المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي ينتقد بطء الإصلاحات

رفع تقريره إلى الملك محمد السادس

TT

انتقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي بطء تنفيذ الإصلاحات الكبرى في البلاد، ولمح في التقرير الذي رفعه شكيب بنموسى، رئيس المجلس المنتهية ولايته، أول من أمس، للعاهل المغربي الملك محمد السادس، إلى أن ضعف المنهجية المعتمدة، التي تقوم على التوافق بين الأطراف المتمثلة في الحكومة والنقابات العمالية والمشغلين شكلت أحد أسباب هذا البطء.

ودعا المجلس إلى ضرورة تسريع الإصلاحات الهيكلية الكبرى، وضرورة انخراط الجميع وتغليب المصلحة الوطنية. كما انتقد المجلس ضعف تنسيق المخططات التنموية القطاعية وحذر من أوضاع المالية الحكومية والحسابات الخارجية ومخاطر تداعيات الأزمة الاقتصادية الأوروبية.

وجاء في التقرير: «يتعلق الأمر في آخر المطاف، بالنسبة إلى بلادنا، بالسعي إلى تمكين أصحاب القرار، على جميع المستويات، من العمل بسرعة وبطريقة ناجعة. فالسياق الدولي، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها المغرب، تدعونا جميعا إلى إعادة النظر في طرق اشتغالنا وفي عاداتنا الجماعية».

وأشار المجلس إلى أن من شأن هذه الإصلاحات الموجهة صوب الحد من الفوارق ومن أشكال الميز ودعم التماسك الاجتماعي، أن تضمن مشاركة جميع مكونات المجتمع. وقال: «أمام تفاقم أوجه العجز الاجتماعي، والريبة والتوجس الناجمين عن الأزمة العالمية، تصبح الاستراتيجية الوطنية لدعم التماسك الاجتماعي، وتعبئة المجتمع كله، وتسريع النمو، ضرورة لا مناص منها. ويفرض السياق الحالي، الذي يطبعه اشتداد المنافسة الدولية، على مكونات المجتمع المختلفة أن تجنح إلى الحوار والتشاور، مع العمل على التفعيل السريع للأعمال المرسومة، وجعل المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات والمصالح الفئوية».

وثمن المجلس نتائج الحوار الثنائي بين أصحاب المقاولات والنقابات، والنتائج التي توصل إليها خاصة في مجال الوساطة في حل نزاعات الشغل، في حين أشار إلى توقف الحوار الاجتماعي الثلاثي بين الحكومة والنقابات والمشغلين. وأوصى المجلس بتنظيم مناظرة في موضوع «الحوار الوطني حول التعاقدات الاجتماعية الكبرى»، وذلك بهدف تمكين الحكومة والمنظمات النقابية والكونفدرالية العامة لمقاولات المغرب من إطار مؤسسي دستوري لبناء أشكال تقارب وطنية حول الإصلاحات الكبرى المرتبطة بأربعة أبعاد رئيسة، تتعلق بالحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين، وتنافسية المقاولات، والوقاية الاجتماعية، والوقاية من نزاعات الشغل الجماعية وفضها بطريقة سلمية».

وأشار المجلس في تقريره إلى ضعف أثر النمو الاقتصادي وسياسات التنمية الاجتماعية على مستوى الحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية، خصوصا فيما يتعلق بالنساء والشباب، وبوجه أخص المقيمين منهم في القرى، ما يؤدي، حسب التقرير، إلى «إعادة إنتاج اجتماعي للفقر وتفاقم أوجه اللامساواة بسبب الولوج غير المنصف إلى الخدمات الاجتماعية الأساسية، وخصوصا منها التربية، وبسبب غياب مقاربة شاملة للعمل الحكومي تجاه هاتين الفئتين».

وفيما يخص إنعاش دور المرأة في المجتمع، أشار المجلس إلى وجود إكراهات ترجع إلى الصور النمطية الثقافية وإلى غياب التطبيق الصارم للقوانين، وخصوصا في مجال قانون الأسرة، مما يحول دون تحسين ملموس لوضعية المرأة المغربية. وقال إن «هذا يحد من مفعول الخطوات التي حققتها بلادنا على المستوى المؤسسي، وخصوصا منها مقتضيات الدستور. ومن المهم إطلاق أعمال ترمي إلى محاربة التصورات الثقافية التي يطبعها الميز حيال النساء، ليس في وسائل الإعلام والمؤسسات الدراسية فحسب، ولكن أيضا باتجاه الدوائر الاقتصادية والسياسية. أما فيما يخص أوجه اللامساواة في الوسط المهني، فيتعين، علاوة على توسيع الولوج إلى سوق الشغل، مواكبة النساء في مسلسل الولوج إلى الوظائف العليا، بما في ذلك أجهزة الحكامة، عبر اعتماد تدابير تقر تكافؤ الفرص في تطور المسارات المهنية». كما أوصى المجلس بوضع أنظمة من المحاصصة في أفق المناصفة، وتفعيل برامج تكوينية خاصة لفائدة النساء. وبخصوص إصلاح أنظمة التقاعد، أوضح المجلس أنه عرف «تأخرا كبيرا بسبب ضعف جهاز الحكامة القائم على توافق بين الأطراف المتمثلة في الحكومة والنقابات العمالية والمشغلين. وأضاف أن «الضرورة تدعو إلى الإسراع في تحديد توجهات سياسية واضحة حول مختلف العناصر اللازمة لإصلاح نسقي عميق، للتمكن من تجاوز الوضعية الحالية، التي تفضي إلى الرفع من التكلفة المالية والاجتماعية للتدابير التي يتعين اتخاذها».

كما أوصى المجلس بالإسراع في إصلاح نظام دعم المواد الرئيسة. وقال: «إن هناك وعيا متناميا بالمخاطر التي يمثلها الإبقاء على النظام الحالي لدعم الأسعار بالنسبة إلى المالية العمومية، وكذا بمفعولها المحدود في مجال العدالة الاجتماعية.

وأوصى المجلس بإعطاء الأولوية في التوجهات السياسية الكبرى «لمواضيع الإدماج الاقتصادي والاجتماعي، ودعم الحكامة والتوطين الترابي للسياسات العمومية، ومشاركة المواطنين في تصور وتفعيل تلك السياسات».