي بعد نحو ثلاث ساعات من انتهاء عملية الاقتراع في جولة الإعادة. ومجددا توعد القيادي الإخواني محمد البلتاجي الحكومة بجر البلد إلى حرب أهلية وبحور من الدم إذا تم فض اعتصامات الإخوان بالقوة. صدى تصريحات البلتاجي تردد بقوة في الشارع عبر تلاسنات ومشاحنات بين مصريين ومؤيدين للإخوان.. وكان لافتا أن تسمع عبارات من قبيل: «عايزين يحرقوا البلد منهم لله»، «طول عمرهم كدابين ملهمش أمان»، «الإخوان تنظيم إرهابي». وعلى الجانب الآخر تتناهي شعارات مضادة تندد بالجيش ووزير الدفاع وتهتف «سيسي يا سيسي مرسي رئيسي، يسقط يسقط حكم العسكر».

ويتحسب المصريون أمام تفاقم الأحداث لإعلان حالة الطوارئ في البلاد، وهو ما حدث بالفعل في عام 1952، حيث أعلنت حالة الطوارئ في القاهرة والجيزة، من السادسة مساء حتى السادسة صباحا، واعتبار أي تجمعات تزيد على 5 أفراد تهديدا للسلم والنظام.