إخلاء سبيل مبارك لتجاوزه الحد القانوني للحبس الاحتياطي

مخاوف من تداعيات سياسية للقرار.. ومصدر قضائي لـ «الشرق الأوسط»: خروجه لا يعني براءته

عناصر من الجيش تقوم بنوبة حراسة مشددة أمام سجن طرة بالقاهرة أمس حيث يحتجز الرئيس الأسبق حسني مبارك (أ.ب)
TT

في خطوة قد تثير مزيدا من الاحتقان السياسي في البلاد، أمرت محكمة مصرية أمس بإخلاء سبيل الرئيس الأسبق حسني مبارك في قضية «هدايا الأهرام»، وهي آخر قضية فساد كان محتجزا على ذمتها. ولم يتم تنفيذ القرار أمس انتظارا لبحث ما إذا كان مطلوبا على ذمة قضايا جديدة. وأصدر القرار غرفة المشورة بمحكمة شمال القاهرة، وذلك بعد احتجازه في سجن طرة جنوب العاصمة منذ 28 شهرا، وقالت مصادر قضائية إن الرئيس الأسبق استنفد جميع مدد الحبس الاحتياطي القانونية في جميع القضايا المتهم فيها، ومنها قضايا فساد وقضية مقتل متظاهرين أثناء ثورة 25 يناير التي أطاحت بحكمه.

وأشار المصدر القضائي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن قرار الإفراج عن مبارك لا يعني أنه بريء من التهم التي يجري التحقيق معه فيها، مشددا على أن «العدالة عمياء» و«ليس لها علاقة بما هو موجود على الساحة السياسية أو غير السياسية». وقال إنه حتى لو جرى الإفراج عن مبارك فإنه سيظل ممنوعا من السفر و«سيظل متهما على ذمة القضايا التي لم يتم الفصل فيها بشكل نهائي مثل قضية قتل المتظاهرين».

وأضاف أنه «وفقا للقانون لا تملك السلطات القضائية إصدار قرارات باستمرار حبسه، مثله مثل أي متهم، حتى لو طعنت النيابة العامة على أمر إخلاء سبيله»، و«لا يستثنى من ذلك إلا إذا ظهرت قضايا جديدة ضد مبارك»، بينما رجح فريد الديب محامي مبارك الإفراج عنه اليوم (الخميس). وجاء ذلك بعد أن قبلت غرفة المشورة بالمحكمة أمس إخلاء سبيله، بعد قبول تظلمه في قضية اتهامه بالحصول على هدايا باهظة الثمن تقدر بعدة ملايين من الجنيهات، بصورة سنوية من المؤسسات الصحافية القومية دون وجه حق، والمعروفة باسم «هدايا الأهرام». وأضاف المصدر القضائي أن قرار إخلاء سبيل مبارك غير قابل للطعن من النيابة لصدوره من محكمة استئناف، ما يجعل القرار المشار إليه نهائيا.

وسبق أن أصدرت محاكم الاستئناف والجنايات قرارات بإخلاء سبيل مبارك في ثلاث قضايا أخرى يجري التحقيق معه بشأنها أو يحاكم على ذمتها، نظرا لانتهاء الفترات التي حددها قانون الإجراءات الجنائية في شأن الحبس الاحتياطي.

وكان الديب تقدم بتظلم للمستشار أحمد البحراوي المحامي العام الأول لنيابة الأموال العامة العليا، ضد قرار النيابة الصادر في أول الشهر الماضي بحبس مبارك 15 يوما على ذمة التحقيقات في قضية «هدايا المؤسسات الصحافية»، والذي بدأ تنفيذه في أعقاب انتهاء حبسه الاحتياطي في قضية اتهامه بالاستيلاء على الأموال المخصصة للقصور الرئاسية.

وكانت النيابة نسبت إلى مبارك تهمة العدوان على المال العام، في صورة تلقيه هدايا باهظة الثمن من مؤسسة «الأهرام» الصحافية ومؤسسات صحافية قومية أخرى، مستغلا في ذلك صفته كرئيس للبلاد في الحصول على الهدايا المخصصة لكي تمنح في إطار الترويج الإعلامي للصحيفة، وهو الأمر الذي لا شأن له به. وكشفت النيابة النقاب عن حصول عدد من كبار رموز النظام السابق، يتقدمهم مبارك وأسرته والوزراء في عهده، على هدايا باهظة الثمن بصورة سنوية منتظمة، تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الجنيهات، دون وجه حق وبالمخالفة للقانون، على نحو يمثل تسهيلا للاستيلاء على المال العام، وتربيحا للغير دون وجه حق، وإضرارا عمديا بأموال المؤسسات الصحافية القومية.

يشار إلى أن محكمة جنايات القاهرة أصدرت في 15 أبريل (نيسان) الماضي أمرا بإخلاء سبيل مبارك على ذمة إعادة محاكمته في قضية قتل المتظاهرين وارتكاب جرائم فساد مالي، بعد أن تجاوزت فترة حبسه الاحتياطي الحد الأقصى وفقا للقانون، والمحددة بـ24 شهرا، حيث ظل محبوسا بصفة احتياطية على ذمة التحقيقات منذ 12 أبريل عام 2011.

وكانت غرفة المشورة بمحكمة الجنح المستأنفة أمرت أيضا في 18 يونيو (حزيران) الماضي بإخلاء سبيل مبارك على ذمة التحقيقات التي تجري معه بمعرفة جهاز الكسب غير المشروع، في تهم بتضخم ثروته. كما أمرت محكمة جنايات القاهرة يوم الاثنين الماضي بإخلاء سبيله على ذمة قضية اتهامه ونجليه علاء وجمال وآخرين بالاستيلاء وتسهيل الاستيلاء على أموال الميزانية العامة للدولة والمخصصة لقصور رئاسة الجمهورية.

ومن جانبه أكد مصدر أمني رفيع المستوى بوزارة الداخلية أن قطاع مصلحة السجون في انتظار القرار الخاص بإخلاء سبيل مبارك، وأنه في حال وصول القرار سيتم إرساله إلى النيابة العامة لتحديد ما إذا كان مطلوبا على ذمة قضايا أخرى من عدمه.