صحيفة بريطانية تتهم الحكومة بإجبارها على إتلاف وثائق سنودن

انتقادات للشرطة بسبب استخدامها قانون الإرهاب لاحتجاز رفيق لصحافي

TT

ردت صحيفة الـ«غارديان» البريطانية على توقيف شريك الصحافي الذي نشر وثائق سرية حول برنامج أميركي لمراقبة الاتصالات، قائلة إن الحكومة البريطانية أجبرتها على إتلاف الملفات السرية التي استندت إليها لتحقيق هذا السبق.

فقد أعلن مقال نشره مدير تحرير الصحيفة البريطانية ألان راسبريدجر أمس أنه تلقى اتصالا من «مسؤول حكومي رفيع جدا» ثم من «شخصيات غامضة في وايتهال»، الحي الذي يضم مكاتب الوزارات في لندن. وقال إن «الطلب نفسه تكرر بتسليم المواد التي وفرها سنودن أو إتلافها».

وإدوارد سنودن هو المستشار السابق لدى وكالة الأمن القومي الأميركية الذي سرب آلاف الوثائق السرية التي كشفت عن اتساع نطاق برنامجي المراقبة الأميركي والبريطاني. وكانت الـ«غارديان» المقربة من المعارضة العمالية بدأت بنشر تلك المعلومات التي أثارت إحراج وغضب واشنطن ولندن.

وقال راسبريدجر: إنه قبل شهر «تلقيت اتصالا من الحكومة (البريطانية) قال لي صاحبه: لهوتم بما فيه الكفاية. الآن نريدكم أن تعيدوا المواد إلينا». وتابع: «جرت لاحقا عدة لقاءات مع أشخاص آخرين من وايتهال» هددوا بمقاضاة الصحيفة. وأضاف أن أحدهم قال له: «آثرتم الجدل الذي تريدونه ولا حاجة لكتابة المزيد». وتابع: «عندئذ حصل أمر هو من الأكثر غرابة في تاريخ الـ(غارديان) الطويل». وقال: «راقب خبيران من وكالة الاستخبارات البريطانية إتلاف الأقراص الصلبة في أقبية الـ(غارديان)». وتابع إن «وايتهال رضيت لكن الأمر بدا كأنه مبادرة رمزية بلا جدوى» اتخذ القرار بإجرائه من طرف أشخاص «لا يفهمون شيئا في الحقبة الرقمية»، حسبما ختم بنبرة تحد. ولم تعلق الحكومة البريطانية على الفور أمس على هذه المعلومات.

وكشف راسبريدجر عن هذه الضغوط بعد يومين على توقيف زوج غليم غرينوالد الصحافي في الـ«غارديان» الذي عمل مع سنودن للكشف عن ملفات برامج المراقبة. وأوقف ديفيد ميراندا البرازيلي الجنسية الأحد في مطار هيثرو الدولي عند وصوله إلى بريطانيا للترانزيت من برلين إلى البرازيل حيث يقيم مع شريكه، بموجب المادة السابعة من قانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2000. وتم التحقيق معه طوال تسع ساعات، في عملية أثارت موجة احتجاجات عارمة من منظمات حقوق الإنسان إلى السلطات البرازيلية مرورا بالمعارضة العمالية البريطانية. ومساء الاثنين فيما كانت ردود الفعل على القضية في أوجها، دافعت شرطة سكوتلانديارد عن نفسها بحدة، وأكدت أن اللجوء في هذه الحالة بالذات إلى قانون مكافحة الإرهاب كان «مشروعا ومتوافقا مع الإجراءات المرعية» من دون تحديد أسباب توقيف الشاب.

وضمت الحكومة صوتها إلى صوت الشرطة مؤكدة أمس أن من صلاحيات الشرطة «أن تتخذ قرارا متى كان ضروريا ومناسبا استخدام السلطات» التي يمنحها قانون الإرهاب. لكن في افتتاحية أمس طلبت صحيفة «التايمز» المقربة من السلطة من الشرطة «توضيح الاستعانة» بهذا القانون في حالة ديفيد ميراندا. كما أعربت «الإندبندنت» عن «الصدمة» للجوء إلى القانون في قضية «لا علاقة لها بالإرهاب بحسب جميع الأدلة». أما الولايات المتحدة التي اتهمت سنودن اللاجئ في روسيا بالتجسس فنفت الاثنين أي ضلوع لها في توقيف ميراندا. لكنها أقرت أنها اطلعت على احتمال توقيفه.

وأوضحت الـ«غارديان» أمس أن ديفيد ميراندا «ليس صحافيا، لكنه يلعب دورا قيما عبر مساعدة شريكه في عمله الصحافي». وعند وصوله إلى ريو دي جانيرو الاثنين أكد البرازيلي الشاب أنه تعرض لمصادرة معداته الإلكترونية ومن بينها كومبيوتر وهاتف جوال ومفاتيح ذاكرة وأقراص دي في دي وألعاب فيديو في أثناء استجوابه. وأكدت الـ«غارديان» في مقالتها إن الضغوط التي تبذلها الحكومة البريطانية عليها لن تثنيها عن «الاستمرار» و«تغطية وثائق سنودن بدقة». وتابعت: «ببساطة، لن نفعل ذلك في لندن»، معتبرة أنه «في فترة قد لا تكون طويلة سيصبح مستحيلا للصحافيين الحصول على مصادر معلومات سرية».