مديرية مكافحة المتفجرات ببغداد «تزرع» انتحاريين في مؤسسات حكومية.. للتدريب

مسؤول أمني: سنويا نقوم بتفكيك ما يعادل 60 إلى 70 سيارة مفخخة إضافة إلى آلاف العبوات الناسفة

TT

لأول مرة، تكشف مديرية مكافحة المتفجرات في وزارة الداخلية بالعاصمة بغداد، عن انتحاري يرتدي حزاما ناسفا وهو يتجول بحرية بين تجمع لموظفين إداريين وداخل إحدى المؤسسات الحكومية نهارا، والمفارقة أنها تطلب منهم الحذر والكشف عنه قبل أن يفجر نفسه بينهم، بالاعتماد على حواسهم وشكوكهم فقط.

وبالفعل ينجح أحدهم بالعثور عليه وتفكيك حزامه الحقيقي أمام عيونهم، وذلك في بداية إحدى حلقات الدورات التدريبية التي شرعت بتنفيذها مديرية مكافحة المتفجرات في وزارة الداخلية منذ بداية العام الحالي، وشملت الوزارات والجامعات العراقية لتوعية المواطنين من مخاطر الإرهاب والكشف عن أحدث أنواع وطرق التفخيخ وزرع العبوات الناسفة، باستخدام الأفلام الوثائقية وتفكيك عبوات حقيقية مثل التي يستخدمها الإرهابيون اليوم لإيقاع أكبر عدد من الضحايا بين المدنيين.

ولم تزل المعلومات الأمنية والاحترازية للمواطنين تؤشر إلى ضعف واضح إزاء عدوهم الأول الذي يفتك بهم منذ نحو عشر سنوات، دون أن تلتفت لذلك الأجهزة المعنية.

وتشهد بغداد تصاعدا مطردا في معدلات العنف، منذ مطلع فبراير (شباط) 2013، إذ ذكرت بعثة الأمم المتحدة في العراق، في الأول من يونيو (حزيران) 2013، أن مايو (أيار) الماضي، كان الأكثر دموية بعد مقتل وإصابة 3442 عراقيا بعمليات عنف في مناطق متفرقة من البلاد، في حين بينت «يونامي» مطلع يوليو (تموز) الماضي، أن حصيلة أعمال العنف في العراق بلغت خلال يونيو الماضي نحو 2532 شخصا، وأكدت أن العاصمة بغداد كانت «الأكثر تأثرا» بأعمال العنف.

العميد فارس عبد الحميد حاتم مدير مديرية مكافحة المتفجرات في الشرطة الاتحادية قال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «بدأنا بخطة جديدة منذ بداية العام الحالي لعقد ندوات وجلسات توضيحية لموظفي الدولة والجامعات، لأجل نشر التوعية من مخاطر وطرق الإرهاب وتقليل الخسائر بين الناس، وتشجيعهم على التعاون مع منتسبي الشرطة والأمن في البلاد.

وأضاف: «سنويا، نقوم بتفكيك ما يعادل 60 إلى 70 سيارة مفخخة، إضافة إلى آلاف العبوات الناسفة والصواريخ المعدة للتفجير في مناطق عدة من بغداد، بعضها يعلن عنه في وسائل الإعلام وبعضها الآخر نتكتم عليه لأسباب أمنية، ولأجل عدم إشاعة الخوف بين الناس».

وخلال الندوة التي أقيمت في مقر وزارة الثقافة العراقية، حرص العميد فارس إلى شرح بعض النماذج التي سبق أن جربها الإرهاب لقتل الأبرياء، من بينها استخدام أجهزة الهواتف الجوالة، وأواني جمع النفايات البلاستيكية والأحذية قرب الجوامع والحسينيات، وحتى ملفات وكتب وسجلات الدولة الرسمية، الأمر الذي أثار دهشة الحاضرين واستغرابهم من طرق الإرهاب الذكية التي قد لا تخطر على بالهم.

وقال: «ما نعرضه هنا لا يشكل سوى 20 في المائة من الأساليب التي ينتهجها الإرهاب لقتل الأبرياء». وأضاف: «خطط الإرهاب كثيرة، ومنوعة، وهي تهدف إلى قتل أكبر عدد من الأبرياء، وعليه، فإن حيطة المواطن وحذره في هذا الظرف العصيب يجنبه الكثير من المخاطر، ويساعدنا في الكشف عن تلك الأساليب».

وعن اتساع حجم الإرهاب في البلاد، مقابل جهود الجهات الأمنية المختصة وكفاءتها، قال: «هناك أجهزة رقابية وحكومية في البلاد تتحفظ على كشف أسماء الشبكات الإرهابية التي نلقي القبض عليها كل مرة لأسباب أمنية واستخباراتية، ولذلك يشعر المواطن بأن دور الأجهزة الرقابية ضعيف، لكن الواقع أننا نترصد لهم طيلة 24 ساعة ولا نتلقى من المواطن سوى اللوم واتهامنا بالتقصير، وكذلك تفعل وسائل الإعلام التي تتحفظ على جهودنا في تعزيز الأمان ودرء مخاطر الإرهاب وقدرات منتسبينا، وما نقدمه من شهداء كل يوم، وتجتهد فقط في تسليط الضوء على العمليات الإرهابية».

وأبدت الموظفة تمارا ياسين (34 عاما) استغرابها وخوفها أيضا من وسائل الإرهاب المنوعة التي غدت تفتك بالبلاد والآمنين، لكنها أكدت أنها ستكون أكثر حيطة وحذرا في التعامل مع مفردات حياتية ميدانية كانت تتعامل معها من قبل بكثير من التساهل وعدم المبالاة.