مسرب وثائق «ويكيليكس» يعرب عن ندمه

مانينغ المدان بتهم عقوبتها السجن 90 سنة يطلب العفو من القاضية العسكرية

صورة لمانينغ أثناء الإدلاء بإفادته أمام القاضية العسكرية في قاعدة فورت ميد قرب واشنطن مساء أول من أمس (رويترز)
TT

أعرب برادلي مانينغ، الجندي المدان في أكبر قضية تسريب وثائق سرية أميركية، مساء أول من أمس في آخر ساعات محاكمته، عن ندمه وعن الأسف لأن تكون أعماله «نالت من الولايات المتحدة».

والتفت الجندي الشاب النحيل الذي قد يصدر بحقه حكم بالسجن تسعين سنة بعد إدانته بالتجسس، متوسلا إلى القاضية دنيز ليند التي ستصدر الحكم بحقه خلال أيام، وقال «يا حضرة القاضية أريد أولا أن أبدأ بطلب العفو». وأضاف أمام المحكمة العسكرية في قاعدة فورت ميد قرب واشنطن «يؤسفني أن تكون أعمالي تسببت في الإساءة إلى بعض الناس، أو تكون أساءت إلى الولايات المتحدة».

وقد اعترف المتهم (25 سنة) بأنه سلم 700 ألف وثيقة عسكرية ودبلوماسية لموقع «ويكيليكس» الذي نشرها، لكنه نفى بشدة أن يكون قد أراد النيل من الولايات المتحدة، مؤكدا أنه كان يأمل في إثارة نقاش عالمي، وقد أعفته القاضية من اخطر التهم الموجهة إليه وهي «التواطؤ مع العدو» أي تنظيم القاعدة.

وقال مانينغ «كنت أعلم بما كنت أفعله وما اتخذته من قرارات، لكنني لم أدرك مدى انعكاسات أفعالي»، مؤكدا أنه فهم جيدا الأمور بعد اعتقاله ومحاكمته. وأضاف «عندما أنظر إلى قراراتي، أتساءل: كيف كان يمكنني تغيير العالم في حين أنني لست سوى مجرد محلل» استخباراتي؟ وتابع الجندي الذي ارتدى زيه العسكري الأزرق ووضع نظارات رقيقة «أنا آسف للانعكاسات غير المتعمدة لما فعلته» وذلك في آخر محاولة لإقناع القاضية العسكرية التي ستعلن الحكم عليه الأسبوع المقبل، مضيفا «كنت أظن أنني أساعد الناس ولست أنال منهم».

وهذه هي المرة الأولى التي يقدم خلالها برادلي مانينغ اعتذاراته عما فعله منذ بداية محاكمته في الثالث من يونيو (حزيران) الماضي، ولم يتدخل سوى مرتين، الأولى ليتحدث عن قساوة اعتقاله والثانية لعرض مبرراته.

وأعلن مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج في بيان أن شهادة مانينغ جاءت نتيجة ضغط شديد بعد محاكمة طويلة أصابته بالإحباط واعتقال دام ثلاث سنوات. وقال أسانج إن «المحكمة العسكرية لن ترضى إلا بإهانة برادلي مانينغ»، مؤكدا أنه «في ضوء ذلك لا بد من النظر (إليه) بشفقة وتفهم قرار الاعتذار من الحكومة الأميركية المتخذ تحت الضغط على أمل خفض حكمه بعشر سنوات أو أكثر».

وفي إشارة على ما يبدو إلى مشاكله الشخصية والجنسية التي طرحت على المناقشة مطولا في جلسة أول من أمس، وإلى طفولته البائسة مع والديه المدمنين على الكحول، أقر مانينغ بأن لديه «عيوبه ومشاكله» وعليه أن يحلها، لكنه رفض استعمالها «ذريعة». وقال المحلل الاستخباراتي السابق في العراق «أدرك أن علي أن أدفع الثمن. كانت أمامي إمكانات أخرى كان أجدر بي أن أستعملها، لكنني مع الأسف لا يمكن أن أعود إلى الوراء لتغيير الأمور، ولا يمكنني إلا المضي قدما». وخلص الشاب متوجها مجددا إلى القاضية ليند «أعرف أن بإمكاني أن أكون شخصا أفضل وسأكون، وآمل أن تعطيني فرصة لأثبت ذلك ليس بالكلام بل بالأفعال».

وفي شهادتين مؤثرتين، تحدثت شقيقته كازي ميجور وخالته دبرا فان الستين عن طفولته المعذبة. ولدى خروجه من المحكمة صرح محاميه ديفيد كومبس أمام أنصار المتهم بأن «برادلي كان بلا شك طيب النوايا، كان يفكر فيكم أنتم الأميركيين» و«كان هدفه الأساسي أن يجعل من هذا العالم عالما أفضل».

وكان مانينغ قد أدين في الثلاثين من يوليو (تموز) الماضي بعشرين تهمة بما فيها التجسس والسرقة. لكنه برئ من التهمة الأكثر خطورة وهي مساعدة العدو وعقوبتها الإعدام.