جدل حول استقالة البرادعي من منصب نائب الرئيس.. وحزبه يرفضها

وزارة الخارجية المصرية تكثف تحركاتها لتوضيح موقف الحكومة من الوضع الأمني

TT

تسبب قيام السلطات المصرية بفض اعتصامي أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بالقوة أول من أمس في إثارة حالة من الجدل السياسي بمصر، خاصة بعدما قدم الدكتور محمد البرادعي نائب الرئيس للعلاقات الدولية استقالته اعتراضا على طريقة تعامل القوات مع المعتصمين، وهو ما قوبل بعاصفة من الانتقادات ووصفه البعض بأنه «هروب من المسؤولية».

ومن جهتها بدأت وزارة الخارجية المصرية أمس تحركات مكثفة مع الدبلوماسيين الغربيين ووسائل الإعلام الدولية من أجل شرح تطورات الأحداث في مصر وتقديم وتوضيح موقف الحكومة.

واندلعت اشتباكات دامية خلفت أكثر من 500 قتيل وآلاف المصابين، في أنحاء متفرقة من البلاد منذ صباح أول من أمس (الثلاثاء) إثر قيام قوات مشتركة من الجيش والشرطة بفض اعتصامي جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها الرئيس السابق محمد مرسي، بالقاهرة والجيزة. وإثر ذلك أعلنت السلطات المصرية حالة الطوارئ في جميع أنحاء الجمهورية لمدة شهر، كما قررت فرض حظر التجول في 14 محافظة بينها العاصمة القاهرة طوال فترة حالة الطوارئ، قبل أن تستثنى أمس محافظة جنوب سيناء.

وقدم الدكتور محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية للعلاقات الدولية، استقالة رسمية إلى رئيس الجمهورية المؤقت عدلي منصور، مستندا إلى أنه «لا يستطيع تحمل مسؤولية قرارات يخشاها ولا يتفق معها».

وقالت مصادر دبلوماسية أمس إن «الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حثا قائد القوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي على تسويه الأمر عن طريق التفاوض». وأضافت: «كان يمكنهم تبني ذلك الخيار.. لذلك فكل ما حدث من فض الاعتصامين بالقوة كان غير ضروري».

وتابع المصدر وفقا لـ«رويترز» إن «الوسطاء الغربيين حاولوا إقناع السيسي بأن مصر ستعاني استقطابا سياسيا ومصاعب اقتصادية لفترة طويلة إذا حدث حمام دم»، كما تم تحذيره ووزير الداخلية محمد إبراهيم صراحة من أن «البرادعي سيستقيل إذا اختارا القوة بدلا من التفاوض، وهو ما يجرد الجيش من مصدره الرئيس لكسب الاحترام لدى الليبراليين والمدنيين».

لكن حزب الدستور، الذي يرأسه البرادعي أيضا، رفض استقالته.. ووصفها بأنها «موقف غير مسؤول في ظل الظروف الراهنة»، وطالب «الجميع بالاصطفاف خلف الجيش العظيم لحماية الوطن». وحمل الحزب في بيان له أمس مسؤولية إراقة الدماء لـ«قادة جماعة الإخوان المسلمين»، الذين رفضوا مساعي الحوار الوطني على مدار ستة أسابيع لفض الاعتصامات غير السلمية».

وبينما أعلن الدكتور أحمد دراج القيادي بالحزب استقالته، قائلا «إن البرادعي خذلنا وغض طرفه عن المشهد المأساوي الذي يعانيه المصريون من أفعال الإخوان المسلمين».. أعلن شباب الحزب خلافهم مع قرار الاستقالة وتوقيته وطريقة اتخاذه. وقال بيان لهم «نختلف معك الآن في توقيت تعبيرك عن رأيك وإعلان موقفك خوفًا من أن يساء استغلاله من أطراف عديدة خارجية أميركية وإسرائيلية، وداخلية متمثلة في تيار اليمين الديني المتطرف الإرهابي».

ومن جهتها، أعربت جبهة الإنقاذ الوطني، عن أسفها لاستقالة البرادعي. وقالت في بيان لها «كنا نتصور، نظرا لعلاقته الوطيدة بالجبهة، أن يتشاور معنا قبل اتخاذ هذا القرار». وأعلنت أنها «تقف بكل قوة وصلابة خلف رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء والقوات المسلحة وسائر مؤسسات الدولة في مواجهة التحديات التي تهدد الوطن في هذه المرحلة الدقيقة».

وقاد البرادعي منذ ديسمبر (كانون الأول) العام الماضي الجبهة كأبرز تحالف للأحزاب المعارضة للرئيس المعزول مرسي. وشددت الجبهة أمس على أن «أي استقالة من الحكومة لن تؤثر بأي حال من الأحوال على موقفها وعلى إصرارها على إنجاز خريطة الطريق في المواعيد المحددة».

ورفضت حملة «تمرد» استقالة البرادعي، واعتبرته تخليًا عن المسؤولية. وقال محمود بدر، المتحدث الرسمي باسم الحملة، في تدوينة له على «فيس بوك»: «للأسف يا دكتور.. لقد آثرت أن تجمل صورتك الخارجية أمام أصدقائك في العالم؛ على حساب صورتك الداخلية أمام الشعب المصري، وعلى حساب دورك في الداخل».

وقال الروائي الدكتور علاء الأسواني: «يؤسفني أن يتخلى البرادعي عن المصريين في وقت الشدة.. قارن بين ضباط كرداسة الذين استشهدوا دفاعا عن مصر والبرادعي الذي آثر السلامة على الواجب». أما الناشط السياسي حازم عبد العظيم فقال: «أشعر بالندم الشديد أنني كنت أحد مؤيديك.. هل تريد إحراج مصر دوليا؟ ألم تشاهد الأسلحة ومناظر التعذيب في الاعتصام؟».

ومن جانبه، قال حمدين صباحي مؤسس التيار الشعبي إنه «يقف مع الشعب والجيش والشرطة لمواجهة إرهاب الذين احتقروا إرادة الشعب واحتكروا قدسية الدين واتجروا بدم الأبرياء». وكتب صباحي، على «تويتر»: «حتى اكتمال النصر من عند الله؛ سنقف مع شعبنا القائد وجيشنا والشرطة نواجه إرهاب الذين احتقروا إرادة الشعب واحتكروا قدسية الدين واتجروا بدم الأبرياء».

وحمل حزب الوفد جماعة الإخوان مسؤولية الدم الذي أريق، وقال في بيان له إن «قيام سلطات الدولة بفض الاعتصامين كان أمرًا واجبًا فوّضهم فيه الشعب يوم 26 يوليو (تموز)، وإذا كان الوفد يؤمن بحق التظاهر والاعتصام السلمي إلا أنه يرفض كل أشكال الخروج على شروط السلمية ومعاييرها».

وطالب الوفد الدول الأجنبية بأن تكف عن التدخل في أي شأن من شؤون مصر الداخلية، وألا تتعجل في التعليق على ما يحدث من أحداث وإصدار بيانات دون أن تنتظر نشر الحقائق الموثقة.

في المقابل، أدانت حركة شباب 6 أبريل فض اعتصامي النهضة ورابعة بالقوة، وكذا أحداث العنف التي شهدتها محافظات مصر، واستهداف الأقباط والكنائس وأقسام الشرطة. وأكدت الحركة في بيان لها أمس على أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من الوضع الحالي، وإعادة البلاد إلى المسار الديمقراطي الذي يسمح بتحقيق أهداف الثورة، والذي عبر عنه الدكتور محمد البرادعي.

وعقدت أمس بعض القوى السياسية مؤتمرا ضم شخصيات سياسية وقانونية أبرزها المستشارة تهاني الجبالي، ودعا بيان صدر عن الاجتماع لإصدار قرار بإعلان جماعة الإخوان «تنظيما إرهابيا محظورا».

من جانبه، قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية السفير بدر عبد العاطي، إن الوزير نبيل فهمي أوضح أن «المسؤوليات التي تضطلع بها أي حكومة ديمقراطية تتمثل في حفظ الأمن والنظام العام، وأن قرار فض الاعتصامين يتم في إطار تطبيق القانون»، مشيرا إلى أن الحكومة لم يكن أمامها أي بديل سوى فض الاعتصامين بعد فشل الجهود والمساعي الحميدة التي بذلتها أطراف دولية.

ونوه المتحدث في تصريح له أمس إلى «ضرورة تنفيذ خارطة الطريق بكافة عناصرها وبمشاركة القوى السياسية التي تنبذ العنف والتحريض عليه»، مستنكرا «التصريحات غير المسؤولة الصادرة عن الجانب القطري بشأن فض الاعتصامات، والتي تنم عن عدم إلمام بالواقع وتجافي الحقيقة»، على حد قوله. وأضاف المتحدث: «لا توجد حكومة بالعالم تحترم شعبها يمكن أن تقبل ترويع مواطنيها».