استمرار الجدل في موريتانيا حول الانتخابات التشريعية والبلدية

رئيس البرلمان يعلن استجابة الرئيس لمطالبه إزاء الاقتراع.. ويدعو المعارضة للمشاركة فيه

TT

تتواصل حالة المد والجزر بين أطراف الطبقة السياسية في موريتانيا، بشأن موعد الانتخابات التشريعية والبلدية والتحضير الذي يسبقها، حيث قررت الحكومة تنظيمها يوم 12 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، فيما أعلنت أحزاب منسقية المعارضة مقاطعتها احتجاجا على ما قالت إنه سوء التحضير، واصفة إياها بـ«الانتخابات الأحادية»، غير أن كتلة المعاهدة من أجل التناوب السلمي المعارضة، التي سبق أن شاركت في حوار مع النظام، تقف على مسافة واحدة من النظام والمعارضة الراديكالية، وتدعو إلى خلق ظروف ملائمة لمشاركة الجميع في انتخابات توافقية. وسبق أن تقدم مسعود ولد بلخير، رئيس البرلمان الموريتاني ورئيس حزب التحالف الشعبي التقدمي، أكبر أحزاب كتلة المعاهدة، العام الماضي بمبادرة سياسية للخروج من الأزمة السياسية وحالة الاستقطاب التي تشهدها موريتانيا منذ عدة أعوام؛ ركزت في مجملها على مشاركة جميع الأطراف السياسية في انتخابات «توافقية»، وتشكيل «حكومة وحدة وطنية» مهمتها الإشراف على الانتخابات المقبلة.

في هذه الأثناء اجتمع ولد بلخير أول من أمس بتجمع داعمي مبادرته، وهو تجمع يضم أحزابا سياسية وهيئات من المجتمع المدني وشخصيات مستقلة، حيث أكد لهم أنه طلب من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عدة أمور، على رأسها: «تأجيل الانتخابات التشريعية والبلدية، تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتدقيق في عمل وكالة تقييد السكان وإعداد الحالة المدنية، إنشاء مرصد للانتخابات يضم الأحزاب السياسية والمجتمع المدني، توسيع اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، وأخيرا دعوة كافة الأطراف السياسية للمشاركة في الانتخابات».

وأضاف ولد بلخير أن الرئيس الموريتاني استجاب لجميع مطالبه السابقة، مشيرا إلى أنه رفض تشكيل حكومة وحدة وطنية، معتبرا أن لديه بدائل عن هذه الحكومة، وذلك في إشارة إلى المرصد الانتخابي ولجنة برلمانية مكلفة التدقيق في عمل وكالة الإحصاء.

وفي هذا السياق، دعا ولد بلخير أحزاب المعارضة الراديكالية إلى تقديم تنازلات من أجل المشاركة في الانتخابات التي لمح إلى إمكانية تأجيلها حتى يناير (كانون الثاني) 2014.

وكان الرئيس ولد عبد العزيز قد أعلن الأسبوع الماضي أن الانتخابات المقررة 12 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل لا يمكن تأجيلها لأكثر من أسبوعين أو ثلاثة، مؤكدا أنها ستنظم قبل نهاية العام الجاري، مبررا ذلك بأن العام المقبل سيشهد تنظيم الانتخابات الرئاسية.

على صعيد آخر، أكد حزب التحالف الشعبي التقدمي، الذي يرأسه مسعود ولد بلخير، «تقييمه الإيجابي» لتصريحات الرئيس الموريتاني الأخيرة بخصوص الانتخابات المقبلة، قبل أن يشير الحزب إلى «ضرورة التوافق وتقديم تنازلات متبادلة، بوصفها أنجع السبل لتجنب كافة المنزلقات، وتنظيم انتخابات هادئة ذات مصداقية، يشارك فيها الجميع، وتوفر قدرا مقبولا من الحرية والشفافية تمثل أفضل حكم بالنسبة لكافة الفاعلين السياسيين والمجتمع المدني والناخبين».

واعتبر الحزب في بيان صدر أمس في نواكشوط، أن قبول الرئيس الموريتاني بعدد من الإجراءات ضمنها تشكيل لجنة تحقيق برلمانية للتدقيق في عمل وكالة الإحصاء، وإنشاء مرصد انتخابي، إضافة إلى توسيع اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات «بعيد من أن يرقى إلى أفضل ما كنا نطمح إليه، إلا أنه يشكل أساسا كافيا لتشجيع مشاركة واسعة في الانتخابات المقبلة».

ووجه حزب التحالف الشعبي التقدمي دعوة لمنسقية المعارضة، التي قررت مقاطعة الانتخابات، إلى المشاركة فيها وإخراج البلد من أزمته.

بدورها، اعتبرت منسقية المعارضة الديمقراطية التي تضم 11 حزبا سياسيا أعلنت بالإجماع مقاطعتها للانتخابات التشريعية والبلدية، أن الرئيس الموريتاني وقع في «تناقضات لافتة» في تصريحات الأسبوع الماضي حين تحدث عن الانتخابات، مشيرة إلى قوله: «لا علاقة للحكومة بالانتخابات ولا بتحديد مواعيدها، ولم نعلم بها إلا عبر الإذاعة. إنه شأن يعني اللجنة المستقلة للانتخابات»، قبل أن تنقل قول الرئيس: «نحن مستعدون في نفس الوقت لتأجيل الانتخابات أسبوعين أو ثلاثة فقط». وتساءلت منسقية المعارضة: «هل عزيز (الرئيس الموريتاني ولد عبد العزيز) هنا يتحدث عن نفسه؟ أم باسم اللجنة المستقلة للانتخابات؟».

ووصفت منسقية المعارضة التي كانت تطالب برحيل ولد عبد العزيز عن الحكم، في بيان أصدرته أمس، تصريحات الرئيس الموريتاني بأنها «مسخرة ميزتها الشعبوية والاستخفاف بعقول الناس والبعد عن الحقيقة»، مشيرة إلى ما قالت إنه «ادعاء الرئيس أنه كان حامي الشرعية والمشروعية، وافتخر في نفس الوقت بالقيام بانقلابين عسكريين».