بان كي مون يؤكد أن مفتشين دوليين سيتوجهون لسوريا للتحقيق حول الأسلحة الكيماوية

المعارضة رصدت عشرة مواقع استخدمت فيها غازات سامة

العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني أثناء محادثاته مع الأمين العام للأمم المتحدة حول الأزمة السورية أمس بعمان (إ.ب.أ)
TT

أعلنت الحكومة السورية موافقتها على دخول بعثة التفتيش التابعة للأمم المتحدة لكشف أماكن استخدام الأسلحة الكيماوية من دون تحديد الجهة التي استخدمتها، ما يعني أن زيارة المحققين الدوليين أصبحت «وشيكة»، حسب ما أعلنته الأمم المتحدة أول من أمس.

وفي حين أبدت المعارضة السورية تشاؤمها من النتائج المرتقبة لزيارة البعثة وخروجها بتقارير ملتبسة، رجح قياديون في «الجيش السوري الحر» أن يعمد النظام في تعاطيه مع البعثة إلى أساليب التزوير والكذب».

وأشار مسؤول في وزارة الخارجية السورية في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إلى أن «دمشق تنتظر وصول بعثة مفتشي الأمم المتحدة حول الأسلحة الكيماوية في الأيام القليلة المقبلة وليس لديها ما تخفيه»، موضحا أن «المفاوضات بين سوريا والأمم المتحدة انتهت في شكل إيجابي وينتظر وصول الفريق إلى سوريا في الأيام القليلة المقبلة». وقال: إنه «لم تكن هناك أي صعوبة في المفاوضات، ولقد أكدت سوريا استعدادها لمنح كل التسهيلات ليتمكن فريق (المفتشين) من إنجاز مهمته كما يجب».

من ناحيته، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن «خبراء للمنظمة الدولية على وشك السفر إلى سوريا للتحقيق في مزاعم عن استعمال أسلحة كيماوية أثناء الحرب الأهلية في البلاد بعد أن اتفقت الأمم المتحدة والحكومة السورية على تفاصيل الرحلة». وجاء في بيان للمتحدث باسمها أن الأمين العام «يعرب عن سروره للإعلان بأن الحكومة السورية وافقت رسميا على المعايير الأساسية» للتأكد من أمن وفعالية هذه البعثة. واعتبر أن «مغادرة فريق الخبراء أصبحت وشيكة». وشكر بأن الحكومة السورية على «تعاونها» مؤكدا أن هدف الأمم المتحدة هو إجراء «تحقيق مستقل تماما ومحايد» للمساعدة في «منع استعمال الأسلحة الكيماوية في النزاع السوري لأن أي استعمال له من قبل أي طرف من الطرفين وفي أي ظروف، سيكون جريمة شنيعة».

وفور إعلان الحكومة السورية موقفها الإيجابي من دخول البعثة سارعت وزارة الخارجية الروسية إلى اعتبار موافقة سوريا «دليلا على استعدادها لتوضيح مسألة استخدام هذه الأسلحة». وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف عبر «تويتر» أن من شأن ذلك أن «يخلق أرضية إيجابية للتحرك نحو إطلاق عملية سياسية لحل الأزمة السورية».

ووصل فريق التحقيق بقيادة السويدي اكي سيلستروم إلى لاهاي منذ عدة أيام بانتظار سفره إلى دمشق. على أن يبقى في دمشق «لفترة 14 يوما قابلة للتمديد بموافقة الطرفين»، حسبما أوضحت الأمم المتحدة. ومن بين المواقع التي سيزورها خبراء الأمم المتحدة، منطقة خان العسل في حلب في حين لم يكشف النقاب عن مواقع أخرى.

وكان النظام السوري قد اتهم مقاتلين معارضين باستخدام أسلحة كيماوية في مارس (آذار) بخان العسل في حلب بإطلاق صاروخ مزود برأس كيماوي لكن المعارضة نفت ذلك مؤكدة أن قواتها لا تملك صاروخا بعيد المدى ولا سلاحا كيماويا.

واستولى مقاتلو المعارضة على خان العسل من القوات النظامية الشهر الماضي وأبلغ الائتلاف الوطني السوري المعارض الأمين العام للأمم المتحدة أنه سيتعاون مع فريق المحققين وأنه «يرحب بمفتشي الأمم المتحدة في جميع المناطق التي تحت سيطرته».

ويجري ترتيب إجراءات دخول أعضاء بعثة التحقيق بين الأمم المتحدة والنظام السوري من دون علم المعارضة السورية، وفق ما أكده عضو «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» كمال اللبواني لـ«الشرق الأوسط»، ولفت إلى أن «الأمم المتحدة كعادتها لم تنسق مع المعارضة لأنها تتعامل فقط مع النظام السوري»، معربا عن تشاؤمه من نتائج زيارة البعثة الأممية إلى سوريا التي ستكتفي بإصدار تقارير ملتبسة بحسب تعبيره.

وطالب اللبواني «المجتمع الدولي بسحب السلاح الكيماوي الذي يمتلكه النظام السوري لأنه يشكل خطر على المنطقة ككل»، مشيرا إلى أن «النظام لا يسيطر على هذا السلاح ومن المحتمل وقوعه في أيدي الشبيحة أو الجماعات غير المنضبطة التابعة للنظام». وأوضح أن «جبل قاسيون في العاصمة دمشق إضافة إلى منطقتي برزة ومزة تحتوي مستودعات تحت الأرض للأسلحة الكيماوية»، مؤكدا «امتلاك النظام 1200 طن من السلاح الكيماوي، منها 700 طن من غاز السارين، و200 طن من غاز الخردل».

وتبادلت الحكومة السورية والمعارضة الاتهامات باستخدام أسلحة كيماوية ونفى كلا الجانبين هذه الاتهامات. وسيحاول تحقيق الأمم المتحدة التأكد فقط ممّا إذا كانت أسلحة كيماوية قد استخدمت وليس تحديد من استخدمها.

وقالت الأمم المتحدة إنها تلقت 13 تقريرا عن استخدام محتمل لأسلحة كيماوية، أحدها من الحكومة السورية والباقي من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة. وخلصت الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) إلى أن قوات الأسد استعملت أسلحة كيماوية ضد مقاتلي المعارضة. وقال الرئيس الأميركي باراك أوباما العام الماضي إن أي «محاولة لنشر أو استعمال أسلحة كيماوية أو بيولوجية في سوريا ستكون قد تخطت «خطا أحمر».

وكانت صحيفة «لوموند الفرنسية» قد كشفت قبل أسبوعين دلائل عن استخدام النظام السوري، السلاح الكيماوي، وتحديدا غاز السارين، ضد المدنيين في جوبر بريف دمشق، حيث عاد صحافيوها بعد تغطيتهم الميدانية لأحداث جوبر بعينات ميدانية تم تحليلها في مختبر متخصص تابع لوزارة الدفاع الفرنسية، وأظهرت النتائج أن 14 عينة، من أصل 21. فيها آثار غاز السارين.

وفي هذا السياق، أوضح المنسق الإعلامي والسياسي في الجيش الحر لؤي المقداد لـ«الشرق الأوسط أن «المعارضة رصدت في المناطق (المحررة) أكثر من 10 مواقع وثقت فيها عينات الدم والتربة لتكشف استخدام القوات النظامية السلاح الكيماوي ضد السوريين». وكشف أن «الجيش الحر قد سلم قنبلة غير منفجرة تحتوي على الغاز تم إلقاؤها على مدينة سراقب بإدلب إلى إحدى الجهات الدولية». ولفت إلى أن «أكثر من 5 دول غربية تمتلك أدلة مؤكدة على استخدام النظام للسلاح الكيماوي».

وأشار المقداد إلى أن «المعارضة قد طالبت أن يشمل عمل البعثة كل المواقع المشتبه بها في سوريا لكن نظام الأسد يصرّ على موقع خان العسل فقط»، مرجحا أن يكون «النظام بمساعدة الإيرانيين قد فبرك أدلة معينة أو أرسلوا طرفا ثالثا حتى يلصقوا التهمة بالجيش الحر».

ولفت إلى أن «تجربتنا مع النظام السوري بما يخص البعثات الدولية سيئة للغاية منذ من بعثة الفريق الدابي إلى اليوم إذ يمارس هذه النظام الكذب والتزوير وعلى الأرجح سيأخذ أعضاء اللجنة إلى أماكن غير التي استعمل فيها أسلحة كيميائية». وأكد أن «هيئة أركان الجيش الحر ملتزمة بتقديم كل الضمانات بمساعد بعثة الأمم المتحدة وتأمين وصولها إلى الأماكن المطلوبة من أجل التوصل إلى حقيقة لا جدل فيها أن النظام يستخدم السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري».

يذكر أن سوريا هي إحدى الدول السبع غير المنضمة إلى اتفاقية 1997 التي تحظر استخدام الأسلحة الكيماوية. وتعتقد دول غربية عن امتلاك دمشق مخزونات لم تعلن عنها من غاز الخردل وغازي الأعصاب السارين وفي إكس.