وزير الخارجية اللبناني ينفي «تهديدات» من أوغلو بشأن «انعكاسات سلبية» لخطف الطيارين على علاقات البلدين

خبراء يستبعدون اتخاذ أنقرة اجراءات عقابية أبعد من تحذير رعاياها واقفال مراكزها ببيروت

TT

نفى وزير الخارجية اللبناني في حكومة تصريف الأعمال عدنان منصور أن يكون قد تلقى أي «تهديدات» من نظيره التركي أحمد داوود أوغلو، بشان انعكاسات أزمة خطف طيارين تركيين على طريق مطار بيروت، على العلاقات الثنائية بين البلدين. وقال منصور إنه لم يقرأ أيّ تهديد في كلام أوغلو الذي أعرب عن «مخاوفه» من تداعيات عمليّة خطف الطيّارين التركيين»، مؤكّدا في الوقت ذاته «استمرار العلاقات بين الطرفين على مختلف المستويات».

وكان أوغلو قد أجرى اتصالا بنظيره اللبناني مساء أول من أمس، حذر فيه، وفق بيان اصدرته الخارجية اللبنانية، من «التداعيات السلبية» على العلاقات الثنائية بين البلدين بسبب خطف الطيارين التركيين في لبنان الاسبوع الماضي. وأفاد بيان الخارجية اللبنانية بأن الطرفين «ناقشا خلال الاتصال التطورات حول خطف الطيارين». وفي حين أعرب اوغلو عن «قلقه الشديد حيال عملية الخطف وما قد ينتج عنها من تداعيات سلبية على العلاقات الثنائية بين البلدين»، أكد منصور «رفض لبنان لأي عملية خطف تحصل على أراضيه»، مشددا على «الحرص على العلاقات المتينة التي تربط لبنان بتركيا».

وأثار موقف أوغلو في الشق المتعلق بتحذيره من تداعيات «سلبية» لعملية خطف الطيارين التركيين على «العلاقات الثنائية»، تخوف أوساط لبنانية من أن يؤدي استمرار خطف المواطنين التركيين الى تهديد المصالح التركية في لبنان وتهديد مصالح لبنان في تركيا. لكن وزير الخارجية اللبناني نقل، في حديث إذاعي أمس، عن اوغلو تأكيده «استمرار الرحلات الجوية التركية الى لبنان»، مستبعدا ان تؤدّي حادثة الخطف الى «إغلاق السّفارة التركية خصوصا وان العمليّة مرتبطة مباشرة بخطف اللبنانيين في أعزاز»، في اشارة الى اللبنانيين التسعة المحتجزين في سوريا، قرب الحدود مع تركيا. واكّد منصور «حرصه على العلاقات اللبنانية- التركية على مختلف الصعد».

ويضع خبراء وباحثون لبنانيون مواقف أوغلو في إطار ممارسة «الضغط الدبلوماسي» من اجل الافراج عن المخطوفين أكثر مما تعكس رغبة بتجميد العلاقة الثنائية أو الاتفاقات الاقتصادية بين البلدين. ويقول الباحث السياسي بهاء أبو كروم، المطلع على تطور العلاقة بين تركيا والعالم العربي، ومن ضمنه لبنان، لـ»الشرق الأوسط» إن «لدى تركيا ما يكفي من الازمات ولن تزيد لبنان عليها». وأشار الى أن «احداث سوريا تعكس نفسها على العلاقات بين الدول في المنطقة»، موضحاً «اننا انتقلنا الى حقبة تصدير أزمة سوريا الى الخارج، وموضوع المخطوفين اللبنانيين في أعزاز يندرج في هذا الإطار».

ويوضح أبو كروم أن «تركيا تعرف جيداً حقيقة الوضع في لبنان وقدرة الدولة على التأثير والقيام بواجباتها، كما تدرك حساسية ملف الخطف وانعكاسه على الوضع الداخلي»، معرباً عن اعتقاده بانها «لن تذهب باتجاه خطوات تصعيدية أكثر مما حصل، لناحية اقفال مراكزها الثقافية والتجارية وتحذير رعاياها من المجيء الى لبنان».

وكان الرد التركي المباشر فور اعلان خبر اختطاف مجموعة مسلحة لطيار تركي ومساعده، يوم الجمعة الفائت، بعد دقائق من خروجهما وطاقم طائرة تابعة للخطوط التركية من حرم مطار بيروت، قد تجسد بدعوة أنقرة رعاياها الى مغادرة لبنان فورا وعدم التوجه اليه «الا في حال الضرورة». كما أقفل كل من المركز التجاري التركي والمركز الثقافي التركي في وسط بيروت (سبق أن ان تعرض للاعتداء عليه وتكسير بابه في وقت سابق) أبوابهما منذ يوم الجمعة الفائت بشكل «مؤقت» وفق ما أعلنه سفير تركيا في لبنان إينان اوزيلديز قبل أيام.

وأدى تكرار اعتصام أهالي مخطوفي أعزاز أمام مكاتب تابعة لخطوط الطيران التركية في وسط بيروت الى تقليص عدد موظفيها ونقلهم الى مطار بيروت. وتزامنت حادثة الخطف مع اعلان قيادة قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان عزم تركيا سحب كتيبة تابعة لها، وقوامها 280 جندياً، من قوات «اليونيفيل» جنوب لبنان، في إطار تغييرات «روتينية»، مطلع شهر سبتمبر (أيلول) المقبل.

ولا ينكر أبو كروم أن «عدم تحمل الدولة لمسؤوليتها بشكل صلب، ربما يلاقي امتعاضا تركيا، لكنه لن يذهب الى حد قطع العلاقات او اتخاذ اجراءات تصعيدية»، معتبراً أن «ضمان استقرار العلاقة بين لبنان وتركيا هو موقف الدولة اللبنانية ومقياسه مدى جديتها في معالجة موضوعي خطف الطيارين التركيين واللبنانيين التسعة». ويشدد على ان «الاجهزة الامنية، وكما هو واضح، تقوم بواجبها بكامل قدراتها لتحرير المخطوفين التركيين، وهو ما لن يدفع الأتراك الى اتخاذ اجراءات عقابية بحق جميع اللبنانيين على خلفية حادثة تعرف سلفاً ظروفها وخلفيتها وارتباطها بملف آخر».