البرادعي يغادر إلى النمسا للاستجمام والتفكير في مستقبله السياسي بمصر

مقربون منه قالوا إن وظيفته كنائب للرئيس كانت دبلوماسية أكثر منها سياسية

TT

تاركا وراءه حالة من الفوضى والاستقطاب السياسي والمستقبل الغامض للبلاد، غادر الدكتور محمد البرادعي، النائب السابق للرئيس المصري، القاهرة أمس متوجها إلى العاصمة النمساوية فيينا، في أول زيارة خارجية له منذ استقالته من منصبه الأسبوع الماضي احتجاجا على فض القوات الأمنية المصرية اعتصامي جماعة الإخوان المسلمين من ساحتي «رابعة العدوية» في القاهرة و«نهضة مصر» في الجيزة.

وكشف مقربون من الرجل الحائز على جائزة نوبل للسلام عن أنه لعب دورا دبلوماسيا أكثر منه سياسيا خلال مرحلة التفاوض مع أطراف دولية وإقليمية ومحلية لفض اعتصامي الإخوان بالتدريج ودون اللجوء إلى العنف، مشيرة إلى أن سفره إلى النمسا «للاستجمام، والتفكير في مستقبله السياسي بمصر».

ووفقا لمصادر دبلوماسية غربية في القاهرة كان البرادعي بمثابة «حلقة وصل مهمة» بين محاولات الغرب لنزع فتيل الأزمة في البلاد، بين كل من السلطة والإخوان، وتجنب انزلاق البلاد إلى «موجة مفتوحة من العنف»، مشيرة إلى أن خروج البرادعي من موقعه يعبر عن وصول جميع المحاولات لحل المشكلة بين الحكومة وجماعة الإخوان إلى طريق مسدود، بعد نحو ثلاثة أسابيع من المشاورات المكثفة التي شاركت فيها أطراف أميركية وأوروبية وعربية.

وقالت مصادر مقربة من البرادعي أمس إنه وصل بالفعل إلى فيينا على متن طائرة تابعة لشركة «مصر للطيران»، وإنه سيقيم في منزله في النمسا مع عدد من أفراد أسرته، حتى أواخر الشهر الحالي، لـ«التفكير في الدور الذي يمكن أن يلعبه في الحياة السياسية المصرية في الفترة المقبلة»، على الرغم من أن استقالته من منصبه أصابت أنصار التيارات الليبرالية واليسارية المعارضة للإخوان بصدمة، بعد أن كانت تراهن عليه في المرحلة الجديدة بمصر.

وشغل البرادعي في السابق موقع الأمين العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، ثم انخرط بعد تقاعده في صفوف المعارضة المصرية بداية من عام 2010، ضد حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك، وتعاون مع جماعة الإخوان في العمل السياسي ضد مبارك إلى أن سقط نظام حكمه في مطلع عام 2011. وعاد إلى صفوف المعارضة مرة أخرى بعد أن أعطى الرئيس السابق محمد مرسي صلاحيات واسعة لنفسه، ضمن إعلان دستوري أواخر العام الماضي، عقب انتخابه رئيسا للبلاد، وقاد جبهة الإنقاذ المعارضة التي ضمت نحو 12 حزبا وحركات ثورية وائتلافات شبابية.

وظهر البرادعي مع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع، وزعماء مؤسستي الأزهر والكنيسة، أثناء تلاوة السيسي لبيان تضمن خارطة طريق للمستقبل، عزل به مرسي، وعين بدلا منه رئيس المحكمة الدستورية العليا ليكون رئيسا مؤقتا لمصر. كما جرى اختيار البرادعي نائبا لرئيس الدولة للعلاقات الخارجية، في خطوة اعتبرها المراقبون «اختيارا موفقا» يمكن أن يخفف من حدة الانتقادات الدولية لعزل مرسي، خصوصا بعد ترويج جماعة الإخوان للمجتمع الدولي مقولة أن ما حدث في مصر يعتبر «انقلابا عسكريا على الرئيس المنتخب».

وقالت المصادر إن آخر المهام التي قام بها البرادعي في منصبه كنائب للرئيس، قبل أن يستقيل من منصبه الأسبوع الماضي، مشاركته في اجتماع لكبار القادة المصريين بشأن طريقة التعامل مع اعتصامي ساحتي «رابعة العدوية» و«نهضة مصر»، مشيرة إلى أن البرادعي كان منحازا إلى «الخطة أ» التي كانت تتضمن الفض المتدرج للاعتصامين من خلال فرض حصار على آلاف المعتصمين يستمر عدة أسابيع، بالتزامن مع الاستمرار في فتح قنوات لمحادثات بين الحكام الجدد وقيادات الإخوان، وأن اللجوء إلى «الخطة ب» الخاصة بفض الاعتصامين بالقوة يكون الخيار الأخير، «لكن البرادعي فوجئ بأن السلطات الأمنية لجأت إلى الخطة الثانية مباشرة»، وفقا للمصادر نفسها.

وجاء في استقالة البرادعي التي قدمها للرئيس المصري المؤقت عدلي منصور: «لا أستطيع تحمل مسؤولية قطرة واحدة من الدماء أمام الله ثم أمام ضميري ومواطني، خصوصا مع إيماني بأنه كان يمكن تجنب إراقتها».