تواصل الجدل في تونس حول تشكيلة الحكومة المقبلة.. وقيادي في المعارضة يدعو «لعصيان مدني سلمي»

رئيس المجلس الوطني لـ«التكتل» يؤكد لـ «الشرق الأوسط» أن استئناف البرلمان لأنشطته غدًا أمر صعب

TT

يتواصل الجدل في تونس حول تركيبة الحكومة المقبلة التي تطالب المعارضة بأن تحل الحكومة وتشكل من جديد كليا، كما أثار هذا الأمر أيضا خلافات داخل «النهضة» برزت خاصة مع تضارب موقف زعيم الحركة راشد الغنوشي الذي يرى أن تركيبة الحكومة يجب أن تكون سياسية وأن تحتوي على أطراف من كل الأحزاب، والأمين العام للنهضة ورئيس الحكومة السابق حمادي الجبالي الذي يرى أن متطلبات المرحلة والحل للأزمة السياسية في تونس في الوقت الراهن هو تشكيل حكومة «تكنوقراط» أو كفاءات بعيدين عن الأحزاب.

من جهتها قالت مصادر مقربة من حركة النهضة التونسية (الحزب الحاكم بالأغلبية) لـ«الشرق الأوسط» إن التأخير الحاصل بشأن الاتفاق حول شكل الحكومة المقبلة (حكومة إنقاذ أم حكومة كفاءات أم حكومة وحدة وطنية) قد يدفع برئيس الحكومة علي العريض إلى إعلان تحوير جزئي لتركيبة الحكومة.

وأشارت إلى إمكانية الاستغناء عن بعض الوزراء ممن اتهموا بالفشل، إضافة إلى تقليص عدد الوزارات وكتابات الدولة، وذلك بدمج بعض الوزارات والاعتماد على وجوه سياسية جديدة في إدارة بقية المرحلة الانتقالية. وخمنت المصادر نفسها أن يكون هذا التحوير بمثابة العملية الاستباقية لمطلب المعارضة بتشكيل حكومة إنقاذ لا يتجاوز عدد أعضائها العشرين وزيرا.

في غضون ذلك، دعا الطاهر بن حسين القيادي في حركة نداء تونس وصاحب قناة «الحوار» التلفزية التونسيين إلى الامتناع بداية من يوم الغد عن دفع الضرائب وخلاص فواتير الماء والكهرباء والهاتف ومعلوم النقل العمومي في إطار ما سماه «العصيان المدني السلمي لإسقاط الحكومة». واتهم بن حسين حركة النهضة بالاستيلاء على السلطة واغتصابها وقال «إن الحكومة الحالية قد انتهت شرعيتها وإنها ستسقط طوعا أو عنوة» كما عبر عن ذلك عبر القناة التلفزية التي يديرها.

من جهته استبعد وهبي جمعة رئيس المجلس الوطني لحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات إمكانية استئناف المجلس التأسيسي (البرلمان) أشغاله بداية من يوم غد الاثنين، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» لا يمكن في ظل هذه الظروف السياسية أن تفتح أبواب المجلس أمام قسم من النواب مع تواصل غياب أكثر من 60 برلمانيا من المعارضة، واستدرك ليؤكد أنه «ليس من صالح أحد من التونسيين مواصلة تعطيل أشغال البرلمان».

ويدعم وهبي وجهة نظر مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي ورئيس حزب التكتل الرافض لإنهاء قرار تعليق أشغال المجلس. وكانت مجموعة من الكتل البرلمانية تتقدمهم حركة النهضة قد اجتمعت أول من أمس وتقدمت بطلب رسمي إلى بن جعفر لاستئناف أنشطة البرلمان بداية من يوم الغد.

ودعا وهبي في تصريحه كل الأطراف السياسية إلى تغليب المصلحة الوطنية والبحث عن نقطة التقاء قال إنها «لا تزال بعيدة المنال»، ورجح لكل هذه الأسباب أن يتواصل تعليق أنشطة المجلس التأسيسي (البرلمان) لمدة أسبوع آخر على الأقل بغية إيجاد أرضية صلبة للحوار بين الفرقاء السياسيين.

وفي تشخيصه للواقع السياسي الحالي، أشار وهبي إلى وجود تقابل وتناقض في رؤية الحكومة والمعارضة، وقال إن حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات يسعى من خلال مبادرة أعدها وسيعرضها على دورة استثنائية لمجلسه الوطني اليوم، إلى إحلال «صوت العقل بدل أصوات الاتهامات المتبادلة»، على حد تعبيره.

وبشأن ما يمكن أن يتمخض عن مجلس شورى حركة النهضة شريك التكتل الديمقراطي في الحكم، قال وهبي جمعة إن المسألة ستتوقف على التشاور وإن كل طرف في الائتلاف الثلاثي الحاكم سيسعى إلى طرح مواقفه ومواقف بقية الشركاء السياسيين بشأن الأزمة السياسية. وتوقع ألا يقع حسم كل الملفات في اجتماعات نهاية الأسبوع وألا تصدر مواقف حاسمة حول نقاط الخلاف بين الأطراف السياسية. وأضاف أن مثل تلك المشاورات قد تخلق مناخا جديدا من الثقة بين الفرقاء السياسيين وهو ما تحتاجه الساحة السياسية، على حد تعبيره.

وتطرق وهبي إلى ما هو مطلوب من المجلس التأسيسي (البرلمان) خلال الفترة المقبلة، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن إنهاء كتابة الدستور وانتخاب العضوين المتبقيين من أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات - من بين المسائل الملحة التي لا يمكن أن تنتظر أكثر حتى تتمكن الساحة السياسية من تحقيق انفراج والعودة إلى الوضع الطبيعي بين الحكومة والمعارضة.

وأشار كذلك إلى صعوبة تسيير الفترة الانتقالية المتبقية، ونصح الشركاء السياسيين بالابتعاد عن منطق التجييش والدعوة إلى العصيان المدني، وقال: «إنها دعوات لا تنفع عموم التونسيين»، على حد تعبيره. وأضاف أن الشارع التونسي سئم الخلافات السياسية، وعلى الجميع أن يسارعوا إلى إنهاء المرحلة الانتقالية التي طالت أكثر من اللزوم، على حد تعبيره.