استقالة ثاني وزير للداخلية في الحكومة الليبية بسبب «التدخلات»

احتدام الصراع بين الإسلاميين والليبراليين.. وبرلماني: حكومة زيدان تترنح

TT

في تصعيد جديد من جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا ضد الحكومة الانتقالية التي يترأسها الدكتور على زيدان، استقال أمس بشكل مفاجىء محمد خليفة الشيخ وزير الداخلية المحسوب على الجماعة، من منصبه، خلال جلسة عقدها المؤتمر الوطنى العام (البرلمان) الذى استأنف عقد جلساته بمقره الرئيس في العاصمة الليبية طرابلس. وتاتي استقالة الوزير بعد تدهور أمني وهجوم شهدته السفارة المصرية في بنغازي.

وقالت مصادر في الحكومة الليبية لـ«الشرق الأوسط» إن رئيسها الدكتور علي زيدان قبل على الفور استقالة الشيخ، وكلف نائبه الدكتور الصديق عبد الكريم بمهام وزارة الداخلية إلى حين تعيين وزير داخلية جديد. وتقدم الشيخ باستقالته إلى زيدان الذي قام باطلاع أعضاء المؤتمر الوطني عليها خلال الجلسة الصباحية التي عقدها المؤتمر أمس لمناقشة الوضع الأمني في البلاد.

وأعرب الشيخ أمس عن أسفه لأنه لم يتمكن من القيام بالإصلاحات الضرورية، في حين تواجه البلاد حالة من الفوضى الأمنية، وفق ما أفاد ناطق باسم الوزارة. لوكالة الصحافة الفرنسية. وقال رامي كعال إن «الشيخ قدم رسالة استقالة إلى المؤتمر الوطني العام (أعلى هيئة سياسية في البلاد) وإلى رئيس الوزراء». وقال نائب كان حاضرا في البرلمان حين تلاوة رسالة الاستقالة: الشيخ قال إنه يأسف «لقلة الدعم من رئيس الوزراء» علي زيدان. وأضاف عبد الله القماطي أن الوزير المستقيل «اشتكى من جهة أخرى لأنه لم يحصل على الدعم المالي والمعنوي من أجل تطبيق برنامج الإصلاحات وأعرب عن الأسف لأنه لم يحصل على الصلاحيات التي تخوله تنفيذ سياساته». وأضاف النائب أنه «تحدث أيضا عن ضغوط من أعضاء في المجلس ومسؤولين أقالهم من مهامهم ورفضوا التنحي عن مناصبهم».  وقال الشريف الوافي عضو المؤتمر لـ«الشرق الأوسط»: إن الشيخ قدم استقالته احتجاجا على ما وصفه بالتدخل في عمله من جانب الحكومة والبرلمان، لافتا إلى أن الشيخ لم يكن على تفاهم مع زيدان ولم يكن له تفويض كاف لتنفيذ مهام عمله. وتابع أن الشيخ شكا أيضا من تدخل بعض أعضاء المؤتمر الوطني العام في عمله.

وعمل محمد خليفة الشيخ المحسوب على قدامى الثوار الذين حاربوا نظام معمر القذافي، في مركز أبحاث وإحصائيات في مجال الأمن ودرس في أكاديمية العلوم الأمنية من 1997 إلى 2003. وعين في نهاية مايو (أيار) خلفا لعاشور شوال الذي اضطر إلى الاستقالة إثر المصادقة على قانون يقصي من الساحة السياسية قدماء المتعاونين من نظام القذافي. ويعتبر الشيخ هو ثاني وزير ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين يتقدم باستقالته من حكومة زيدان مؤخرا، حيث استقال عوض البرعصي وزير الكهرباء ونائب زيدان من منصبه الأسبوع الماضي.

وأوضح في تصريحات له أمس أن عددا من أعضاء المؤتمر الوطنى يضغطون عليه لتعيين شخصيات أمنية من أقاربهم. ولاحظ أعضاء في المؤتمر الوطني لـ«الشرق الأوسط» أن استقالة الشيخ تأتي وسط ما وصفوه بأجواء من الجدل السياسي بين الإخوان المسلمين ومعارضيهم حول الموقف من التطورات الراهنة في مصر، على نحو يجعل حكومة زيدان المشكلة من ائتلاف حزبي يشارك فيه الإسلاميون والليبراليون، تقف على حافة الانهيار على حد تعبيرهم. وقال عضو في المؤتمر الوطني لـ«الشرق الأوسط» مشترطا عدم تعريفه: «الخلاف حول توصيف المشهد السياسي في مصر ينعكس سلبا على حكومة زيدان.. والإخوان المسلمون يضغطون عليه لاتخاذ مواقف أكتر تشددا لصالح الإخوان في مصر». وأضاف: «الحكومة بالفعل تترنح وقد تسقط في أي وقت. ثمة مطالب كثيرة في الشارع وداخل المؤتمر الوطني بالتعجيل بإطلاق رصاصة الرحمة على حكومة زيدان».

لكن مسؤولا في مكتب زيدان قال في المقابل إنه باق في منصبه ولا يعتزم الاستقالة من منصبه وإن الحكومة قادرة على مواصلة عملها والقيام بمسؤوليتها الوطنية رغم المصاعب الداخلية التي تمر بها.

وتأتى استقالة الشيخ بعد يوم واحد من تعرض مقر القنصلية المصرية في مدينة بنغازي ثاني كبريات المدن الليبية لهجوم بقنبلة محلية الصنع لكنه لم يسفر عن سقوط أي ضحايا. ونفت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تنظيمها لأي وقفة احتجاجية أمام القنصلية المصرية في بنغازي بشأن الأحداث الجارية في مصر.  وقال مكتب الوزارة في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية إنه لم ينظم أو يدع أو يشرف بأي شكل من الأشكال على أي مظاهرة أو وقفة احتجاجية، مؤكدا أن أي خطيب أو إمام أو واعظ أو منتسب للوزارة عندما يتحدث في المحافل العامة إنما يتحدث بصفته الشخصية.

وكانت وزارة الخارجية الليبية قد أعربت عن قلقها الشديد بشأن الأحداث الجارية في مصر، وعبرت عن تضامنها مع الشعب المصري في خياراته واعتبار ما يجري فيها شأنا داخليا، لا تتدخل فيه. وقالت في بيان لها أول من أمس، إنه انطلاقاً من اهتمامها بأمن واستقرار مصر وشعبها، الذي هو من أمن واستقرار دولة ليبيا، فإنها تتمسك بعلاقات الأخوة الحقة والتعاون الإيجابي وحسن الجوار والاحترام المتبادل مع جمهورية مصر العربية الشقيقة متمنية لمصر وشعبها تحقيق استتباب الأمن والاستقرار والازدهار.

ونددت الوزارة في بيان آخر منفصل بالاعتداء على القنصلية المصرية، موضحة أنها اتصلت بالسلطات المصرية عن طريق سفارتها بطرابلس للإعراب عن أسفها، مشيرة إلى أنها تتابع مع نظيرتها الليبية التحقيق للكشف عن هوية الجناة للقبض عليهم وتقديمهم للعدالة.

على صعيد آخر، قررت الحكومة الليبية  تشكيل اللجنة الرئيسة للإشراف على التعويضات عن المنقولات خلال فترة حرب التحرير ضد نظام العقيد الراحل معمر القذافى قبل نحو عامين.

كما وافقت الحكومة على افتتاح منفذ بري جديد بين ليبيا وتونس يسمى (تيجي - مشهد صالح) وكلفت وزارة المواصلات اتخاذ الإجراءات والترتيبات اللازمة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة لافتتاح هذا المنفذ.

في غضون ذلك، أكد مصدر مسؤول بالمجلس المحلي بالزنتان أنه تم التوصل إلى اتفاق مع أهالي منطقة الرياينة الغربية بعودتهم إلى مدينتهم عدا من قام بأعمال عدائية ضد ثورة السابع عشر من فبراير (شباط). وأعلن محمد الوكواك رئيس المجلس أن سرية قد تم تكليفها بمتابعة تنفيذ الاتفاق ومنع أية خروقات بعد نجاح الوساطة القبلية في الإفراج عن 14 شخصا من قبيلة المشاشية تم إيقافهم إثر الأحداث التي جرت بين قبيلتي الزنتان والمشاشية في يونيو (حزيران) الماضي.