محمود عزت.. «صقر القطبيين» في جماعة الإخوان

خبراء قالوا لـ «الشرق الأوسط» إن اختياره يوازي الدفع لمزيد من التشدد والعنف

صورة أرشيفية لمرشد الإخوان محمد بديع مع نائبه آنذاك محمود عزت في مؤتمر صحافي بالقاهرة في عام 2010 (إ.ب.أ)
TT

قال خبراء وقياديون سابقون من جماعة الإخوان المسلمين في مصر لـ«الشرق الأوسط» إنه لو صدقت التقارير التي تتحدث عن قرار للجماعة أمس بتولي الدكتور محمود عزت، منصب القائم بأعمال المرشد العام للجماعة بشكل مؤقت، بعد اعتقال المرشد الحالي الدكتور محمد بديع، فإن ذلك سيدفع الجماعة إلى مزيد من التشدد والعنف، وسيقضي على أي محاولة سلمية أو التوصل إلى تسوية سياسية للأزمة الحالية التي تعيشها البلاد، بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي عن الحكم في 3 يوليو (تموز) الماضي.

ويعد محمد بديع المرشد العام الثامن للجماعة، التي تأسست عام 1928.. فيما يصنف بعض قيادات الجماعة محمود عزت بأنه «أحد صقور التيار القطبي»، وهو يتولى منصب نائب المرشد. ويصفه البعض بأنه «مستر إكس (الرجل الغامض)»، بسبب الغموض والتشدد اللذين يتسم بهما.

ووفقا للائحة الجماعة، تنص المادة (5) على أنه في حالة حدوث موانع قهرية تحول دون مباشرة المرشد العام مهامه يحل محله نائبه الأول (خيرت الشاطر في هذه الحالة لكنه معتقل حاليا في سجن طرة)، ثم الأقدم فالأقدم من النواب ثم الأكبر فالأكبر من أعضاء مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان.

وقال الدكتور إبراهيم الزعفراني، القيادي السابق بجماعة الإخوان المسلمين، إن «بديع له أربعة نواب منهم الشاطر ورشاد بيومي وهما رهن الاعتقال حاليا، وجمعة أمين وهو يتجاوز عمره الثمانين عاما ولا يستطيع ممارسة عمله في هذا المنصب، وبالتالي فإن اختيار عزت يصبح أمرا واقعيا فرضته ظروف الجماعة».

وأوضح الزعفراني أن «عزت يعبر حاليا عن فكر (الإخوان) في هذه المرحلة وهو الشخص المناسب لها»، وأضاف: «عزت يتسم بالتشدد والقوة وصلابة الموقف.. بحيث يمشي في خطه طالما أن المعركة حاليا صفرية مع الانقلابيين (يقصد الحكام الجدد بمصر)»، وتابع: «ليس له في السياسة (أي المساومة بالتعبير المصري الدارج) إطلاقا»، على حد تعبيره.

وأكد الزعفراني أن «عزت يعد أقوى وأكثر تشددا من بديع وهو يماثل المرشد الثاني للجماعة (الهضيبي)»، منوها بأن «عزت يستطيع الآن جمع شتات تنظيم (الإخوان) بالنظر إلى قدراته التنظيمية الكبيرة».

من جانبه، اعتبر هيثم أبو خليل، القيادي الإخواني السابق، أن «اختيار عزت ليس قرار موفق، خصوصا أن الوقت حان لأن تعلن الجماعة عن مراجعات في تفكيرها وتكتيكاتها أمام الرأي العام والعالم أجمع، وأن تدفع بأحد الشباب في إجراء استثنائي، كرسالة إيجابية بأن هناك تغييرا».

وأرجع أبو خليل اختيار عزت بأن «الجماعة في الفترة السابقة بدت بلا رأس، فاختارت عزت، الذي يتمتع بطابع تنظيمي وبصرامة، ويعد أحد صقور الجماعة، وليس لديه أي نقلات نوعية أو توجهات إصلاحية.. وبالتالي هو مهم في هذه اللحظة لاحتياجات المرحلة بالنسبة لهم».

وقالت مصادر بالجماعة إن «عزت كان من أكثر الشخصيات تشددا بالجماعة ومواجهة أي دعاوى إصلاح وتغيير وأنه سبب انشقاق عدد من القيادات أبرزهم الدكتور محمد حبيب والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح».

وأضاف أبو خليل: «سرعة اتخاذ القرار لديها دلالة أخرى وهي أن الجماعة تريد إيصال رسالة للعسكر والقوى الأخرى بأن ليدهم ميكانيكية ومؤسسية وأن يتم الدفع ببديل يتم فورا وبطريقة سلسة». ويعتقد أبو خليل أن «قيادات الجماعة التاريخية سيحالون في النهاية للمعاش من جانب جيل الشباب الذي سينتفض ضدهم».

ويعد عزت من القيادات الغامضة كثيرا في الجماعة حيث إنه قليل الظهور في وسائل الإعلام. يقول عنه الدكتور كمال الهلباوي، القيادي السابق في جماعة الإخوان، إنه «يركز على قضية التنظيم ويؤمن بالعمل السري»، موضحا أن «المرشد المؤقت لـ(الإخوان) ينتمي للفكر القطبي المتشدد»، ودعاه إلى «الاعتذار للشعب المصري بسبب السياسات التي انتهجها قيادات الجماعة».

وفي حديث سابق له بـ«الشرق الأوسط» دافع عزت عن فكرة السمع والطاعة المطبقة في الجماعة والتي أطاحت بعدد من القيادات الخارجين عنها بالقول إنها «مثل الالتزام الحزبي وهو شيء معروف في كل الدنيا، لا يمكن أن تقول لي أنا أؤمن برؤية وبسياسة عامة وبعد ذلك لن يكون لي أي التزام».

محمود عزت، المولود في 13 أغسطس (آب) عام 1944 بالقاهرة، هو أستاذ بكلية الطب جامعة الزقازيق، حيث حصل على بكالوريوس الطب عام 1975، والماجستير عام 1980، والدكتوراه عام 1985، كما حصل على دبلوم معهد الدراسات الإسلامية عام 1998، وهو متزوج، وله خمسة أولاد.

وللدكتور عزت في المجال الطبي عدة بحوث وأنشطة في مجال مقاومة عدوى المستشفيات في مصر وفي بريطانيا، وعدة بحوث في الأمراض الوبائية في مصر مثل الالتهاب السحائي الوبائي ووباء الكوليرا.

وبدأت علاقته مبكرا بالجماعة حين كان صبيا، حيث ارتبط بعدد من شبابها، قبل أن ينتظم في صفوفها في سن الـ18 عاما، وكان وقتها طالبا في كلية الطب. ثم اعتقل عام 1995، وحكم عليه بالسجن عشر سنوات في قضية «الإخوان» الشهيرة المعروفة بقضية «سلسبيل».

بعد خروجه ظل مستمرا في عمله الدعوي، حيث ينتمي إلى الفكر السلفي، ثم ذهب للعمل في جامعة صنعاء في قسم المختبرات عام 1981، قبل أن يسافر إلى إنجلترا ليكمل رسالة الدكتوراه.

واختير عزت عضوا في مكتب إرشاد الجماعة عام 1981، ثم أمين عام جماعة الإخوان. وفي عام 1995 حكم عليه مرة أخرى بالخمس سنوات لمشاركته في انتخابات مجلس شورى الجماعة، ثم أعيد اعتقاله في 2008 بسبب مشاركته في تظاهرة وسط القاهرة، احتجاجا على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة.

ويعد عزت من أشد المدافعين عن تطبيق الشريعة الإسلامية وحدودها في مصر بعد وصول «الإخوان» للحكم لكنه قال في حديث سابق لـ«الشرق الأوسط» إن «تطبيق حدود الشريعة الإسلامية يأتي بعد امتلاك الأرض، فلا بد أن تقام الحدود بعد أن يكون الإسلام في حياة الناس وأخلاقهم وتعاملاتهم».

وأخيرا، أثار غيابه عن مظاهرات «الإخوان» في ميداني «رابعة العدوية» و«النهضة» استغراب شباب الجماعة، وقال البعض إنه يقوم بالقيادة السرية وأنه المرشد الفعلي لـ«الإخوان»، فيما رجح آخرون هروبه إلى قطاع غزة.