النظام السوري يواصل قصفه لدمشق.. وتجدد الاشتباكات بين الأكراد والإسلاميين في الحسكة

«شبيحة» يهاجمون قرية سنية بريف اللاذقية ويهجرون سكانها.. وأنباء عن مقتل رجل دين علوي

لاجئون سوريون أكراد يعبرون الحدود السورية متجهين نحو العراق أمس (أ.ب)
TT

شهدت العاصمة السورية دمشق قصفا نظاميا استهدف حي برزة، وأشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى أن القصف يأتي وسط اشتباكات عنيفة بين كتائب الجيش الحر والقوات النظامية، في محاولة من الأخيرة للسيطرة على حي «برزة» كله. وفي ريف دمشق، نفذ الطيران النظامي عدة غارات جوية، مستهدفا بالقصف الصاروخي مدينة داريا، مما تسبب في تدمير عدد من المباني السكنية والبنى التحتية، في حين تجددت الاشتباكات بين عناصر الحر والقوات النظامية في الجهة الشرقية من المدينة.

وفي دير الزور، قصفت القوات النظامية معظم أحياء المدينة. وقالت شبكة «شام» الإخبارية المعارضة إن «القصف استهدف مباني سكنية وأدى إلى تدميرها بعد أن كانت ملجأ للنازحين، كما أحرقت القوات النظامية عدة مبان سكنية في حيي الموظفين والجبيلة، وفي أثناء ذلك انفجرت عبوة ناسفة في مدينة الميادين بريف المدينة، كانت مزروعة في دراجة نارية، حيث انفجرت بجانب مشفى نوري السعيد، بحسب ناشطين.

من جهة أخرى، تواصلت المعارك العنيفة بين المقاتلين الأكراد وعناصر «دولة العراق والشام الإسلامية» في الحسكة. ونقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن ناشطين قولهم إن «قتالا ضاريا نشب بين مسلحين أكراد وفصائل من المعارضة ذات صلة بتنظيم القاعدة في شمال شرقي سوريا».

وقال المرصد السوري إن القتال اندلع في ثلاث قرى قريبة من بلدة رأس العين في محافظة الحسكة، التي تُعد موطنا لعدد كبير من الأكراد السوريين.

وكان نحو 30 ألف سوري، غالبيتهم العظمى من الأكراد، قد فروا من تلك المنطقة في الآونة الأخيرة، عابرين الحدود إلى إقليم كردستان بشمال العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي.

وحمّل ناشطون معارضون هيئة أركان الجيش السوري الحر مسؤولية تقدم القوات النظامية في ريف اللاذقية واستعادته جميع القرى التي كانت تحت سيطرة المعارضة، بالتزامن مع إعلان مصادر معارضة أن عناصر تابعة لميليشيا «هلال الأسد»، أحد أقرباء الرئيس السوري بشار الأسد، هاجمت أمس قرية «رأس ابن هانئ» ذات الغالبية السنية وهجّرت جميع سكانها.

واتهم الناشط الميداني في ريف اللاذقية خالد كمال هيئة أركان الجيش الحر بخيانة جبهة الساحل، وعدم إرسال أسلحة ثقيلة للكتائب التي تواجه النظام. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن سلوك هيئة الأركان بعدم دعم جبهة الساحل، جاء بعد تلقيها تعليمات من الدول الغربية بوقف القتال، مشيرا إلى أن «النظام لم يتمكن من السيطرة على القرى التي فقدها سابقا، إلا بعد استدعاء قواته من إدلب وحمص».

وكانت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) قد نقلت عن مصدر عسكري سوري إشارته إلى أن «الجيش النظامي استعاد السيطرة على كل المواقع التي استولى عليها مقاتلو المعارضة خلال الأسبوعين الأخيرين في ريف اللاذقية».

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر أمني سوري قوله إنه لم يتبقّ تحت سيطرة المعارضة المسلحة في منطقة ريف اللاذقية إلا منطقة سلمى الاستراتيجية المحاذية لتركيا.

وفي موازاة استعادة النظام لبعض البلدات بريف اللاذقية، برزت أنباء أمس عن مقتل رجل الدين العلوي بدر غزال، الذي اعتقل من قبل عناصر إسلامية في قرية بارودا في الساحل مطلع هذا الشهر. وبثت قناة «العالم» الإيرانية خبرا أكدت فيه مقتل غزال، ونسبت القناة المعروفة بدعمها للنظام السوري تأكيداتها إلى مصادر مطلعة، قالت إن «الدولة الإسلامية في العراق والشام» أعدمت غزال بقطع رأسه.

وفي حين تداولت صفحات سورية معارضة على مواقع التواصل الاجتماعي خبر إعدام غزال، أكد ناشط معارض مقرب من الكتائب الإسلامية بريف اللاذقية لـ«الشرق الأوسط» أن «غرفة العمليات المشتركة بين جميع الكتائب الموجود في ريف اللاذقية أصدرت حكما على الشيخ غزال بالموت، بعد ثبوت تورطه بإصدار فتاوى تبيح قتل السوريين».

ويعد غزال واحدا من أبرز رجال الدين العلويين، ويتهمه ناشطون بإصدار فتاوى اعتمد عليها مجموعات الشبيحة في ممارسة أعمال قتل ونهب وسرقة، ومن أبرز المتأثرين بفتاواه قائد جبهة «تحرير لواء إسكندرون» علي الكيلاني، المعروف باسم معراج أورال، الذي قاد حملة ضد أهالي بانياس وما حولها.

وفي سياق متصل، أفاد ناشطون معارضون بقيام مجموعة من ميليشيا «هلال الأسد» أحد أقرباء الرئيس السوري، بدعم من جيش «الدفاع الوطني»، باقتحام قرية «ابن هانئ» ذات الغالبية السنية، الواقعة عند رأس ابن هانئ الشهير في اللاذقية، بعدما قاموا في وقت سابق بتهجير واعتقال أهلها.

وأشاروا إلى أنه «خلال عملية الاقتحام، قام المهاجمون باقتحام وتخريب وإحراق أجزاء من مسجد الصحابي مسعود بن هانئ الأثري».

وتعتبر «رأس ابن هانئ» القرية السنية الوحيدة في محيط ذي غالبية علوية، مما يجعل كثيرا من الناشطين يرى في تهجير أهلها محاولة لربط المناطق العلوية الموالية للنظام ببعضها.

وتشهد مدينة اللاذقية حالة احتقان طائفي بين العلويين المناصرين للنظام السوري والسنة المعارضين له، لا سيما بعد اقتحام كتائب إسلامية معارضة عددا من القرى العلوية، واحتجاز نحو 150 من سكانها.

هذا الواقع دفع «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» إلى توجيه بيان إلى سكان منطقة الساحل والجبال المجاورة لها، التي تقطنها غالبية من العلويين، لحضهم على رفض النظام القائم الذي اتهمه بالكذب في الترويج لـ«حماية الأقليات». وقال الائتلاف في بيانه: «إن من أهداف الثورة السورية إنهاء عقود من الاستبداد.. وضمان الانتقال إلى دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية، من خلال دستور عصري لا يترك حيّزا للقلق وغياب الإحساس بالأمان لأي فرد أو جماعة، من دون تمييز»، مشددا على ضرورة أن «يعي الجميع كذب النظام ونفاقه حين يحاول أن يقنع الشعب السوري والمجتمع الدولي بأنه حامي الأقليات وأهل الساحل على وجه الخصوص».

في موازاة ذلك، أعلن الائتلاف الوطني السوري سائر مناطق ببيلا وبيت سحم وعقربا والبويضة ونجهة والسيدة زينب وسبينة ومخيم اليرموك الواقعة جنوب مدينة دمشق «مناطق منكوبة»، مطالبا الهيئات الأممية وسائر المنظمات الإنسانية والدول الصديقة للشعب السوري، بالتدخل الفوري والعاجل لإنقاذ المدنيين وتأمين إجلاء الجرحى وإغاثة الألوف من السكان والنازحين، مشددا على ضرورة فتح ممرات إنسانية إلى جميع المناطق المحاصرة.

وأفادت المجالس المحلية لمناطق جنوب دمشق بأن الأوضاع الإنسانية هناك وصلت إلى حدود كارثية، وأن الأوضاع على الأرض باتت تستدعي تأمين ممرات إنسانية عاجلة لإدخال الغذاء والدواء بشكل فوري، وقد أكد ممثلو تلك المجالس أن الحصار المفروض على المنطقة يمنع إدخال أي قدر من الإغاثة، ويحول دون إخراج الجرحى والمصابين والمرضى والنازحين.