أطفال تجارة السيارات المفخخة.. ضحايا الإرهاب وسوق العمل معا

هيئة رعاية الطفولة: هناك قوانين كثيرة لصالحهم.. لكنها حبر على ورق

أطفال وفتيان عراقيون يفككون أجزاء سيارات انفجرت قبل يومين ببغداد لغرض بيعها (أ.ب)
TT

الأطفال دائما هم الضحايا الأزليون في العراق.. لا تجارة رابحة إلا بهم، بدءا من بيعهم في أسواق النخاسة أو زجهم في سوق العمل قبل البلوغ. ولا مزايدات سياسية أو انتخابية إلا بهم من خلال ما يرفعه المسؤولون من شعارات ولافتات لإنصاف من فقد منهم أباه أو أمه نتيجة للعمليات الإرهابية التي لا تزال تفتك بالعراقيين طوال السنوات العشر الماضية. بعضهم كبر قبل الأوان وتحول من طفل يراد له أن يلهو بالألعاب التي تستفز مخيلة الأطفال وتفتح لهم آفاقا جديدة إلى تاجر من نوع غريب إلى حد كبير، يمارس تجارة لا مثيل لها إلا في بلد مثل العراق وهي تجارة السيارات المحترقة نتيجة التفجيرات.. السيارات المفخخة التي يذهب ضحيتها عشرات الأطفال، سواء من خلال فقدانهم آباءهم أو أمهاتهم، مما يؤدي بهم إلى المجهول أو يكونون هم ضحايا مباشرين. غير أن من يتبقى منهم على قيد الحياة ولم يجد معيلا له وجد في بيع الأجزاء السليمة من السيارات المحترقة تجارة رابحة، لأن غالبية السيارات التي تحترق بفعل الانفجارات القريبة منها سيارات حديثة وأن الكثير من أجزائها صالحة للاستعمال بل وجديدة، فما إن يتم إطفاء حرائق السيارات حتى يتجمهر عدد من الأطفال والفتية المتخصصين بفك أجزاء السيارة، كل حسب تخصصه، سواء في محرك السيارة أو أجزائها الأخرى، وخلال أقل من ساعة يكونون قد انتهوا منها ليحملوا هذه الأجزاء إلى تجار السكراب (الخردة)، حيث تباع هناك بأسعار ليست زهيدة كونها قطع غيار أصلية، ثم إن غالبية قطع غيار السيارات مفقودة من السوق.

هيئة رعاية الطفولة في العراق، ومن خلال مديرة مكتبها الدكتورة عبير الجلبي، أعربت عن أسفها لوصول الحال بأطفال العراق إلى هذا المستوى. الجلبي قالت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم أن هيئة رعاية الطفولة في العراق تضم 12 وزارة ويرأسها وزير العمل والشؤون الاجتماعية وبإشراف مباشر من قبل رئيس الوزراء، فإن المشكلة التي تعانيها هي أنها لا تزال بلا ميزانية، الأمر الذي يجعل مديات عملها قصيرة». وأضافت الجلبي أن «المشكلة التي نعانيها في العراق هي أن هناك كلاما كثيرا حول الأطفال بالعراق، لكن لا يوجد اهتمام»، مشيرة إلى أن «هناك قوانين ممتازة في العراق لصالح الأطفال، لكنها حبر على ورق». وبشأن الممارسات التي يقوم بها الأطفال، بما في ذلك بيع الأدوات الاحتياطية للسيارات المحترقة، قالت الجلبي إن «هذه الممارسات وغيرها مرفوضة، لأن الطفل يجب أن يتمتع بطفولته، ولكن ما باليد حيلة، حيث إن الإمكانات أقل بكثير من واقع الحال»، مؤكدة أن «هناك مشروعا يجري تنفيذه مع منظمة (اليونيسيف) من أجل وضع حد للكثير من الممارسات الضارة بحق الأطفال يمكن أن يكون له دور في الحد من ما يرتكب بحق الأطفال وباسمهم». ودعت الجلبي مجلس شورى الدولة إلى «الانتهاء من مشروع القانون الذي تقدمت به الهيئة لإنصاف الطفل، وذلك من أجل أن يرفع إلى مجلس الوزراء والبرلمان لإقراره بما في ذلك تحديد ميزانية للهيئة لكي تتمكن من أداء عملها بشكل صحيح».