وثائق مسربة: وكالة الأمن الأميركية خالفت قواعد الخصوصية آلاف المرات

المعلومات الجديدة تشمل تفاصيل لا تتوافر لدى الكونغرس أو محكمة الاستخبارات

TT

خرقت «وكالة الأمن القومي» الأميركية قواعد خصوصية الأفراد وتجاوزت سلطاتها القانونية آلاف المرات سنويا منذ أن منح الكونغرس الوكالة صلاحيات جديدة واسعة النطاق عام 2008، حسبما أفادت به صحيفة «واشنطن بوست» أمس نقلا عن وثائق مسربة سرية.

شملت معظم المخالفات مراقبة غير مصرح بها لأميركيين أو أهداف استخباراتية خارجية في الولايات المتحدة، تخضع لقيود النظام الأساسي والنظام التنفيذي، وتتراوح بين انتهاكات كبيرة للقانون وأخطاء مطبعية أدت إلى اعتراضات غير مقصودة لمكالمات ورسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية داخل الولايات المتحدة.

تشمل الوثائق، التي قدمها متعاقد وكالة الأمن القومي السابق إدوارد سنودن، في صيف العام الحالي إلى صحيفة «واشنطن بوست» مستوى من التفاصيل والتحليل الذي لا يقدم بشكل روتيني إلى الكونغرس أو المحكمة الخاصة التي تشرف على المراقبة. وقد وجهت في إحدى هذه الوثائق، تعليمات لموظفي الوكالة بإزالة التفاصيل وإبدالها بلغة أكثر عمومية في التقارير المقدمة إلى وزارة العدل ومكتب مدير الاستخبارات الوطنية.

في إحدى هذه الوثائق، أشارت وكالة الأمن القومي إلى أنها ليست بحاجة إلى الإبلاغ عن المراقبة غير المقصودة للأميركيين. وكان من الأمثلة البارزة لما جرى في عام 2008 اعتراض «عدد كبير» من المكالمات الصادرة من واشنطن عندما وقع خطأ في برمجة شفرة منطقة في الولايات المتحدة من 202، إلى 02 مفتاح المكالمات الدولية لمصر، وفقا لمراجعة «ضمان الجودة»، والذي لم يوزع على موظفي الرقابة في وكالة الأمن القومي.

وفي حالة أخرى، لم تعلم محكمة مراقبة الاستخبارات الخارجية، التي تشرف على بعض عمليات وكالة الأمن القومي، عن إحدى وسائل جمع المعلومات الجديدة حتى تم إشراكها في العملية لعدة شهور، وقضت المحكمة بأنه غير دستوري.

من ناحية أخرى، لم تقدم إدارة الرئيس باراك أوباما في الغالب أي معلومات عامة حول سجل امتثال وكالة الأمن القومي للقوانين. وبعدما قطع وعدا في يونيو (حزيران)، بشرح سجل وكالة الأمن القومي «بأكبر قدر من الشفافية»، تحدث جيمس كول نائب وزير العدل الأميركي عن ضمانات ورقابة واسعة تجعل من الوكالة خاضعة للرقابة. وقال كول في شهادته أمام الكونغرس: «ربما تقع أخطاء بين الحين والآخر».

أحصت وثائق الرقابة الداخلية لوكالة الأمن القومي بتاريخ مايو (أيار) 2012، ما يصل إلى 2.776 حادثة خلال الأشهر الاثنى عشر التي سبقت ذلك لـ«جمع غير مرخص له وتخزين أو توزيع اتصالات محمية قانونيا». كانت غالبية هذه الحوادث غير مقصودة. وتضمنت الكثير من الإخفاقات في اتخاذ العناية الواجبة أو انتهاكات لإجراءات التشغيل المعيارية. وكان من بين أخطر الحوادث انتهاك لأمر من المحكمة والاستخدام غير المصرح به للبيانات بخصوص أكثر من ثلاثة آلاف أميركي وحاملين للإقامة الدائمة (البطاقة الخضراء).

وفي رد على أسئلة لهذا المقال، قالت وكالة الأمن القومي إنها «تحاول حاليا تحديد المشاكل في أقرب وقت، واتخاذ التدابير اللازمة كلما كان ذلك ممكنا، وخفض الحوادث غير القانونية». وقد تم إعلام الحكومة بنية «واشنطن بوست» نشر الوثائق التي تصاحب هذه المقالة على الإنترنت. ونقلت «واشنطن بوست» عن مسؤول بارز في وكالة الأمن القومي، اشترط عدم كشف هويته، قوله في مقابلة: «نحن وكالة تدار بشكل بشري في بيئة معقدة مع عدد من النظم الرقابية المختلفة، لذلك نجد أنفسنا في بعض الأحيان على الجانب الخطأ من الخط». وأضاف: «إذا نظرت إليها كنسبة مئوية من إجمالي نشاطنا الذي نقوم به يوميا، ستجد الأمر مختلفا قليلا».

لا توجد وسيلة موثوقة يمكن الاعتماد عليها لحساب عدد القضايا التي سجلت لامتثال الوكالة من بين الكثير من الأميركيين الذين تم جمع اتصالاتهم بشكل غير صحيح، أو تخزينها أو توزيعها من قبل وكالة الأمن القومي. تختلف الأسباب وشدة المخالفات التي قامت بها الوكالة بشكل كبير. ويعزى واحد من بين 10 حوادث لخطأ مطبعي أدخل فيها المحلل استعلاما غير صحيح وقام باسترداد بيانات حول المكالمات الهاتفية أو رسائل البريد الإلكتروني الأميركية.

لكن الوكالة وقعت في هفوات أكثر خطورة كان من بينها الدخول غير المصرح به لمكالمات تم اعتراضها، وتوزيع المحتوى المحمي واستخدام النظم الآلية دون ضمانات مدمجة لمنع مراقبة غير قانونية.

وأحصى تقرير للرقابة الداخلية في مايو 2012، فقط الحوادث في مقار وكالة الأمن القومي في فورت ميد ومرافق أخرى في منطقة واشنطن. وقال ثلاثة مسؤولين حكوميين، تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم لمناقشتهم قضية سرية، إن العدد يكون أعلى بكثير إذا أضيفت غيرها من الوحدات الأخرى التابعة للوكالة وعدد من المقار الإقليمية.