مصر تعلن «الطوارئ» لمدة شهر.. وتفرض حظر التجول في 11 محافظة

الحكومة تطالب الإخوان بالكف عن دعوات التحريض > الأزهر يدعو لـ«ضبط النفس» > الخارجية: بعد فشل كل الجهود لم يعد هناك بديل

عناصر من جماعة الإخوان المسلمين يفرون من مواقع الاشتباكات في محيط ميدان رابعة العدوية هربا من الغاز المسيل للدموع أمس (رويترز)
TT

أعلنت السلطات المصرية أمس حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية لمدة شهر، كما قررت فرض حظر التجول في 11 محافظة بينها العاصمة القاهرة طوال فترة حالة الطوارئ، يوميا من الساعة السابعة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، وجرى تكليف القوات المسلحة بمعاونة هيئة الشرطة في اتخاذ كل ما يلزم لحفظ الأمن، بسبب أعمال العنف التي تشهدها البلاد.

واندلعت مظاهرات واشتباكات دامية خلفت مئات القتلى والمصابين في أنحاء متفرقة من البلاد أمس إثر قيام الجيش والشرطة بفض اعتصامي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بالقاهرة والجيزة، والذي عزله الجيش في 3 يوليو (تموز) الماضي، بعد مظاهرات حاشدة ضده.

وفيما شددت الحكومة المصرية على التصدى الحاسم لأي محاولات للاعتداء على الممتلكات العامة وأقسام الشرطة والمنشآت الحيوية، مطالبة جماعة الإخوان المسلمين بكف دعوات التحريض، تباينت ردود فعل القوى السياسية والقيادات الدينية حول قيام السلطات الأمنية بفض اعتصامي جماعة الإخوان. وفي غضون ذلك تقدم محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية باستقالته.

وقال بيان لرئاسة الجمهورية أمس إن «الرئيس عدلي منصور قرر بعد موافقة مجلس الوزراء إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية لمدة شهر تبدأ من الساعة الرابعة بعد ظهر الأربعاء»، مبررا ذلك بـ«تعرُض الأمن والنظام في أراضي الجمهورية للخطر بسبب أعمال التخريب المُتعمدة، والاعتداء على المُنشآت العامة والخاصة، وإزهاق أرواح المواطنين من قِبل عناصر التنظيمات والجماعات المُتطرفة».

وقال بيان رئاسة الجمهورية إن «رئيس الجمهورية كلف القوات المسلحة معاونة هيئة الشرطة في اتخاذ كل ما يلزم لحفظ الأمن والنظام وحماية المُمتلكات العامة والخاصة وأرواح المواطنين».

وذكر بيان للحكومة أن حظر التجول الذي سيكون يوميا من الساعة السابعة مساء وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، لمدة شهر، سيشمل القاهرة والجيزة والإسكندرية والسويس وبني سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج والبحيرة وشمال سيناء وجنوب سيناء، وأنه سيعاقب بالسجن كل من يخرق حظر التجول.

وأصدرت الحكومة بيانا أعربت خلاله عن بالغ حزنها لسقوط ضحايا ودماء للمصريين أياً كان توجههم، ودعت الموجودين على الأرض بالعودة إلى «الضمير الوطني والاستماع لصوت العقل وحفظ الدماء والكف الفوري عن استخدام العنف»، مطالبة القيادات السياسية لتنظيم الإخوان بإيقاف عمليات التحريض التى تضر بالأمن القومي، محملة إياها المسؤولية كاملة عن «أية دماء تراق».

وحيت الحكومة «جهود قوات الأمن في تطبيق القانون فيما يخص فض تجمعي رابعة والنهضة»، وأشادت بـ«التزام تلك القوات بأقصى درجات ضبط النفس والأداء الاحترافي العالي خلال عملية فض الاعتصام». وشددت الحكومة على أنها «سوف تتصدى بكل حسم وحزم للمحاولات التى بدأتها بعض العناصر التخريبية للاعتداء على الممتلكات العامة وأقسام الشرطة والمنشآت الحيوية»، وحذرت من أنها «ستقوم باستخدام كل الوسائل الكفيلة بملاحقة تلك العناصر وحماية ممتلكات الشعب».

من جانبه، طالب الدكتور أحمد الطيب شيخ الازهر جميع المصريين بضبط النفس والالتزام بالحكمة والعقل والحفاظ على الدماء والاستجابة لجهود المصالحة الوطنية، معلنا في كلمة له أمس أن «الأزهر لم يكن يعلم بإجراءات فض الاعتصام إلا من وسائل الإعلام».

كما شددت وزارة الخارجية في بيان لها على أن «الحكومة المصرية الانتقالية حرصت منذ تشكيلها على تحقيق المصالحة بين أبناء الوطن والعمل على تنفيذ خريطة الطريق التي جرى الإعلان عنها في 3 يوليو الماضي وحاولت بشتى السبل فض الاعتصامات بالحوار.. وفي ضوء فشل تلك الجهود لم يكن هناك مفر أو بديل أمام الحكومة سوى تحمل مسؤولياتها وإنفاذ حكم القانون وحماية أمن المواطنين وصيانة السلم الأهلي من خلال تنفيذ قرارات النيابة العامة في هذا الشأن».

لكن الدكتور محمد البرادعي، عبر عن رفضه لمثل هذه الإجراءات متقدما باستقالة رسمية. وقال بيان صادر عن مكتبه الإعلامي «أتقدم باستقالتي من منصب نائب رئيس الجمهورية، داعيا الله عز وجل أن يحفظ مصرنا العزيزة من كل سوء وان يحقق آمال هذا الشعب وتطلعاته ويحافظ على مكتسبات ثورته المجيدة في 25 يناير 2011، والتي أكدها بصيحته المدوية في 30 يونيو 2013». وأضاف «لقد أصبح من الصعب عليّ أن أستمر في حمل مسؤولية قرارات لا أتفق معها وأخشى عواقبها ولا أستطيع تحمل مسؤولية قطرة واحدة من الدماء أمام الله ثم أمام ضميري ومواطني خاصة مع إيماني بأنه كان يمكن تجنب إراقتها.. وللأسف فإن المستفيدين مما حدث اليوم هم دعاة العنف والإرهاب والجماعات الأشد تطرفا وستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله». وتابع «الأمور سارت في اتجاه مخالف، فقد وصلنا إلى حالة من الاستقطاب أشد قسوة وحالة من الانقسام أكثر خطورة، وأصبح النسيج المجتمعي مهددا بالتمزق لأن العنف لا يولد إلا العنف». ولفت البرادعي إلى أنه كان يرى «أن هناك بدائل سلمية لفض هذا الاشتباك المجتمعي وكانت هناك حلول مطروحة ومقبولة لبدايات تقودنا إلى التوافق الوطني، ولكن الأمور سارت إلى ما سارت إليه».

وقال البرادعي «لقد ساهمت قدر ما وسعني الجهد وظللت أدعو لهذه المبادئ من قبل 25 يناير ومن بعدها من دون تغيير ومن دون تبديل.. إلا أن الجماعات التي تتخذ من الدين ستارا والتي نجحت في استقطاب العامة نحو تفسيراتها المشوهة للدين حتى وصلت للحكم لمدة عام يعد من أسوأ الأعوام التي مرت على مصر حيث أدت سياسات الاستحواذ والإقصاء من جانب والشحن الإعلامي من جانب آخر إلى حالة من الانقسام والاستقطاب في صفوف الشعب».

من جهته، وجه عمرو موسى المرشح السابق للرئاسة، رسالة للشعب المصري دعا فيها الجميع لأن «يكونوا يقظين للغاية ويعملوا بحسم ضد أي فوضى ويقفوا لها بالمرصاد»، مطالبا في رسالته التي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منها، كل المصريين بالتصدي لأي محاولة للاعتداء على الأقباط، مؤكدا أن مسؤولية حمايتهم تقع على المجتمع كله وليس على الدولة.

وناشد حزب الوفد أجهزة الدولة المختلفة بالصمود ضد العمليات الإرهابية حتى تستعيد الدولة هيبتها مرة أخرى وتتمكن من فرض وإحكام السيطرة الأمنية على الشارع المصري بالكامل، مؤكدا أن الإرادة الشعبية تدعم أجهزة الدولة بالكامل وتفوضها للتعامل مع عمليات الشغب والفوضى التى تقوم بها جماعة الإخوان المسلمين.

في المقابل، حمل «التحالف الوطني لدعم الشرعية»، الذي تقوده جماعة الإخوان المسلمين، ما أطلق عليه «قادة انقلاب 3 يوليو» المسؤولية الجنائية والسياسية المباشرة تجاه هذه «الجرائم»، مطالبا بـ«إيقاف العدوان والقتل وسحب الآليات والطائرات، والاعتراف بالحق الدستوري للمواطنين في التظاهر والاعتصام السلميين»، وناشد كل «المنظمات الحقوقية المحترمة في العالم وكافة الأحرار والشرفاء في العالم إدانة هذه الجرائم والسعي لإيقاف إراقة الدماء».

وقال بيان للتحالف إن «قادة انقلاب 3 يوليو قاموا بفض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة السلميين واستخدموا الجيش والشرطة كما لو كانوا في معركة حربية ضد عدو خارجي، فقتلوا ما يزيد على ألفي مواطن وأصابوا أكثر من عشرة آلاف من المواطنين السلميين». وأعلن التحالف أن «منهجه كان وسيبقى منهجًا سلميًا ولن ينجر إلى دوامة العنف بالرغم من وحشية الاعتداءات وبشاعتها».

وقال محمد حسان المتحدث باسم الجماعة الإسلامية لـ«الشرق الأوسط» إن «قرار فرض حالة الطوارئ في البلاد هو جزء من الاعتداء على الحريات وعلى مكتسبات ثورة يناير وعودة لعصر مبارك وفي ظل غياب رقابة برلمانية أو معقب على ذلك».

واعتبر حزب النور السلفي أن فض اعتصامي الإخوان بالقوة سيعقد الأمور وسيعمل على توسيع بؤر المناطق المشتعلة. وقال نادر بكار، المتحدث باسم الحزب إن «الحزب حذر من تفاقم الأوضاع في البلاد»، مضيفا «نبرأ إلى الله مما يحدث الآن ومن كل من شارك فيه وساعد».

من جهته، اعتبر الدكتور سليم العوا، المرشح الرئاسي السابق، أن «ما حدث ولا يزال مستمرًا حتى الآن جريمة بالمقاييس الإنسانية والقانونية والدستورية فى كل نظم العالم»، مضيفا «لا يوجد نظام فى العالم يفوض أحدا لقتل المتظاهرين السلميين بالرصاص الحى بهذه الطريقة الغريبة غير الإنسانية».

وشدد العوا على أن «فض الاعتصام الآن لم يتم وإذا تم لن يؤدي إلى النتيجة التى يسعى إليها الحكام فى هذه المرحلة، بل سيؤدي إلى المزيد من العنف ونشأة تيار جديد عنيف يستخدم القوة فى مواجهة هذا النظام».