«دولة القانون» يحث على إعلان حالة الطوارئ في العراق وسط تفاوت في مواقف الكتل

مصدر قانوني: تمنح رئيس الوزراء حق تعطيل البرلمان والدستور والبقاء بمنصبه

TT

كشف قيادي بائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي أن «هناك لجنة إعلامية وسياسية قريبة من دولة القانون طرحت في اجتماع خاص إمكانية إعلان حالة الطوارئ في البلاد ما دام العراق بات الآن يتعرض إلى حرب إبادة جماعية من قبل التنظيمات الإرهابية». وكانت مصادر مطلعة أكدت أن هناك دراسة لمكتب القائد العام للقوات المسلحة (المالكي) مع الوزراء المختصين وقادة الأجهزة الاستخبارية لإعلان حالة الطوارئ، من خلال تقسيم البلاد إلى وحدات يديرها ضباط من القوات المسلحة بموجب قانون الطوارئ.

وفي هذا السياق، قال القيادي بدولة القانون ورئيس المعهد العراقي للتنمية الإعلامية، عدنان السراج، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «مسالة إعلان حالة الطوارئ في العراق باتت مبررة إلى حد كبير، وإن هناك رغبة بالفعل لكنها تصطدم بالبرلمان، حيث إن هناك كتلا سياسية ترفض هذا الأمر من خلفيات وزوايا مختلفة لأن قانون الطوارئ لكي يمر من قبل البرلمان يحتاج إلى ثلثي عدد الأعضاء الأصليين»، معتبرا أن «ذلك أمر صعب في ظل الوضع السياسي الحالي، حيث إن هناك كتلا سياسية لا تريد للحل الأمني أن يأخذ مجراه بدعوى أن ذلك يتعارض مع الديمقراطية في حين أن مصر مثلا ومن أجل أن تفض اعتصاما في ساحة من ساحات القاهرة أعلنت حالة الطوارئ لمدة شهر». وأكد السراج أن «بعض المؤسسات العراقية ومنها وزارة حقوق الإنسان بدأت تحركا باتجاه المنظمات الدولية باعتبار أن ما يتعرض له الشعب العراقي يدخل في إطار حرب الإبادة الجماعية، وأنه طبقا للقوانين المعمول بها فإن الدول التي تتعرض للإبادة الجماعية من حقها إعلان حالة الطوارئ».

وأوضح السراج أنه «في ظل الرفض المتوقع حاليا لإمكانية فرض حالة الطوارئ في البلاد من قبل مختلف القوى السياسية والتي تطالب القوات الأمنية بأن توفر أقصى درجات الحماية وتلومها باستمرار وتطالب بمحاسبتها فإن القوات الأمنية والعسكرية لجأت إلى الخيار المتاح أمامها وهو الدخول في أقصى حالات الإنذار وهو إنذار (ج) الذي قد يكون بديلا مؤقتا لحالة الطوارئ لكي تتمكن من تأدية مهامها في ضوء ما باتت تواجهه من حرب شاملة من قبل الإرهاب»، مؤكدا أن «العمليات الإرهابية باتت بلا هوادة وتحتاج إلى صيغ استثنائية لمواجهتها، علما بأننا بحاجة تامة إلى إعلان حالة الطوارئ باعتبار أنها تنسجم مع واقع الحال».

وأوضح مصدر قانوني عراقي أن «إعلان حالة الطوارئ من شأنه أن يعطل البرلمان والعمل بالدستور العراقي». وأشار المصدر القانوني الذي فضل عدم نشر اسمه إلى أن «إعلان حالة الطوارئ يمنح المالكي كل التبريرات للبقاء في منصبه رئيسا للوزراء وقائدا عاما للقوات المسلحة من دون الحاجة لإجراء الانتخابات».

وفي وقت اعتبرت فيه كتلة التحالف الكردستاني في البرلمان العراقي أن «الظرف الراهن لا يستدعي إعلان حالة الطوارئ»، فإن القائمة العراقية أكدت أن «البلاد هي الآن ومنذ عام 2006 في حالة طوارئ». وقال عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية مظهر الجنابي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «العراق لمن لا يعلم هو في حالة طوارئ منذ عام 2003 بموجب المادة 61 من الدستور، وإننا ناشدنا ونناشد الآن ليس لإعلان حالة الطوارئ التي تتمنى الحكومة وجهات قريبة منها إعلانها بل رفع حالة الطوارئ المفروضة على البلاد والعباد». وتساءل الجنابي قائلا إنه «إذا كانت كل القوات العسكرية والأمنية والتي يبلغ تعدادها أكثر من مليون ومائتي ألف تستخدم في العمليات العسكرية والأمنية ولم يستثن منها أحد، فهل يريدون استيراد جيوش من دول أخرى ليعلنوا بواسطتها حالة الطوارئ؟». وأشار إلى أنه «لو لم تكن حالة الطوارئ معلنة في البلاد بشكل أو بآخر فبأي حق يجري اعتقال 800 مواطن من مناطق حزام بغداد من دون أوامر قبض؟.. وتحت أي بند قانوني تتم محاصرة منطقة جرف الصخر في أطراف بغداد ويعتقل 250 من أبنائها من دون أوامر قبض قضائية؟».

لكن عضو البرلمان العراقي عن كتلة التحالف الكردستاني وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية حسن جهاد أكد في تصريح مماثل لـ«الشرق الأوسط» أن «الإعلان عن حالة الطوارئ يمكن أن يدخلنا في سيناريو أسوأ مما نحن عليه، وهو أن الأجهزة الأمنية لم تعد قادرة على حماية الناس لأنها تستنفر أصلا كل طاقاتها في مواجهة العمليات الإرهابية». وأضاف جهاد «إننا نتمنى ألا نصل إلى هذا الوضع، فمع كل ما هو موجود من تفجيرات وضحايا فضلا عن وجود اعتراضات على تحركات الجيش وغيرها فإن الوضع مسيطر عليه إلى حد كبير، وإننا نحاول قدر الإمكان التعامل مع ما يجري بالأساليب الموجودة دون الحاجة إلى إدخال البلاد في وضع يمكن أن يجري تفسيره بطرق مختلفة».

يذكر أن وزارة حقوق الإنسان العراقية اعتبرت في بيان لها أن «الأوضاع في العراق هي بمثابة حرب إبادة جماعية ضد العراقيين». وقالت الوزارة في بيان لها «إننا إذ نستنكر تلك الجرائم، فإننا نؤكد رفضنا القاطع بشمول القتلة والإرهابيين بقانون العفو العام خاصة من تلطخت أيديهم بدماء الأبرياء وذلك من أجل إحقاق الحق والقصاص العادل من الجناة، ولكي نضمن عدم عودة هؤلاء القتلة الإرهابيين إلى صفوف المجتمع العراقي، لأن فكرة العفو عن الإرهابيين والقتلة هي انعكاس سلبي وبمثابة رسالة تهاون وضعف من قبل الدولة، لما يمكن أن يشكله هؤلاء الإرهابيون من مجاميع جديدة يمكن أن تستهدف الأبرياء من جديد وتهدد أمن واستقرار البلد، فضلا عن أن عملية العفو العام هي إهدار لدماء الشهداء الذين طالتهم أذرع الغدر والعنف والإرهاب، وهي تناقض توجهات الدولة والوزارة في إيصال رسالة الشموخ والقوة والتحدي ضد الإرهاب إلى كل الدول وإلى المجتمع الدولي».