سيناريوهات الحل للأزمة التونسية لا تحظى بموافقة شقي النزاع

قيادات «النهضة» تتوقع الإعلان عن بداية حوار شامل لكل الأطراف

TT

لم تعبر القيادات السياسية في تونس عن التوصل إلى حل سياسي يرضي كل الأطراف، واجتمع كل طرف وراء رؤيته لحل الأزمة السياسية وواصلت المعارضة توجيه الاهتمام نحو الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتأزمة، في حين نبهت الحكومة إلى مخاطر الإرهاب وضرورة الاصطفاف للقضاء عليه بدل التفكير في الانقلاب على السلطة الشرعية.

في غضون ذلك من المنتظر أن يعقد اليوم الاتحاد العام التونسي للشغل الذي يقود مبادرات الحوار الوطني، ثالث لقاء بين أمينه العام حسين العباسي وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ومن المتوقع أن يعلن عن نتائج المشاورات الحالية منذ نحو أسبوع. وقال الغنوشي إثر اللقاء الثاني الذي جمع بين الطرفين يوم الاثنين ودام أكثر من ثلاث ساعات، إن حركة النهضة في انتظار الإعلان عن انطلاق حوار وطني شامل لا تقصي أي طرف سياسي من المشاركة في إنقاذ تونس.

ولم يخفف اللقاء الذي جمع الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس المعارضة براشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الحاكمة في حلحلة الملف السياسي المعطل منذ مدة، بل إن أطرافا سياسية عدت اللقاء الذي احتضنته العاصمة الفرنسية باريس بمثابة «لقاء لاحتساء قهوة» بعد أن فشل الطرفان اللذان يمثلان ثقلا سياسيا معتبرا في التوصل إلى ورقة عمل أو اتفاق سياسي ينهي التوتر السياسي. كما لم ينجح هذا اللقاء في إيقاف نزيف الاتهامات المتبادلة سواء بإسقاط الحكومة وإيقاف الشرعية من ناحية الحكومة أو كذلك رحيل حكومة الفشل كما تسميها المعارضة.

وفي هذا الشأن، نفى الطيب البكوش الأمين العام لحركة نداء تونس المعارضة في حديث لـ«الشرق الأوسط» نية الانقلاب على السلطة القائمة وقال إن المعارضة تطالب بتغيير «حكومة فاشلة» بعد أكثر من سنة وتسعة أشهر وهي على حد قوله «فترة طويلة لم تتمكن خلالها من تحقيق أي إنجاز سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو كذلك الأمني». وقال إن جبهة الإنقاذ التي تشمل الاتحاد من أجل تونس والجبهة الشعبية وبقية المنظمات الداعمة للتغيير السياسي، لن تقبل باقتراح راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة الذي يحافظ على علي العريض على رأس الحكومة وأكد تمسك كل الأطراف بضرورة تكليف شخصية مستقلة وحكومة مضيقة لا تزيد على 15حقيبة وزارية بتسيير شؤون الدولة خلال الفترة التي تفصل التونسيين عن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

من ناحيته أشار فتحي العيادي رئيس مجلس الشورى لحركة النهضة إلى أن تونس تتهددها مخاطر الإرهاب وهي تحت وطأة مخططات الإرهابيين، ولا يمكن لمنطق الانقلاب والسلوك السياسي الفوضوي في مثل هذه الظروف الذي قد ينعكس سلبا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسلم المدني، أن يسوس البلاد على حد تعبيره. ودعا كل الأطراف السياسية إلى التمسك بالوحدة الوطنية واليقظة للتصدي الجماعي لتلك التهديدات عوض إثارة الفتنة والدعوة إلى العصيان المدني.

وقال في تصريح خص به «الشرق الأوسط» إن تحديات ومخاطر مختلفة تتهدد تونس خلال هذه المرحلة وأضاف أن مجلس الشورى ثمن خلال اجتماعه يومي السبت والأحد رؤية الحركة لحل الأزمة السياسية ورحب بمختلف المبادرات البناءة على حد تعبيره، الحريصة منها على تحقيق أهداف الثورة من ناحية واستكمال المسار الانتقالي وإنجاحه من ناحية ثانية. ونفى أن يكون مجلس الشورى قد سعى في أي مرحلة من المراحل إلى تعطيل إدارة البلاد أو اتخاذ قرار في غير مصلحة التونسيين، بل إنه دعا القيادة التنفيذية للحركة إلى مواصلة الحوار للوصول إلى حل توافقي وطني يضمن استكمال المسار التأسيسي. وقال العيادي إن التونسيين لهم القدرة على تجاوز هزات المرحلة الانتقالية والتمسك بالوحدة الوطنية.

في سياق هذه المواقف المتناقضة، تواصل الأطراف السياسية المنظمة لاعتصام الرحيل قبالة مقر المجلس التأسيسي (البرلمان) ضغوطاتها من أجل تحقيق مطالبها التي لم تتراجع عنها خلال فترة المشاورات السياسية والمتمثلة في حل البرلمان وإسقاط الحكومة.

وفي هذا الشأن، قال سمير الطيب المتحدث باسم تحالف «المسار الديمقراطي الاجتماعي» والنائب المنسحب من المجلس التأسيسي لـ«الشرق الأوسط» إن المعارضة سترابط في الشوارع بداية من 24 (آب) أغسطس الحالي إلى غاية 31 من الشهر ذاته وذلك بهدف «إخراج هذه الحكومة الفاشلة من تاريخ تونس وذلك بالتزامن مع أربعينية الشهيد محمد البراهمي». وقال إن مقرات الالتحاد العام التونسي للشغل (المنظمة العمالية الراعية للحوار الوطني) ستشهد اعتصامات يومية إلى حين تحقيق مطالب المعارضة. وأشار إلى تواصل تضييق الخناق على الحكومة قبل فترة قصيرة من العودة المدرسية والجامعية وهو ما يمثل زخما كبيرا لمطالب المعارضة على حد تعبيره.

في غضون ذلك، فتح القضاء التونسي تحقيقا ضد الطاهر بن حسين المعارض وصاحب قناة «الحوار» التلفزيونية وقال إنه دعا إلى «العمل بكل الوسائل السلمية من أجل إسقاط الحكومة المنتهية شرعيتها» وقال متهكما «إن الشكوى كان من المفروض أن تتوجه إلى أشخاص آخرين في السلطة وإن خطا مطبعيا قد طرأ على الأمر على حد تعبيره». وكان بن حسين قد دعا خلال نهاية الأسبوع إلى بداية عصيان مدني انطلاقا من يوم الاثنين والامتناع تبعا لذلك عن دفع فواتير استهلاك الماء والكهرباء وكل الموارد الراجعة إلى الدولة.