التوتر الأمني يلف لبنان ووزير الدفاع يصف المرحلة بـ«الحرب على الإرهاب»

وزير الداخلية اللبناني: نلاحق مجموعات يشتبه في تحضيرها سيارات مفخخة

TT

يعم التوتر الأمني سائر المناطق اللبنانية التي لا تزال أسيرة أنباء عن سيارات مفخخة، «تلاحق الأجهزة الأمنية مشتبها بهم في تحضيرها»، بحسب وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال مروان شربل الذي أكد أن التنسيق بين الأجهزة الأمنية «في أعلى درجاته»، فيما أعلن زميله، وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال، فايز غصن أن عنوان المرحلة بات «الحرب على الإرهاب».

وشهدت شوارع بيروت، أمس، انتشارا مكثفا للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي التي ظهر عناصرها بثياب مدنية وسترات تشير إلى انتمائهم لقوى الأمن، بموازاة ارتفاع منسوب الحذر من وجود سيارات مفخخة، تعمل القوى الأمنية على رصدها، وملاحقة معدّيها، بعدما سرّبت مصادر إعلامية أنباء عن مطاردة سيارة مفخخة لم تُحدد وجهتها. وأقام الجيش اللبناني نقاط تفتيش على مداخل الشوارع الرئيسة في بيروت وضواحيها، ونفذ انتشارا مؤللا في أكثر من نقطة.

وتزامنت تلك الأنباء مع تأكيد وزير الداخلية اللبناني أن «خطة التنسيق بين الأجهزة التي يشرف عليها من شأنها المساعدة في تلافي انفجار السيارات المفخخة، خصوصا أن الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى وفي مقدمها الجيش اللبناني كانت ولا تزال في طور ملاحقة ورصد المجموعات الإرهابية المشتبه في تحضيرها للسيارات المفخخة وإطلاق الصواريخ». ولفت شربل، بعد ترؤسه اجتماعا للأجهزة الأمنية التابعة للوزارة، إلى أن «منسوب التنسيق بين الأجهزة الأمنية كافة في أعلى درجاته، ويتركز على سياسة الأمن الوقائي الكفيلة بحماية الوطن والمواطنين من المخاطر».

وتؤكد تصريحات المسؤولين المعنيين بالملف الأمني أن هواجس التفجيرات عند المواطنين «صحيحة»، فقد أعلن وزير الدفاع اللبناني أمس أن «الحرب على الإرهاب باتت عنوان المرحلة»، مشددا على أن من «واجب كل اللبنانيين التضامن وعدم الانسياق وراء دعوات الفتنة والتحريض الطائفي، ومواكبة وتسهيل عمل الأجهزة الأمنية المستنفرة بكل جهودها وطاقاتها لحماية لبنان من هذا المرض الفتاك».

وكشف غصن، في بيان صادر عنه أمس، أن الاجتماع الأخير للمجلس الأعلى للدفاع الذي ترأسه الرئيس اللبناني ميشال سليمان وحضره رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والوزراء المعنيون وقادة الأجهزة الأمنية، «اتسم بالكثير من العمق والوضوح وتسمية الأمور بأسمائها»، لافتا إلى أن كل المجتمعين، لا سيما رئيسي الجمهورية والحكومة، اللذين وبعد الاطلاع على ما بحوزة الأجهزة الأمنية من معطيات ومعلومات خطيرة ودقيقة، قد شددا على ضرورة إطلاق يد الأجهزة في مكافحة أي محاولات إرهابية تهدف إلى زعزعة الاستقرار والأمن اللبنانيين، وأكدا ضرورة مواكبة عمل هذه الأجهزة وتقديم كل دعم سياسي تحتاجه للقيام بمهامها.

ولفت غصن إلى أن «المعلومات عن وجود خلايا إرهابية تعمل ليل نهار، بهدف إشعال فتنة من خلال استهداف بعض المناطق بالتفجيرات، ليست جديدة»، مشيرا إلى أن «الجيش اللبناني يتابعها ويلاحق المتورطين والمشتبه في تورطهم بها منذ مدة».

ويواكب القضاء العسكري الجهود الأمنية باستجواب موقوفين، والادعاء على آخرين بجرم تشكيل تنظيمات مسلحة. وادعى مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي داني الزعني، أمس، على ثلاثة موقوفين، هم لبنانيان وفلسطيني، بجرم «الانتماء إلى تنظيم إرهابي مسلح، بهدف القيام بأعمال إرهابية وتجهيز وتحضير عبوات ناسفة في مخيم عين الحلوة، لنقلها إلى أماكن مختلفة في بيروت»، وأحالهم إلى قاضي التحقيق العسكري. وكانت شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، رصدت تحركاتهم وألقت القبض عليهم بإشارة من النائب العام التمييزي بالإنابة القاضي سمير حمود الذي أحال الملف، وبحسب الصلاحية، إلى القضاء العسكري.

في هذا الوقت، استجوب قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، أمس، الموقوفين المدعى عليهم من أفراد خلية داريا وعددهم ستة، وأصدر مذكرات وجاهية بتوقيفهم؛ وهم سوريان، وأربعة لبنانيين، فيما أرجأ استجواب السوري الجريح إلى يوم الاثنين المقبل. وكانت عبوة، خلال إعدادها في بلدة داريا بمنطقة الشوف (جبل لبنان)، قد انفجرت أثناء إعدادها، بداية الشهر الحالي، مما أدى إلى مقتل شخصين.

ولم يقتصر التشديد الأمني على مناطق نفوذ حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق في الجنوب، التي تشهد تدابير أمنية مشددة منذ انفجار الرويس في الضاحية الجنوبية؛ إذ أفيد عن إطلاق نار ليل أول من أمس في طرابلس، أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، بينهم عنصر في قوى الأمن الداخلي، وإصابة شخص رابع، قبل أن تحضر عناصر الجيش إلى المكان وتفرض طوقا أمنيا وتفتح تحقيقا في الحادث.

وتواصل الأجهزة الأمنية اللبنانية تعقب السيارات التي تقل أسلحة في عدة مناطق. وبعد عثور شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي على سيارة تحمل 10 صواريخ من عرسال باتجاه راس بعلبك في البقاع (شرق لبنان)، أول من أمس، أوقف الجيش اللبناني عند حاجز دير عمار في الشمال سيارة جيب من نوع «إنفوي» بعد اكتشاف وجود كميات كبيرة من الأسلحة بداخلها. وذكر موقع «النشرة» الإلكتروني أن «وحدات الجيش عملت على مصادرتها وتوقيف السائق وشخص آخر كان بداخلها».

إلى ذلك، توتر الوضع الأمني الحدودي فجر أمس؛ حيث تعرضت منطقة وادي خالد، شمال لبنان، لوابل من الرشقات والقذائف مصدرها الجانب السوري. وذكرت «الوكالة الوطنية للإعلام» أن منازل عدة أصيبت في بلدة المقيبلة، وتضررت، فضلا عن أضرار كبيرة بالمزروعات.

ودعا النائب في كتلة المستقبل معين المرعبي قائد الجيش العماد جان قهوجي إلى «الالتزام بقرار مجلس الوزراء بنشر لواءين من الجيش اللبناني على الحدود في عكار والشمال من أجل مواجهة إرهاب (الرئيس السوري بشار) الأسد وحزب الله».

وفي سياق مرتبط بانفجار الرويس في الضاحية الجنوبية، شجبت كتلة حزب الله النيابية التفجير، ورأت الكتلة، في بيان، أن «هذا التفجير الإرهابي دبرته أجهزة مخابرات دنيئة في المنطقة، تستثمر مجموعات من الإرهابيين التكفيريين، وتستفيد من الحاضنة السياسية التحريضية التي يشكلها ويغذيها بعض قوى (14 آذار)، لفرض مسارات استراتيجية وسلطوية في لبنان خدمة لمصالح المحور الإقليمي الصهيو - أميركي في المنطقة».