اجتماع منتظر لانهاء ملف مخطوفي أعزاز بمشاركة سورية وتركية وقطرية

أنقرة توفد أمنيين لمتابعة خطف الطيارين ووزير الداخلية اللبناني ينفي مقايضة الملفين

جندي تركي في قوات حفظ السلام في لبنان (يونيفيل) يغلق مدخل شركة المنشات الهندسية التركية في قرية المسلحين الذين اختطفوا الطيارين التركيين اخيرا (رويترز)
TT

فعّل مسؤولون لبنانيون أمس، البحث في ملف المخطوفين اللبنانيين الـ 9 في اعزاز، بموازاة متابعة قضية خطف الطيارين التركيين في بيروت مع مسؤولين اتراك، أحدهم نائب مدير المخابرات التركي عبد الرحمن بلجيك الذي وصل الى بيروت أول من أمس، والتقى وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل. وأعرب الوفد التركي خلال زيارته الى بيروت عن استعداد بلاده لمتابعة التعاون لتوفير خاتمة سعيدة لملف المخطوفين اللبنانيين وبالتالي حل مسألة الطيارين التركيين وطي ملف الخطف تجنباً لتداعياته السلبية على العلاقات بين البلدين. وبموازاة الحراك الأمني لحل قضية الطيارين التركيين، والمخطوفين اللبنانيين في اعزاز، بحث الرئيس اللبناني ميشال سليمان مع سفير تركيا لدى لبنان انان اوزيلديز موضوع المخطوفين التركيين والجهود المبذولة لاطلاقهما في اسرع وقت، مؤكداً ضرورة تكثيف تركيا مساعيها لاطلاق مخطوفي اعزاز.

وأوحى الحراك السياسي والأمني في بيروت أمس بالتوجه الى مقايضة ملفي قضية الطيارين التركيين المخطوفين في لبنان، وقضية المخطوفين اللبنانيين في اعزاز، من خلال إيجاد مخرج مشترك لهما. لكن وزير الداخليةاللبناني نفى أن يكون البحث قد سار في اتجاه ايجاد حل مشترك للقضيتين سلّة واحدة. وأكد لـ«الشرق الأوسط» ان الملفين منفصلان، ولا يجوز الربط بين اطلاق مخطوفي اعزاز وخطف الطيارين التركيين، مشدداً على «اننا سنحضر المخطوفين التركيين بالقوة فور معرفة مكانهما، وحين تتوفر معلومات عن موقع احتجازهما، سنداهمه على الفور لتحريرهما». وقال: «نحن مصرون على أن الخطف في لبنان ممنوع، سواء أكان خطفا بحق لبنانيين أم أجانب». وكان شربل قد أكد خلال الاجتماع مع نائب مدير المخابرات التركية ان الدولة اللبنانية «تدين عمليات الخطف وترفضها خصوصا انها تعكس صورة سلبية عن لبنان واللبنانيين ولا سيما لدى دولة صديقة مثل تركيا التي تجمعها مع لبنان علاقات متينة ومميزة». وشدد على ان ملف خطف الطيار التركي ومساعده «قيد المتابعة الحثيثة والجدية على المستوى الامني والقضائي والسياسي من أجل اطلاقهما واعادتهمما الى بلدهما وذويهما سالمين»، مشيراً الى ان كبار المسؤولين في الدولة اللبنانية يبذلون جهودا استثنائية للوصول الى خاتمة سعيدة في أقرب وقت.

وشدد شربل على ان اللجنة الوزارية المكلفة حل مسألة مخطوفي أعزاز تعول على مساعدة الدولة التركية في إطلاق سراحهم خصوصاً وأن مدة احتجازهم طالت لاكثر من سنة. ولفت الى ان قضيتهم هي قضية وطنية وانسانية بل هي قضية كل لبنان، معتبرا انه لا يجوز الربط بين اطلاق مخطوفي اعزاز وخطف الطيارين التركيين. واشار الى أنه «تم الاتفاق على عقد لقاء ثان في تركيا بين الوزير شربل والوفد التركي سيكون على قدر كبير من الأهمية في ملف الخطف».

ولم يحدد موعد هذا الإجتماع الذي من المنتظر أن يكون قريباً. وكشف الوزير شربل لـ«الشرق الأوسط» عن ان الإجتماع في تركيا «سيخصص للبحث في قضية احتجاز اللبنانيين في اعزاز بشكل نهائي، وسيشارك فيه، الى جانبنا، ممثلون عن الخاطفين السوريين وشخصيات من تركيا وقطر بصفتهما يساعدان على حل القضية». واذ أمل أن يكون الاجتماع المنتظر في تركيا «آخر الاجتماعات لإقفال الملف»، قال ان المجتمعين «سيوضحون بعض الالتباسات التي أحاطت بملفهم»، مشيراً الى ان تحديد موعد عقد الاجتماع «يتم بعدما يعود الوفد التركي الى تركيا ويستعرض محادثاته معنا أثناء جولته في بيروت».

وتصرّ الأطراف اللبنانية المعنية بملف التفاوض على قضية مخطوفي اعزاز، الإبقاء على المداولات «سريّة«، بهدف «الحفاظ على الأجواء الايجابيّة التي تحيط بالملف«، وفق ما قالته مصادر مطلعة على عملية التفاوض لـ«الشرق الأوسط»، مرجحة نهاية «قريبة» لهذا الملف، في حين كان أهالي المخطوفين اللبنانيين في اعزاز ينتظرون مساء أمس «أخباراً سعيدة»، كان من المنتظر أن يتبلغوا بها. وفيما تفعّل البحث في قضية مخطوفي أعزاز، تابع المسؤولون الأمنيون اللبنانيون ملف الطيارين التركيين، وأوقف فرع المعلومات التابع لقوى الأمن الداخلي خمسة اشخاص على ذمة التحقيق، بعدما اعتقل أحد أقارب المخطوفينالأحد الماضي، للاشتباه بضلوعهم في عملية الخطف.

وقال شربل في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» ان «الدولة اللبنانية مصرّة على تحرير الطيارين التركيين»، مشيراً الى أن «المعتقلين الخمسة لدى الأجهزة الأمنية، يتم التحقيق معهم بصفتهم شهود«، نافياً التوصّل الى أدلّة دامغة «حتى الآن»في القضية. لكن مصدراً قضائياً لبنانياً قال لوكالة «أناضول« التركية إن «التحقيق يشهد تطوراً ملموساً، وإن التركيز الآن ينصب على تحديد مكان الطيارين المخطوفين والعمل على تحريرهما بأسرع وقت ممكن«، لافتا إلى أن «عملية الخطف نفذت بطريقة محترفة ومعقدة وهو الأمر الذي يطيل أمد التحقيق للوصول إلى النتائج النهائية».

وفي مسعى سياسي للوصول الى خاتمة لملف الطيارين التركيين، التقى السفير التركي في لبنان رئيس كتلة حزب الله النيابية النائب محمد رعد الذي أعرب عن «أسف حزب الله وإدانته لكل أشكال الخطف التي تستهدف مدنيين في كل مكان وزمان». وأشار رعد الى أن «الحزب مهتمّ بضرورة التوصل مع المعنيين إلى خاتمة جيدة، تنهي قضية خطف الطيارين التركيين وقضية المخطوفين اللبنانيين في أعزاز»، مؤكداً «مواصلة جهوده مع أجهزة الدولة اللبنانية لهذه الغاية». يُذكر أن مجموعة لبنانية تطلق على نفسها اسم «زوار الإمام الرضا» تبنّت اختطاف طيار تركي ومساعده في طريق مطار رفيق الحريري الدولي بالعاصمة بيروت الجمعة الماضية. وطالبت المجموعة الخاطفة تركيا بالتدخل لدى إحدى جماعات المعارضة السورية لإطلاق سراح تسعة مختطفين لبنانيين في منطقة أعزاز السورية، مقابل الإفراج عن الطيار ومساعده.