مسيحيون تحت خط الرعب في مصر

قالوا إن استهداف الكنائس مدبر و«خطاب الكراهية» من المتطرفين صار علنيا

TT

يتخوف كثير من مسيحيي مصر من تزايد عمليات عنف طائفية ضدهم خلال الأيام المقبلة، وبخاصة بعد تعدد حوادث استهداف كنائس ومنشآت تابعة لدور عبادتهم في مختلف المحافظات، وبخاصة في صعيد مصر جنوب العاصمة.

وعلى مدار سنوات بعيدة، شهدت مصر العديد من الأحداث التي يمكن وصفها بالطائفية تجاه مواطنين مسيحيين، لكن تلك الأحداث التي شهدت ذروتها في التسعينات من القرن الماضي، تكثفت على مدار الأيام الماضية إثر بدء قوات الأمن المصرية في عملية فض اعتصامين لجماعة الإخوان المسلمين.

وقال منير نجيب، وهو محام مسيحي يقطن في القاهرة من أصول تنتمي لمحافظة المنيا، إن «الجماعات المتطرفة استهدفت نحو 52 منشأة مسيحية، بينها كنائس وأديرة وحتى مراكز خدمية، في أكثر من 9 محافظات مصرية منذ يوم الأربعاء الماضي».

وأشار نجيب، في حديث هاتفي لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «بداية الأحداث المتزامنة توضح أن الاستهداف لم يكن عشوائيا.. لا يمكن أن تتحرك مسيرات مسلحة في أكثر من 40 موقعا في مدن وقرى في ذات اللحظة دون أن تكون مبرمجة مسبقا.. هذا مستحيل ولا يمكن تصديقه».

وبالتزامن مع البدء في عملية فض الاعتصامين، شهدت العديد من المحافظات المصرية اعتداءات من مسيرات لمتشددين إسلاميين على عدد من المنشآت الحكومية والملكيات الخاصة للسكان، واستهدافا موسعا لعدد من الكنائس، إذ أشارت تقارير إلى استهداف كنائس في محافظات سوهاج والمنيا وبني سويف والفيوم وأسيوط والإسكندرية وشمال سيناء والسويس والقاهرة، بدرجات متفاوتة، بدءا من محاولات لاقتحامها، وصولا إلى حرق بعضها بالكامل.

من جانبها، أكدت ماريان جورج، وهي ناشطة حقوقية مسيحية، أن هناك عددا من الحالات المسجلة والموثقة لاعتداءات استهدفت ممتلكات لأسر مسيحية. وقالت لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف: «كان هناك استهداف عمدي وبخاصة في الصعيد لمتاجر وممتلكات لأسر قبطية.. شاهدت في المنيا مسيرة لملتحين مسلحين اقتحمت محلات وصيدليات مغلقة وأشعلتها بالمولوتوف (الزجاجات الحارقة) لمجرد أن واجهتها تحمل سما مسيحيا».

وفي ذات السياق، قال تقرير صادر أمس عن «غرفة العمليات المركزية لاتحاد شباب ماسبيرو»، وهو مجموعة مسيحية تم تكوينها عقب واقعة اشتباك شهيرة بين قوات عسكرية ومسيحيين معتصمين في منطقة ماسبيرو بالقاهرة في أكتوبر (تشرين الأول) 2011، إنه قام برصد وتوثيق 63 واقعة اعتداء على كنائس ومبان تابعة لها ومدارس قبطية، إلى جانب عشرات الاعتداءات على منازل ومحال وصيدليات وفنادق وحافلات مملوكة للكنائس والأقباط.

وقال التقرير: «تستمر وتزداد الأعمال الإجرامية والإرهابية التي ترتكبها جماعة الإخوان المسلمين وأنصارهم تجاه الشعب المصري العظيم يوما بعد يوم. وبالأخص ضد أقباط مصر الذين يتعرضون لانتهاكات عدة بين حرق وهدم كنائسهم وسلب ونهب ممتلكاتهم وقتلهم والتمثيل بجثثهم ويصل الأمر للتهجير القسري والاختطاف للأقباط في بعض المناطق». وتابع التقرير منتقدا أنه «رغم هذا نجد أعضاء المجتمع الدولي يغضون البصر والبصيرة عن تلك الاعتداءات الجسيمة، بل وأكثر من ذلك يساندون إرهابيين ينتهكون حقوق الإنسان وحرياته».

وكان القائد العام للجيش، وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، قد وجه الهيئة الهندسية التابعة للقوات المسلحة يوم الخميس الماضي بسرعة إعادة بناء وترميم جميع الكنائس، التي تم الاعتداء عليها خلال الأحداث على نفقة القوات المسلحة.

وأوضحت ماريان أن «العديد من المساجد التي يسيطر عليها المتشددون في المنيا، دعت علنا عقب الصلوات - وفي مكبرات الصوت - إلى الانتقام من المسيحيين ووجوب هدم كنائسهم وديارهم وتهجيرهم، كونهم ساندوا الانقلاب على الشرعية الإسلامية؛ بحسب قولهم»، مشيرة إلى أن لديها تأكيدات على تكرار ذلك في محافظات أخرى في الصعيد.

وكان بابا الكنيسة القبطية، بطريرك الكرازة المرقسية، البابا تواضروس الثاني، قد أيد رمزيا عزل الرئيس السابق محمد مرسي، وذلك عبر حضوره مع شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب لبيان العزل الذي ألقاه الفريق السيسي يوم 3 يوليو (تموز) الماضي.

ورغم أن ماريان أشارت إلى أنها تخشى الآن الخروج من بيتها هي وأسرتها، فإنها تابعت قائلة: «نعم نحيا في رعب.. لكن جيراننا المسلمين يحمون بيوتنا بقدر ما يستطيعون. المشكلة أن المعتدين مسلحون بمسدسات ورشاشات. لكن أهل المناطق المختلفة الآن أكثر استعدادا إذا فكر هؤلاء في المهاجمة مرة أخرى».