إسرائيل تضرب موقعا سوريا في الجولان.. وتتخوف من 10 آلاف جهادي

المعارضة والنظام يتقاسمان النفوذ في المناطق المحاذية للهضبة

TT

تتزايد مخاوف إسرائيل من احتمال تدهور الأوضاع الأمنية في هضبة الجولان التي تحتلها منذ عام 1967، خصوصا وأن قواعد اللعبة التي حكمت العلاقة مع الجانب السوري الرسمي قد تغيرت بعد اندلاع الأزمة السورية، مع انتشار مجموعات مسلحة تابعة للمعارضة السورية في مناطق تمتد على طول الخط الفاصل بين الطرفين، ما جعل الجبهة الساكنة منذ 40 عاما تهتز على وقع صراع بين قوات الرئيس السوري بشار الأسد ومعارضيه، لتتلقى إسرائيل ارتداداتها.

وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد أعلن عن سقوط قذائف هاون في هضبة الجولان من الجانب السوري، وقال المتحدث، مساء أول من أمس، إن «ثلاث قذائف هاون سورية سقطت على الجانب الإسرائيلي من خط فك الاشتباك بين الطرفين، فقام الجنود الإسرائيليون بتوجبه ضربة محددة، استهدفت مصدر إطلاق النار وتأكدت إصابة هدف».

وفي حين لفتت الإذاعة العسكرية الإسرائيلية إلى أن القصف الإسرائيلي دمر قاعدة عسكرية سورية في الهضبة المحتلة، قال مصدر في وزارة الدفاع الإسرائيلية إن الرد الإسرائيلي يأتي بعد أن تقدمت إسرائيل بشكوى إلى قوة الأمم المتحدة المنتشرة في الجولان، والتي تقوم بالإشراف على الالتزام باتفاقية فك الاشتباك الموقعة بين البلدين عام 1974.

ولا تعتبر حادثة سقوط قذائف الهاون على الجانب الإسرائيلي الأولى منذ بدء الصراع السوري ففي 2 مارس (آذار) من العام الحالي سقطت قذائف أطلقت من الجانب السوري على القسم الذي تحتله إسرائيل من الجولان من دون وقوع ضحايا أو إصابات. وفي أواخر الشهر ذاته، أعلن الجيش الإسرائيلي أن أعيرة نارية مصدرها الأراضي السورية أصابت عربات عسكرية في هضبة الجولان من دون أن تحدث جرحى. كذلك سقطت قذيفتا هاون في الجانب الإسرائيلي من الهضبة في منتصف شهر مايو (أيار) الماضي، ما تسبب بوقوع انفجارين.

وتبني إسرائيل ساترا أمنيا على طول خط التماس في الهضبة التي تحتلها منذ عام 1967. ولا يزال هناك 510 كيلومترات مربعة من الجولان خاضعة للسيادة السورية. وفي حين يعزو المسؤولون الإسرائيليون تواتر سقوط القذائف إلى «أخطاء تصويب» بسبب قرب منطقة المعارك بين القوات النظامية والمقاتلين المعارضين، تبدي الكثير من التقارير الصحافية الإسرائيلية تخوفها من تطور الأوضاع الأمنية هناك، لا سيما بعد إقدام مقاتلين من المعارضة السورية على مهاجمة موقع عسكري إسرائيلي مهجور في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل في هضبة الجولان، حيث أطلقوا النار باتجاه قوة إسرائيلية قبل أن ينسحبا إلى الأراضي السورية.

كما تمكنت عناصر المعارضة من السيطرة على معبر «القنيطرة» وهو الوحيد بين جانبي خط فض الاشتباك بين سوريا وإسرائيل الذي تحدد عام 1974، قبل أن تتمكن القوات النظامية من استعادته. ويقول معارضون إن ذلك تم بعد أن طلبت دمشق من تل أبيب السماح لها بدخول دباباتها المنطقة العازلة والالتفاف على مقاتلي المعارضة، مقابل إدخال إسرائيل عددا مماثلا من الدبابات، ما سمح لقوات النظام السوري باستعادة سيطرته على المعبر. وكان العميد في الجيش الإسرائيلي، تامير هايمن القائد العسكري للفرقة 36 المتمركزة في هضبة الجولان المحتلة قد أشار إلى أن المعارضة السورية نجحت منذ صيف 2012 في السيطرة على جزء كبير من المنطقة الفاصلة، المحاذية للحدود مع إسرائيل وأقامت ثلاثة جيوب آخذة في الاتساع».

وتتوزع خريطة السيطرة في المنطقة المحاذية لهضبة الجولان المحتلة بين القوات النظامية وكتائب «الجيش السوري الحر» حيث يسيطر النظام على قلب مدينة القنيطرة والبلدات المجاورة، كخان أرنبة ومدينة البعث والجبة وأم باطنة وسعسع، بالإضافة إلى الطريق الممتد من دمشق إلى القنيطرة، والذي يمر بمطار المزة العسكري. في حين يحكم مقاتلو «الحر» سيطرتهم على عدة قرى، من بينها جباتا الخشب وبيت جن وبئر عجم والرفيد، وكلها محاذية للشريط الحدودي. وقد سببت الاشتباكات في هذه المناطق موجات نزوح، حيث غادر معظم سكان تلك القرى باتجاه مناطق أكثر أمنا ما سهل حركة المعارضين الذين نجحوا في توحيد صفوفهم تحت قيادة المجلس العسكري في القنيطرة الأمر الذي جعل عملياتهم أكثر تنظيما، إلا أنهم يفتقرون للسلاح المتوسط والثقيل، ولا يعتمدون سوى على الأسلحة الخفيفة كالبنادق والرشاشات. في حين ترى تقارير إسرائيلية أن عدد الجهاديين الإسلاميين الموجودين في المنطقة قد ارتفع من 300 مقاتل إلى 10 آلاف، معتبرة أن غاية هؤلاء إسقاط نظام الأسد، وإنشاء حكم يستند إلى الشريعة الإسلامية في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم. وإذ يؤكد عدد من المحللين الإسرائيلية أن بلدهم ليست أولوية بالنسبة لهذه التنظيمات الجاهدية يشيرون من الوقت عينه إلى أن «ذلك قد يتغير في أي لحظة».