شارع «جامعة الدول العربية» بالقاهرة ضحية للعنف بين المصريين

لافتات محطمة وأرصفة مخلوعة وأسلاك شائكة ودبابات

TT

اللافتات وبلاط الأرصفة وقطع الزجاج وبقايا الإطارات المحترقة أصبحت ملقاة على طول شارع جامعة الدول العربية، الذي يعتبر بمثابة شارع العرب في القاهرة، بعد أن وقع ضحية للعنف بين المصريين.. وعلى جانبه أسلاك شائكة ودبابات وجنود يحرسون المداخل والمخارج.

واعتاد السياح العرب الإقامة في العمارات القريبة من الشارع الموجود في ضاحية المهندسين غرب القاهرة، حيث تنتشر على جانبيه الشقق السياحية المفروشة والمطاعم والمقاهي، بالإضافة إلى عدد من السفارات العربية والأجنبية. ولم يكن الشارع ينام الليل.

وتعتبر المنطقة من أجمل مناطق التسوق والتنزه حيث توجد العديد من البنوك ومحلات الملابس والمطاعم الشرقية والغربية المتنوعة. وفي الوقت الحالي ترى المصابيح الكهربائية وقد انطفأت والظلام يخيم على جانبي الطريق والمحال مغلقة؛ والتفتيش من جانب قوات الأمن في كل مكان. وتغلق عدة دبابات ومدرعات للجيش مداخل ومخارج الشوارع المتفرعة من شارع جامعة العدول العربية، وهي شوارع تحمل أسماء لافتة تعبر عن طبيعة المكان مثل شوارع «عدن» و«لبنان» و«سوريا» و«الحجاز»، وغيرها.

وفي الأسبوع الماضي وقعت معارك دامية في الشارع الراقي، وشوهدت فيه مطاردات بالأسلحة الرشاشة، بعد ساعات من قيام السلطات بفض اعتصامي أنصار الرئيس السابق محمد مرسي في ساحتي «رابعة العدوية» في شرق العاصمة و«نهضة مصر» القريب من ضاحية المهندسين. وبسبب تزايد موجة العنف في البلاد فرضت السلطات حظر التجول في عدة محافظات بينها العاصمة، مما زاد من عزلة شارع جامعة الدول وتحوله ليلا إلى مكان مهجور بعد أن كانت الحركة فيه لا تهدأ على مدار 24 ساعة.

وما زالت الأرصفة خالية من البلاط بعد أن خلعه أنصار الرئيس السابق لاستخدامه في إقامة حواجز وسواتر حجرية في عدة مواقع في الشارع الرئيس وشوارع قريبة منه، مثل شارع البطل أحمد عبد العزيز. ويقول محمد عبد الرحيم وهو يقف أمام محل الملابس الذي تحطمت واجهته الزجاجية: الأمر في ظل الأوضاع الراهنة أصبح مختلفا شكلا وموضوعا وأصبحت الحياة قاتمة وكل ناصية توجد دبابة تابعه للجيش لكي تمنع الإرهابيين من قطع الطريق مرة أخرى، والمارة في الشارع يمشون بحذر شديد ولا توجد أي فرصة للبيع والشراء.

ومن أشهر الساحات في شارع جامعة الدول العربية ساحة مسجد مصطفى محمود، التي تبادل النشطاء السياسيون استخدامها في التجمع والتحرك إلى الميادين الرئيسة الأخرى للتظاهر؛ سواء بالتأييد أو المعارضة للحكام. وعقب فض اعتصام «نهضة مصر» المجاور حاول أنصار الرئيس السابق مرسي تحويل ساحة مصطفى محمود إلى مقر جديد للاعتصام، إلا أن قوات الأمن أحبطت هذه المحاولة في حينه في معركة كر وفر استمرت يومي الأربعاء والخميس من الأسبوع الماضي، وحولت شارع جامعة الدول العربية إلى ساحة حرب.

وجددت جماعة الإخوان التي ينتمي إليها مرسي محاولات السيطرة على مناطق من شارع جامعة الدول العربية في الأيام التالية لكنها باءت بالفشل بعد الانتشار الكثيف للأمن ونقاط الارتكاز من الجيش والشرطة، وبدأ الهدوء يعود رويدا رويدا إلى الشارع، حيث يقول المسؤولون بمحافظة الجيزة إن عملية ترميم ما فيه من تخريب ستتكلف ملايين الجنيهات. ويقول جندي يقف بجوار دبابة في ساحة مصطفى محمود: «أصبح الاستقرار يعود بالتدريج، وتوجد سيطرة على المنطقة وتوجد قوة كافية من الجيش والشرطة لمنع أي اعتصام هنا حفاظا علي الاستقرار العام». وأكد أنه توجد أيضا عناصر سريه لتأمين المنطقة.

وتسد الأسلاك الشائكة المداخل المؤدية إلى شوارع جزيرة العرب ولبنان، تحسبا لحدوث أي مناوشات، بينما تبدو واجهات غالبية المحال والمطاعم والمقاهي مغلقة، بينما تفتح البنوك أبوابها لعدة ساعات. وانخفضت قيمة تأجير الشقق للسياح العرب بشكل كبير. كانت أجرة الليلة في شقة مفروشة ومتوسطة المستوى والمساحة تساوي نحو 600 جنيه في اليوم، أصبحت في الوقت الراهن تدور حول 300 جنيه في المتوسط.

ويقول محمد فتحي صاحب أحد مقاهي شارع جامعة الدول العربية: «أحاول فتح أبواب المقهى رغم عدم الاستقرار الأمني وذلك حرصا على تشجيع المحال الأخرى على فتح أبوابها لكي تستمر الحياة ونبتعد عن الخوف. ويقول إنه «رغم ضعف نسبه الإقبال؛ لكننا مصرون على الفتح للدفاع عن أكل العيش واستمرار الحياة».

وتعرضت عدة محطات للوقود للنهب والتخريب خلال الاشتباكات التي جرت أواخر الأسبوع الماضي. ويقول صابر وهو مسؤول في محطة البنزين بشارع البطل أحمد عبد العزيز إن الهجوم الذي قام به خليط من البلطجية وأنصار الرئيس السابق مرسي، هب أهالي منطقة المهندسين لنجدتنا ودافعوا عنا، وحالوا دون اشتعال النيران في المحطة.

ولا يوجد أي رواج لأي بضاعة في شوارع جامعة الدول العربية تنافس رواج بيع الصحف.. ويقول أسامه أحمد، إنه يوجد إقبال كبير على شراء الجرائد المحلية والعالمية. ويضيف بائع آخر يدعى أحمد عبد الرحيم: «أغلب الجرايد تصدر طبعة ثانية وثالثة، أما المجلات الفنية فلا تلقى رواجا بين الجمهور، كما كان الأمر في السابق».