مصر تنهي أولى خطوات الاستحقاق الدستوري وتؤكد بناء «دولة مدنية ديمقراطية»

الزخم الشعبي أحبط فعاليات الإسلام السياسي.. والحكومة تسعى لحل «الإخوان»

جنود شرطة مصريون خلال وقوفهم في استراحة إلى جوار سياراتهم في وسط القاهرة أمس (أ.ب)
TT

قالت مصر أمس إنها انتهت من أولى خطوات الاستحقاق الدستوري، مع تأكيدها على بناء «دولة مدنية ديمقراطية حرة وعادلة لكل المصريين وبكل المصريين»، بينما أكدت مصادر أمنية بوزارة الداخلية أن تزايد الزخم الشعبي الرافض لجماعة الإخوان المسلمين تسبب في إحباط فعاليات ومسيرات كان أنصار الرئيس السابق محمد مرسي أعلنوا عن القيام بها طوال هذا الأسبوع. وفي وقت قررت فيه السلطات حبس مرشد الإخوان، محمد بديع، 15 يوما على ذمة التحقيقات، عقب القبض عليه فجر أمس، كشفت مصادر مسؤولة أن الحكومة «تسعى لحل جمعية الإخوان»، مما يعني القضاء على الوجود القانوني للجماعة التي ينتمي إليها مرسي.

وقالت الرئاسة المصرية أمس إنها تمكنت من تحقيق المرحلة الأولى من الاستحقاق الدستوري «امتثالا لإرادة شعبنا العظيم، والتزاما بتحقيق خطوات خارطة المستقبل وفقا للإعلان الدستوري الصادر في الثامن من يوليو (تموز) 2013»، مشيرة في بيان لها أمس إلى أن لجنة الخبراء «المشكلة وفقا للمادة 28 من الإعلان الدستوري» أتمت مهمتها الأولى بـ«الانتهاء من التعديلات المقترحة على دستور 2012 المعطل».

وتأتي هذه الخطوات وفقا لخارطة الطريق (أو خارطة المستقبل) التي أعلنها القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي، عقب اجتماع مع كبار القيادات المصرية مطلع الشهر الماضي أسفرت عن عزل الرئيس السابق، استجابة لملايين المصريين الذين خرجوا في الشوارع يوم 30 يونيو (حزيران) الماضي للمطالبة برحيل مرسي وإبعاد جماعة الإخوان عن الحكم.

وأضافت الرئاسة أن المرحلة الثانية من الاستحقاق الدستوري في خارطة المستقبل، بدأت بالفعل بـ«التوازي مع المرحلة الأولى منذ نحو عشرة أيام، حيث أعلنت معايير عضوية واختيار لجنة الخمسين الممثلة لفئات المجتمع المصري وطوائفه وتنوعه السكاني، ووفقا للمادة 29 من نفس الإعلان الدستوري»، مشيرة إلى أنها تتلقى منذ يوم السابع من الشهر الجاري «ترشيحات الجهات المكونة للجنة من تيارات سياسية ونقابات مهنية ومثقفين وعمال وفلاحين واتحادات وشخصيات عامة». وقالت إن الإعلان عن تشكيل لجنة الخمسين النهائي سيكون في غضون أيام قليلة، بعد أن تتلقى كافة الترشيحات من الجهات المعنية.

وأكدت الرئاسة أنه التزاما منها بـ«إرادة شعبنا الكريم»، فـ«إننا ماضون قدما في تحقيق الخطوتين التاليتين من الاستحقاق الديمقراطي لخارطة المستقبل، وفي الأطر الزمنية الواردة في المادة 30 من الإعلان الدستوري فيما يخص الانتخابات البرلمانية والرئاسية». وشددت الرئاسة في بيانها على أنها لن تسمح بأي محاولات لـ«إرباك المشهد المصري، أو إرهاب أو ترويع المصريين، أو بأي محاولات من جماعات التطرف والعنف لتعطيل حركة المصريين نحو مستقبلهم، وسنضمن، بإذن الله، أن تبوء كل تلك المحاولات الآثمة بالفشل والخسران».

وقالت الرئاسة: «نحن بحول الله وقوته، وبنصرته لإرادة هذا الشعب، عازمون وماضون إلى تحقيق خطوات مستقبلنا المستحق نحو دولة مدنية ديمقراطية حرة وعادلة لكل المصريين وبكل المصريين».

من جانبه، واصل أحمد المسلماني المستشار الإعلامي للرئيس المصري مشاورات مع قيادات سياسية، والتقى أمس مع عمرو موسى القيادي في جبهة الإنقاذ، بينما يلتقي بقيادات أخرى اليوم (الأربعاء) لبحث الأوضاع الراهنة وخارطة المستقبل وطريقة تنفيذها وكيفية تجاوز الأزمة الراهنة التي تشهدها البلاد.

وقال المسلماني عقب اللقاء إنه يأتي ضمن مجموعة لقاءات مع القوى السياسية للتشاور حول الوضع الراهن، خاصة أن الأمم المتحدة والدول الأجنبية أصبحت جزءا من المشهد السياسي في مصر، في إشارة إلى القلق الدولي بشأن تصاعد أحداث العنف في مصر.

من جهته، أكد موسى أن الخلاف الحالي في مصر «ليس خلافا مجتمعيا أو سياسيا بل تهديد لاستقرار البلاد، وهذا لا نقبله».

وعلى الصعيد الميداني، قالت مصادر أمنية بوزارة الداخلية لـ«الشرق الأوسط» إن الزخم الشعبي في المحافظات المصرية أحبط فعاليات تيار الإسلام السياسي «بسبب رفض غالبية المصريين استغلال الدين في السياسة»، مشيرا إلى أن جماعة الإخوان وأنصار الرئيس السابق اضطروا لإلغاء العديد من المسيرات التي كانت مقررة سلفا في ما سموه «أسبوع الرحيل»، بينما خرجت مسيرات في منطقة ميدان الرماية وحلوان تندد بما سمته «الانقلاب العسكري».

وفي هذه الأثناء ألقت السلطات القبض على عدد كبير من قيادات وكوادر الجماعة منذ فجر أمس كان أبرزهم مرشد الجماعة، محمد بديع، الذي أمرت النيابة بحبسه 15 يوما على ذمة التحقيقات في تهم منها التحريض على العنف والقتل. وقال مسؤول في الرئاسة إن السلطات لم تلجأ إلى اعتقال أي من قيادات الإخوان وإن القيادات المحتجزة في عدة سجون حول القاهرة جرى توقيفهم وفقا للقانون وصدور قرارات من النيابة للتحقيق معهم في تهم ودعاوى ضدهم، مشيرا إلى أن وزير العدالة الانتقالية يواصل جهوده لتنفيذ مشروع العدالة الانتقالية في المرحلة الراهنة.

وبينما كشفت مصادر مسؤولة عن سعي الحكومة المصرية لحل «الإخوان»، منذ عدة أيام، أعلن وزير التضامن الاجتماعي، الدكتور أحمد البرعي، أمس، أن الوزارة مستمرة في اتخاذ الإجراءات القانونية لحل جمعية الإخوان بعد توجيه النيابة تهما باستخدام العنف لبعض من قياداتها.